الصحافة الإسرائيلية: إنها الانتفاضة الثالثة

04 أكتوبر 2015
الشهيدان فادي ومهند (تويتر)
+ الخط -
لم تتردد الصحافة الإسرائيلية، الصادرة صباح اليوم، بإطلاق تسمية الانتفاضة الثالثة على التصعيد الحاصل في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، مع الإشارة إلى أنه حتى لو حاولت الحكومة الإسرائيلية وأجهزة الأمن اختيار أسماء ومسميات أخرى، فإن ذلك لن يغير من حقيقة أن ما يجري هو انتفاضة ثالثة.

وفي هذا السياق، كتب ناحوم برنيع، تحت المانشيت في "يديعوت أحرونوت" يقول إن عدم الاعتراف بأن ما يجري هو انتفاضة، يمكِّن في واقع الحال كلا من القيادة السياسية والعسكرية من التهرب من المسؤولية.

وبحسب برنيع فإن ما يحدث الآن "يشبه في مميزاته وسماته الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت في ديسمبر/كانون الأول 1987 وانتهت في
 التسعينيات. وحالياً تدور أحداثها وراء الخط الأخضر، في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وإذا كان الماضي مرشدا للحاضر، فسوف لن يمر وقت قبل أن تنزلق وتصل إلى بلدات ومدن إسرائيل".

ويلفت برنيع إلى "أن هذه ليست انتفاضة، كما يقول قادة الجيش اليوم، ولكن هذا هو ما قالوه أيضا عن الانتفاضة الأولى". ولا ينسى برنيع أن يحمل نتنياهو المسؤولية عن تدهور الأوضاع بقوله: إن لنتنياهو بصفته من يقف على رأس الحكومة منذ عام 2009، مسؤولية لا يستهان بها عن اليأس وغياب الأمل. فقد آمن أن الوضع القائم "الستاتيكو" سيستمر إلى الأبد، سنجففهم، ونحاصرهم ونستوطن ونحكم ليحنوا رؤوسهم ويسلموا بالأمر، لهذه الدرجة بلغ الغرور" ومع أنهم حذروه بأن إسرائيل ستدفع ثمنا باهظا في الحلبة الدولية، وأن موجات "الإرهاب" في طريقها إلينا، إلا أنه دفن رأسه في الرمل ولم يخرجه إلا ليدير معركة غبية لا أمل في الانتصار فيها ضد الاتفاق مع إيران".

من جهته، اختار المحلل العسكري في "هآرتس" عاموس هرئيل، العودة بالأمور إلى العمليات والإجراءات التي وقعت على مدار الأشهر القليلة الماضية، للقول بأنها شهدت تآكلا في منظومة الكوابح التي أدارتها إسرائيل والسلطة الفلسطينية معا في العقد الأخير. ورأى أنه بدون مواصلة التعاون الحالي، الذي بالكاد يحافظ على الوضع الراهن، فقد تنهار منظومة هذه الكوابح، وأن تجرف معها المناطق الفلسطينية في موجة عنف واسعة، بدأت تظهر بوادرها ميدانيا على الأرض".

وفي هذا السياق، لفتت عميرا هيس، إلى أن سكوت الرئيس محمود عباس عن العملية قبل الأخيرة، بعد مقتل المستوطنين قرب نابلس، لا يعني بالضرورة تأييد العمليات، ولكن الرئيس الفلسطيني خائف، ويخشى من تعزيز قوة حماس في حال وقوع تصعيد عسكري، ومن "الكوارث" التي ستجلبها حماس على الفلسطينيين، لكن التعامل الإسرائيلي الذي يجعل عباس عرضة للسخرية في الشارع الفلسطيني، زاد من ضعفه ويقلل من قوة حججه ضد استخدام السلاح".

إلى ذلك، ينضم المراسل العسكري في يديعوت أحرونوت، يوسي يهوشواع هو الآخر إلى برنيع ليقول: الجميع مشغولون في شرح أسباب كون ما يحدث ليس انتفاضة، لكن الواقع الميداني العملياتي يلزمنا بالاعتراف أن الانتفاضة باتت هنا، وإن كانت لا تدار من قِبلِ قيادة مركزية. بمقدور الجهاز الأمني أن يطلق عليها ما شاء من الأسماء المهم أن يعمل لإيجاد حل لها.

