وبعد إعلان ممثلين عن مجلسي النواب والدولة عن اتفاقهم، قبل يومين، على البدء في إعادة تشكيل المجلس الرئاسي، ومنح حكومته الثقة بعلم البعثة الأممية، أكد مصدر برلماني من طبرق أن "فايز السراج اتفق على بقائه رئيساً للمجلس الرئاسي صحبة عضوين فقط، بدلاً من تسعة، كما أنه سيترأس الحكومة الجديدة".
وأوضح المصدر، لـ"العربي الجديد"، أن "عبد السلام نصية، ممثل مجلس النواب، لا يزال في طرابلس صحبة عدد آخر من النواب، لدراسة عدد من الأسماء المرشحة مع مجلس الدولة لشغل منصب العضوين الجديدين، سيكون أحدهما عن الشرق، والآخر عن الجنوب، فيما يمثل السراج الغرب"، مؤكداً أن السراج سيترأس حكومة مصغرة ينصبّ اهتمامها على الإشراف على إجراء الاستفتاء على الدستور، ومن ثم الانتخابات.
وعن الأسباب التي تقف وراء الخطوة، قال المصدر إنها "جاءت بضغط دولي، لأن توحيد الحكومة سيكفل توحيد المؤسسات السيادية المنقسمة باستثناء مؤسسة الجيش، التي تم تأجيل النقاش حولها إلى ما بعد الانتخابات"، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي سيدعم الانتخابات ومخرجاتها السياسية في حال توحدت المؤسسات فـ"بعض الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ترفض دعم مؤسسات سياسية جديدة في ظل استمرار الانقسام المؤسسي، وبالتالي تكرار المشهد السابق".
وفيما أكد المصدر أن الإعلان عن السلطة التنفيذية الجديدة جاء بالاتفاق مع السراج، على أن لا يتجاوز إعلانها نهاية أكتوبر/ تشرين الأوَّل المقبل، أشار إلى أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر أكد على حضوره مؤتمر روما، الذي سيتوسط انعقاده الجهود الليبية الداخلية، شريطة أن ينهي المؤتمر مسألة المجموعات المسلحة في طرابلس، وإعادة النظر في الدستور قبل طرحه على الاستفتاء، وإجراء الانتخابات على أساس قوانين مؤقتة.
وفي غضون ذلك، تشهد طرابلس حراكا متزايدا بشأن المجموعات المسلحة فيها، التي يبدو أنها التأمت تحت مسمى جديد عُرف باسم "قوة حماية طرابلس"، ولا تزال الحكومة تنأى بنفسها عن الحديث عنها ومنحها شرعيتها، فيما لا تزال لجنة تنفيذ الترتيبات الأمنية تراوح مكانها من دون فعل ملموس على الأرض.
وشهدت طرابلس، ليل أمس الأحد، اشتباكات مسلحة في منطقة النجيلة غرب طرابلس، بين مجموعة مسلحة منحدرة من الزنتان، غرب البلاد، اسمها "قوة الأمن العام" يقودها عماد الطرابلسي، أحد قادة مليشيات الزنتان إبان حرب "فجر ليبيا" عامي 2014 و2015 من جهة، ومليشيا مؤلفة من مسلحي قبيلة ورشفانة تسكن النجيلة من جهة أخرى، من دون أن تتضح أسباب القتال، لكنها أكدت استمرار تشظي العاصمة بين مليشيات لا تزال تحكم سيطرتها على مناطق فيها، وتحاول فرض نفسها بالقوة.
من جانب آخر، أعلنت "قوة حماية طرابلس"، على صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، ليل الأحد، وبعد ساعات من توقف الاشتباكات، عودة كل من وصفتهم بـ"أسود القوة" لـ"ممارسة أعمالهم الأمنية في العاصمة بعد انتهاء الاشتباكات واستتباب الوضع في جنوب المدينة".
ونشرت القوة صوراً للقيادي في مليشيا "ثوار طرابلس"، محمد البكباك، والمقرب من آمرها هيثم التاجوري، وهو يرتدي بذلة زي قوات الأمن العام، وعرفته بصفة "رائد"، معتبرة أنه إحدى أهم الشخصيات العسكرية التي شاركت في "جهود حفظ الأمن".
وحتى الآن، لم تعلن قوتا "الأمن العام" و"حماية طرابلس" ما إذا كان انتشارهما في الأيام الأخيرة في تقاطعات طرق طرابلس جاء بأمر من لجنة الترتيبات الأمنية، أم أنه تصرف فردي منها. كما أنهما لم يعلنا عن موقفهما من بعضهما حتى الآن، فمحمد البكباك هو أحد قياديي مليشيا "ثوار طرابلس" التي شاركت بقوة في حرب "فجر ليبيا" ضد مليشيات الزنتان التي كان عماد الطرابلسي أحد قادتها.
وفيما يبدو أن المليشيات تعيد تمركزها مجدداً تحت مسميات جديدة، وسط اختفاء قادتها السابقين (هيثم التاجوري قائد ثوار طرابلس، واغنيوة الككلي قائد قوة التدخل السريع، وعبد الرؤوف كاره قائد قوة الردع الخاصة)، تحسباً واستعداداً لتغيرات سياسية قد تشهدها طرابلس، لم تعلن الحكومة ووزارة الداخلية موقفها بشكل واضح من هذه المجاميع المسلحة الجديدة.
من جهته، قال رئيس لجنة التواصل والترتيبات الأمنية المشكلة من قبل داخلية الحكومة، رمضان زرموح، في تصريح صحافي أمس، إن لجنته "ما زالت تتابع عن كثب تنفيذ عملها، ومحاولة تكثيف الجهود لإطفاء المعارك والاشتباكات التي تنشب بسبب المجموعات المسلحة داخل طرابلس"، مشيراً إلى أنه تواصل مع قادة المجموعات المسلحة "الذين شددوا على ضرورة وجود إجراءات أمنية تحسن الوضع العام".
وأكد زرموح أن "وزارة الداخلية هي المسؤولة عن بسط الأمن والحماية داخل العاصمة من خلال الشرطة والأجهزة الأمنية، وليس الأسلحة الثقيلة والرشاشات، من خلال تكليف كل مديريات الأمن بطرابلس وجنوب وغرب العاصمة"، من دون أن يوضح موقف لجنته من المجموعات المسلحة المسيطرة حالياً على العاصمة.