تتماثل ظروف تأسيس الحركة الدادائية، التي يمر على انطلاقها مئة عام، مع ظروف المهاجرين في أوروبا الآن. إذ أطلق الحركة سنة 1916 مجموعة من الفنانين المهاجرين والمناهضين للحرب العالمية الأولى، وتزامن إطلاقها مع انتشارها كأول حركة عالمية، إذ كان لها أتباع في برلين ونيويورك وباريس وطوكيو.
"متحف سرسق" في بيروت يستعيد هذه الحركة، بمناسبة مرور قرن عليها، في معرض عالمي ينطلق في الثالث من آذار/ مارس بتنظيم من السويسريين جوري شتاينر وستيفان تزفايفل بعنوان "الدادائية الكونية، موت الفن.. تعيش الدادائية"، والذي يضم مجموعة من أعمال أشهر الفنانين في هذه الحركة، وربما تكون الأعمال المشاركة بصدد زيارة المنطقة العربية لأول مرة، والتي تعرض في الأساس في "متحف سويسرا الوطني".
المعرض لن يضم فقط أعمال فنية، بل نصوصاً أدبية، إضافة إلى أنه سيتطرّق إلى التأثير العالمي للحركة، الذي انتقل آنذاك إلى السريالية والبانك وحركة زيوريخ الفتية، والتي ما زال تأثيرها مستمراً إلى اليوم. وسيقدّم كل من شتاينر وتزفايفل البحث الذي قاما به من أجل إقامة هذا المعرض، وسيعرضان الأعمال المفتاحية التي أسّست للحركة.
من جهة أخرى، يشرح المنظّمان كيف تظهر الدادئية وأساليبها في عبثية الراهن والفن الذي يعبّر عنه، إذ تأسّست الحركة بهدف الاحتجاج على عنف الحرب والفقر وجنون ذلك العصر، داعيةً إلى ثورة حقيقية على الأنظمة والأشكال التقليدية في الفن والمجتمع.
تأتي هذه الاستعادة في وقتها، فعدد الفنانين المهاجرين منذ بداية الأحداث الدامية في منطقتنا عام 2011، قد يلفت إلى قدرة هؤلاء على تكوين حركات احتجاجهم الخاصة، والمستمدّة من تقنيات وأساليب هذا العصر.