وفي سياق الحلول يلفت نير حسون في هآرتس على ضوء دعوات اليمين المتطرف إلى انتهاج قبضة حديدة وفرض عقوبات جماعية والعودة إلى هدم البيوت والاستيطان، إلى أن كل هذه
 التصريحات "الشعبوية" الهادفة لإرضاء الجمهور بما فيها تغيير أوامر إطلاق النار وعقد جلسات طارئة للكابينيت السياسي والأمني تبقى مجرد كلام معسول وتأثير كل هذه الخطوات مجتمعة، على العمليات الفردية هو تأثير هامشي ويكاد يكون صفرا، وحتى إذا كان لها تأثير، فليس هناك ما يضمن أنه إيجابي.

ويحدد المحلل العسكري، أليكس فيشمان، في "يديعوت أحرونوت" أن المهمة الأولى والملحّة الآن، هي ضمان عدم انتقال ألسنة اللهب المشتعلة في القدس إلى الضفة الغربية.

ويوضح أن "أي تعامل مع الوضع في القدس ومع الفلسطينيين فيها باعتبارهم مواطنين إسرائيليين، سيكون خطأ وأنه يجب معالجة موضوع "التحريض" في ملف المسجد الأقصى". ويخلص إلى القول إنه بات واضحاً للجيش والأجهزة الأمنية أن "أيام احتواء النزاع قد ولت إلى غير رجعة"، وأننا نقترب من مفترق طرق، إما أن نسير لجهة تهدئة الأوضاع و تكريس حياة طبيعية في الضفة الغربية، مع رفع غالبية القيود المفروضة على الفلسطينيين والدخول في مفاوضات، وإما أن نتجه إلى مواجهة شاملة ستجرف معها قطاع غزة.

أما صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو فنقلت عن مقربين من نتنياهو قولهم إن الحكومة الإسرائيلية تستعد لشن عملية برية في الضفة الغربية وتنفيذ اجتياح بري ثان على غرار عملية "السور الواقي" 2002.

وفي هذا السياق، اعتبر نداف شرغاي أن الفلسطينيين عمليا، وعبر العمليات الأخيرة قد يخلقون وضعا يردع فيه اليهود من الوصول إلى حائط المبكى (الاسم الصهيوني لحائط البراق) تماما كما يمتنعون اليوم عن الوصول وعن زيارة قبور أقربائهم وأهاليهم في المقبرة اليهودية على جبل الزيتون.

وادعى شرغاي أن المهمة الأولى التي يتعين على حكومة إسرائيل القيام بها، هي استعادة قوة الردع، عبر أولا إعادة اليهود للاستيطان في شارع الواد داخل البلدة القديمة عند طريق الآلام، التي طُرد منها اليهود على يد سلطات الانتداب البريطاني، بحسب ادعائه.

ووصف شرغاي المستوطن الذي قتل أمس، نحميا لفي، الذي كان يدرس في المدرسة الدينية الاستيطانية المتطرفة في قلب القدس "عطيرت كوهنيم" بأنه من ضمن مجموعة تشكل رأس الحربة والطلائع في العودة إلى القدس، في إشارة إلى نشاط الجمعية المذكورة في شراء بيوت في البلدة القديمة، والاستيلاء عليها لمصلحة المستوطنين.

كما دعا إلى أن تقوم الحكومة الإسرائيلية والمؤسسات الرسمية بهذا الدور، وعدم الاكتفاء بنشاط الجمعيات الاستيطانية، موضحًا أنه على الحكومة الإسرائيلية أن تعمل بدورها لإعادة توطين اليهود داخل البلدة القديمة من القدس المحتلة على امتداد الطريق الموصل إلى حائط البراق. واعتبر بناء على تصريحات فلسطينية أن الانتفاضة الثالثة هنا، وأن الفلسطينيين كانوا حددوا موعدها في نهاية شهر سبتمبر الحالي.

وخلص إلى القول إنه "ثبت أمس أن المعركة الحقيقية تدور حول القدس، وبالتالي على الحكومة الإسرائيلية ألا تبالي بمواقف وردود الأصدقاء أو العالم، وأن تعمل لاستعادة الردع".​


اقرأ أيضاً: #عملية_القدس: زهور فلسطين وشهداؤها
دلالات