الصومال: كوتا المرأة البرلمانية تثير جدلاً سياسياً واجتماعياً

24 يونيو 2020
تعزز الكوتا دور المرأة (عبدالرازق حسين فرح/فرانس برس)
+ الخط -


أثار إقرار البرلمان الصومالي بأغلبية ساحقة قانون حصة المرأة الصومالية في البرلمان (مجلس الشيوخ ومجلس الشعب)، جدلاً واسعاً في البلاد، ففي حين رأى مؤيدو هذه الخطوة أنها تعزز مكانة المرأة سياسياً في المجتمع، اعتبر معارضوها أنها تقطع الطريق أمام رغبة القبائل في تغيير ممثليها في البرلمان، فضلاً عن تداعيات هذا المشروع بتأجيج النزاعات السياسية والقبلية في البلاد.
وحظي قانون كوتا المرأة الصومالية، الذي يقضي بأحقية الصوماليات بنحو 30 في المئة من مقاعد البرلمان، بتأييد 134 نائباً في مجلس الشعب، واعتراض 7 آخرين. وكانت البرلمانات السابقة قد خصصت نسبة 30 في المئة من المقاعد للمرأة، إلا أنها لم تحصل على تلك النسبة بسبب تفضيل القبائل ترشيح الرجال، فيما ينص الاقتراح الجديد على أن تتنافس النساء فقط في المقاعد المخصصة لهن لضمان حصولهن على كامل حصتهن.

وقالت النائبة مريمة هارون، أمام أعضاء البرلمان الصومالي، إن المرأة والرجل متساويان في حق الإدلاء بصوتيهما في الانتخابات، لكن فيما يتعلق بالتمثيل السياسي هناك نقص شديد لوجود المرأة في العملية السياسية، مشيرة إلى أن حصة المرأة حالياً في البرلمان هي 24 في المئة من مقاعده، وهذا التمثيل للمرأة غير كافٍ، ولا بد من تمثيل سياسي أكبر للصوماليات في المشهد السياسي في البلاد. وأوضحت أن دور المرأة لن يقتصر بعد الآن على بيع الخضرة في الأسواق، بل ينبغي أن تبرز الصوماليات في المشهد السياسي من خلال التمثيل والعضوية في البرلمان، لأنه لا تتوافر شروط تعجيزية تذكر، سوى الحصول على شهادة الثانوية.

من جهتها، قالت عضو اللجنة البرلمانية لحقوق الإنسان، زهرة عمر مالن، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك حقوقاً وواجباتٍ يتساوى فيها المرأة والرجل، لا سيما في التمثيل السياسي والاجتماعي، لتقرير مصير الأمة، وهذه الحقوق المفقودة للمرأة هي التي تدفعنا للبحث عنها عبر القوانين". وأشارت إلى أن أعداد النساء في البلاد تربو على 70 في المئة من المجتمع الصومالي، وعلى الرغم من ذلك لا تتعدى حصتها نسبة قليلة من مقاعد البرلمان، مضيفة أن القانون الذي أجازه البرلمان يؤكد المضي قدماً نحو التفكير بمصير الأمة الصومالية بشكل جاد، لأن المرأة كانت المعيل الوحيد للمجتمع أثناء الحرب الأهلية في البلاد.
ورداً على إمكانية حدوث نزاعات قبلية بسبب هذا القانون، قالت إن بعض القبائل الصومالية لديها سيدات في البرلمان، لكن ثمة قبائل لم تمنح مقاعد خاصة للمرأة، وهذا ما يتعارض مع الحصة التي أقرّها الدستور الصومالي، أي أن القبيلة التي لديها ثلاثة مقاعد، لا بد أن تخصص مقعداً للمرأة.

وتبلغ حصة المرأة في البرلمان الصومالي بمجلسيه الشعب والشيوخ 80 مقعداً، منها 67 في مجلس الشعب و13 في الشيوخ، مما يعني أن حصة المرأة الكلية هي 24 في المئة من مقاعد البرلمان.
أما الناشطة عنب حسن علمي، فرأت في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذا القانون سيعزز مكانة المرأة سياسياً في المجتمع، وهو مكافأة لكفاحهن الطويل منذ الحرب الأهلية (1991)، وأن مشاركة المرأة في العملية السياسي تعد بحد ذاتها جزءاً من حل المشكلة الصومالية، من خلال دورهن في الوساطة وحل المشاكل في الحكومات الصومالية. وأشارت إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يجيز البرلمان مشروعاً يخص المرأة الصومالية بدفع من 132 نائباً في مجلس الشعب.


مقابل ذلك، تبرز اعتراضات على الكوتا النسائية. ورأت النائبة في مجلس الشيوخ زمزم طاهر محمود، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك حاجة ملحّة لتخصيص مقاعد خاصة للسيدات من دون ترشيحهن من القبائل، مشيرة إلى أنها تؤيد قرار البرلمان بإجازة قانون حصة المرأة في الصومال. لكنها أضافت أن من المحتمل أن يؤدي القانون الجديد لمشاكل سياسية بين القبائل، وهذا ما سيُفقد الصوماليات مقاعد في البرلمان. وأكدت زمزم أهمية دور المرأة في التمثيل السياسي من خلال عضوية البرلمان، لكن آلية إكسابها لتمثيلها السياسي ربما تكون أحياناً مختلفة ومتنوعة، وهو ما يحتاج إلى جهد كبير من أجل الحد من التعديات السياسية والاجتماعية ضد المرأة الصومالية.

من جهته، رأى النائب السابق في البرلمان محمد محمود جودر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن خطوة البرلمان بإقرار قانون حصة المرأة تخالف الدستور الصومالي، الذي يعطي القبائل حق اختيار ممثليها في البرلمان من الجنسين، مشيراً إلى أن هذه الخطوة غير دستورية، ولها تداعيات وخيمة على النسق الاجتماعي والسياسي في البلاد. وأشار جودر إلى أن أعضاء البرلمان الذين صوّتوا لهذا القانون، يفكرون في العودة إلى مجلس الشعب من جديد، ويريدون الحد من اختيارات شيوخ القبائل لا سيما النائبات في البرلمان، مضيفاً أن القانون يُبقي النواب الحاليين في مقاعدهم من دون أن يحق للناخبين اختيار نواب جدد، وهذا ما سيتعارض مع قانون الانتخابات الجديد.

وأوضح النائب السابق، الذي يسعى للعودة حالياً إلى قبة البرلمان، أن قانون حصة المرأة سيؤدي إلى أزمة سياسية جديدة بين رؤساء الولايات الفيدرالية والحكومة الصومالية، ويحد من قدرة شيوخ القبائل ورؤساء الولايات الفيدرالية على انتخاب ممثليهم، معتبراً أن الحكومة تريد من خلال هذا القانون خلق نزاعات سياسية واجتماعية، لإيجاد مبررات واقعية لتمديد فترة حكمها في البلاد التي ستنقضي بعد سبعة أشهر من الآن.