الشلل الفنية: من أجل مستقبل أفضل

19 يوليو 2018
ظلمت ظاهرة الشلل فنانين كثيرين (Getty)
+ الخط -
من ليست له شلّة ليس له مستقبل في الوسط الفني. فالموهبة وحدها لا تكفي، والشلّة الفنية، كظاهرة في العملَين السينمائي والتلفزيوني، ليست وليدة اليوم. المعادلة معروفة دائمًا. هناك شلّة فنية مترابطة ليس اختراقها سهلاً، كما أن هناك فنانين ـ ضحايا لأنهم لا شلل لهم. 


شلل قديمة
في زمن الفن الجميل، لم يكن الوسط الفني جميلاً على مستوى العلاقات القائمة بين نجومه، ما جعل الشللية سمته. أشهرها شلّة عبد الحليم حافظ، الذي ارتبط اسمه ببليغ حمدي ومحمد الموجي وعبد الرحمن الأبنودي، وشلة أنور وجدي التي ضمّت ليلى مراد وإسماعيل ياسين وسليمان نجيب المشتركين معًا في أكثر من عمل فني، كـ "ليلى بنت الأكابر" (1953) لأنور وجدي (تأليف وجدي وأبو السعود الإبياري)، وشلة أم كلثوم التي تألّفت منها ومن أحمد رامي ومحمد القصبجي وكمال الطويل.
في التسعينيات الفائتة، كانت أشهر الشلل تلك التي شكّلتها نادية الجندي وزوجها المنتج والممثل محمد مختار والمخرج نادر جلال. ثلاثي حقّق أفلامًا عديدة، كـ "مهمة في تل أبيب" (1992) و"48 ساعة في إسرائيل" (1998) و"الإرهاب" (1989) و"اغتيال" (1996) و"ملف سامية شعراوي" (1988) و"امرأة هزّت عرش مصر" (1995) وغيرها.
لكن أبرز الشلل الفنية متمثّلة في شلّة عادل إمام، الذي يلتقي فيها مع المخرج شريف عرفة والسيناريست والمنتج وحيد حامد والممثلة يسرا. كان لعرفة فنانون مفضَّلون لديه، يتعاون معهم في أفلامه، كما قال ذات مرة في برنامج "صاحبة السعادة" لإسعاد يونس، إذ أشار إلى أنه تعاون مع ممثلين كوميديين كانوا شبابًا حينها، أمثال علاء ولي الدين وأحمد آدم وصلاح عبد الله ومحمد هنيدي، قبل أن يُكوِّن عادل إمام شلّة أخرى مع يوسف معاطي وابنه المخرج رامي إمام.
وتعتبر شلة محمد صبحي الأبرز في تسعينيات القرن الـ20، التي عمل مع أفرادها في المسرح والدراما التلفزيونية، وهم عبد الله مشرف وجميل راتب ومجدي صبحي وشوقي طنطاوي وزينب وهبي وعزة لبيب وريم سعيد وشعبان ثروت وهناء الشوربجي ومحمود أبو زيد، الذين قدّموا معًا مسرحيات عديدة، كـ"وجهة نظر" و"كارمن" و"سكة السلامة" و"لعبة الست"، إلى مسلسلي "يوميات ونيس" و"فارس بلا جواد".


يوسف وآل العدل
لم تتخلّ السينما عن ظاهرة الشللية، إذْ دائمًا تنشأ شلل فنية متنوّعة يعمل المنضمّون إليها معًا ولا يسمحون باختراقها. للمخرج خالد يوسف شلّة من مساعدين له في الإخراج كأحمد عفيفي ومحمد حمدين صباحي وتامر الدسوقي، بالإضافة إلى الممثلين صبري فواز وهاني سلامة وعمرو سعد وسامح الصريطي وعمرو عبد الجليل ورامي غيط وأحمد وفيق. علمًا أن هذه الشلّة تضمّ أيضًا صحافيين وسياسيين تعاون معهم يوسف في أفلامه، كالكاتب الصحافي إبراهيم عيسى والسياسي حمدين صباحي.

إلى ذلك، هناك شلة معروفة باسم "العدلية". ففي حوار أجرته معه بسمة وهبي في برنامجها التلفزيوني "شيخ الحارة"، قال المنتج جمال العدل، إنّ لـ "العدلية" فنانين مرتبطين بها، كـ يسرا ومحمد هنيدي، علمًا أن يسرا متعاونة مع المخرج هاني خليفة في أعمالها الأخيرة التي أنتجتها "العدل جروب". وفي المجال الإنتاجي نفسه، هناك شلة أحمد السبكي. كثيرون يخلطون بين أعمال هذا المنتج وأعمال شقيقه محمد، الذي انتقد مرارًا أعمال الأول، إذْ قال، في تصريحات تلفزيونية، إنه مستاء من أفلام شقيقه الخاصة بمجموعته، والتي تضمّ الراقصتين دينا وصافيناز والمطربين سعد الصغير ومحمود الليثي، وهي شلة مرتبطة بشكل وثيق بأعمال أحمد السبكي.



ضد الشللية 

لا تقتصر السينما على هذه الشلل الفنية فقط، فهناك كثير منها في تاريخ السينما الذي لا يخلو، في الوقت نفسه، من فنانين ظلمتهم ظاهرة الشلل فغابوا عن الشاشة الكبيرة لهذا السبب. فالشللية دفعت فنانين كثيرين إلى انتقاد هذه الظاهرة، كما فعلت منة فضالي التي قالت، في تصريحات صحافية مختلفة، إنها تُفكّر مرارًا في اعتزال التمثيل، "لأن الوسط الفني لم يعد كما كان سابقًا، فهو خاضعٌ للشللية والمصالح الشخصية". أما إيمان البحر درويش، فقال إنّ الشللية بين الفنانين تتحكّم في مسألة الحصول على فرص عمل، وهي سبب رئيسي في عدم ظهور مواهب كثيرة. 

من جهتها، طرحت أمل رزق مبادرة فنية لمواجهة ظاهرة الشلل الفنية، بدعوتها الفنانين والمنتجين والمخرجين جميعهم، الذين يعانون آثارها السلبية، إلى الاتحاد معًا لتقديم أعمال فنية من دون أجر، والسعي إلى تسويقها للفضائيات الحالية، مشيرة إلى أنه بعد التسويق "يحصلون على أجورهم كاملة". وأكّدت رزق أن هدف دعوتها إلى هذه المبادرة "النهوض بالفن، وتقديم أعمال فنية راقية، وفى الوقت نفسه إتاحة الفرصة لكثيرين كي يعملوا، بعد أن باتوا من دون عمل"، لافتةً الانتباه إلى أن هذه المبادرة "عمل تطوعي"، داعية المتضررين جميعهم منها إلى المشاركة فيها "إنْ أرادوا". لكن المبادرة هذه لم تلق أي استجابة من الفنانين.
المساهمون