يستعد العراق لطرح تراخيص جديدة لاستكشاف مواقع نفطية برية وبحرية وسط مخاوف من تدخلات سياسية في عمليات منح التراخيص لشركات دون أخرى، ما قد يؤثر على خطط زيادة إنتاج النفط، المصدر الرئيسي للإيرادات المالية.
وتجري عمليات التحضير لإقامة مؤتمر لطرح التراخيص النفطية في بغداد، بعد غد الأحد، تنظمه لجنة مشتركة من وزارة النفط وخبراء بشركة سومو المسؤولة عن عمليات تصدير النفط العراقي للعالم فضلا عن ممثلين من مكتب رئيس الوزراء.
وساد القلق بعض الشركات والمستثمرين الراغبين في الحصول على تراخيص نفطية بسبب تفاقم الفساد في البلاد وبالتالي إمكانية وجود تدخلات سياسية في موضوع إرساء بعض التراخيص.
ووفقا لمصادر عراقية مطّلعة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الشركات التي ستفوز في جولة التراخيص الجديدة ستحصل على امتيازات مختلفة في المناطق المحددة، وستكون لها أولوية في تطوير واستثمار الحقول الموجودة بالمدن المحررة من تنظيم داعش مستقبلا. وأشارت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، إلى تسجيل شركات من روسيا وأميركا والصين وبريطانيا وغيرها للمنافسة على التراخيص المطروحة.
الخبير بشؤون الاقتصاد وأستاذ معهد النفط ببغداد وليد الحسني، أوضح لـ"العربي الجديد"، أن جولة التراخيص الجديدة "ستكون بمثابة اختبار للحكومة في مدى تصحيح الصورة الحالية حول الفساد".
وأضاف الحسني "يجب أن يستمر المؤتمر لمدة يومين على الأقل"، مشيراً إلى جولة ميدانية قامت بها بعض الشركات لعدة مواقع سيتم طرح تراخيص بالتنقيب عن النفط فيها، كما طالبت شركات أخرى وزارة النفط بقاعدة بيانات كاملة عن الحقول والوضع الأمني في المنطقة وشبكات الطرق والمطارات القريبة حولها.
وتابع أن "هذا يعني اهتماما كبيرا من هذه الشركات، لذا نتمنى من الحكومة أن تسمح لخبراء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) مستقلين بمساعدتها وكذلك خبراء نفط عراقيين، وعليها إبعاد الجانب السياسي كونه أول باب للفساد من خلال تمييز شركات على أخرى بحسب جنسيتها".
مصدر في وزارة النفط العراقية أكد لـ"العربي الجديد"، أن مدة العقود التي ستمنح للشركات ستراوح بين 10 و25 عاما، مبينا أن نسبة العراق من الأرباح لن تقل عن 75% في الحقول التي سيتم فيها إنتاج النفط والغاز.
وأوضح المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن الأولوية ستكون للشركات العالمية والإقليمية المعروفة التي تمتلك خبرة سابقة في مجال التنقيب عن النفط وإنتاجه، مؤكدا أن وزارة النفط تسعى من خلال جولة التراخيص الجديدة إلى توفير مبالغ مالية إضافية لرفد ميزانية الدولة التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد خلال السنوات الماضية.
ولفت إلى أن الرقع النفطية والغازية الواقعة على الحدود مع الكويت وإيران سيتم التعامل معها بعد التنسيق مع الدولتين لضمان عدم حدوث تجاوزات أو تداخل مع الحقول الواقعة ضمن حدود الدولتين.
وأكد المصدر أن جولة التراخيص الجديدة ستشمل 3 رقع على الحدود مع الكويت، هي أم قصر، وجبل سنام، وخضر الماء، وخمس رقع على الحدود المشتركة مع إيران، هي زرباطية، ونفط خانة، والشهابي، والسندباد، والحويزة، ورقعتي كلابات وخشم الأحمر في محافظة ديالى (شرق العراق)، ورقعة أخرى مطلة على مياه الخليج العربي.
وأوضح أنه تم رصد نحو 15 شركة حتى الآن ستتنافس على جولة التراخيص الجديدة المؤمل أن ترفع إنتاج النفط العراقي من أربعة إلى أكثر من 6 ملايين برميل يوميا، مبينا أنه على الشركات التي ستفوز بجولة التراخيص الجديدة الالتزام بشروط عدة، أهمها الاستعانة بالعمال العراقيين، والالتزام ببرامج إزالة الألغام، فضلا عن جلب الخبرات اللازمة لتطوير رقع النفط المكتشفة.
وقال المتحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد، في وقت سابق، إن العراق يعتزم ترسية عقود استكشاف وتطوير النفط والغاز في 11 رقعة جديدة في الخامس عشر من الشهر الحالي، مؤكدا أن سحب وثائق العطاءات سيتاح لشركات النفط والغاز الراغبة في دخول المنافسة، اليوم الجمعة. وأشار إلى أن أسماء الفائزين ستعلن بعد غد، الأحد.
ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة بغداد علي حسين الراوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن جولة التراخيص الجديدة قد توفر موردا ماليا إضافيا لميزانية الدولة. ولفت إلى أن 8 رقع من إجمالي الرقع المطروحة للتراخيص الجديدة تقع على حدود مع دولتين جارتين للعراق وله معهما مشاكل حدودية سابقة.
وأكد أن الغزو العراقي للكويت كان بسبب نزاع نفطي، والحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) كانت أغلب أسبابها اقتصادية متعلقة بالحدود بين الدولتين.
وأضاف الراوي أن "زيادة إنتاج النفط إلى أكثر من ستة ملايين برميل يوميا، إن تمت بالفعل، فستمثل جزءاً من الحل للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد".