وبحسب مصدر، فضل عدم ذكر اسمه، وتحدث إلى "العربي الجديد"، فإن رفض الحوثيين يأتي بسبب صيغة الدعوات من قبل الأمم المتحدة وتقسيم الأطراف إلى متمردين وسلطة. وأكد المصدر، أن طائرة الأمم المتحدة غادرت صنعاء، مساء أمس السبت، بدون الوفد المشارك في مشاورات جنيف، مشيراً إلى أن رفض الحوثيين يهدد بنسف العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة. من جهتها، أشارت وكالة "الأناضول" إلى أنّ "الحوثيين يرفضون المشاركة في مؤتمر جنيف، قبل ساعات من انعقاده". وجاء رفض وفد الحوثيين وحلفائهم مغادرة صنعاء إلى جنيف للمرة الثانية في غضون يومين متتالين ليهدد بإطاحة أي فرصة لانعقاد المؤتمر، ما لم يتم التوصل إلى تسوية تتيح مشاركة الحوثيين.
وينظر الكثير من المتابعين للوضع في اليمن إلى أن الجهود الحالية من قبل الأمم المتحدة للخروج بحل سياسي ينهي الأزمة في البلاد، انطلاقاً من مؤتمر جنيف قد لا يُكتب لها النجاح في الوقت الحالي.
واستبقت الأمم المتحدة بدء أولى جلسات مؤتمر جنيف بتصريحات تؤكد أن الآمال المعوّلة عليه تراجعت إلى أدنى الحدود، إذ لم يعد احتمال التوصل أو حتى بدء الإعداد لتسوية سياسية من ضمن الأهداف الأكثر إلحاحاً في المؤتمر مقابل التركيز على إقناع الأطراف التي ستحضر جلساته بـ"إجراء محادثات من دون شروط بما يؤدي إلى هدنة إنسانية بأسرع وقت"، من دون أن تغفل أهمية التذكير بضرورة التوصل إلى تسوية سياسية.
اقرأ أيضاً: آمال ضعيفة على جنيف اليمني... وتأجيل تقني إلى الاثنين
تراجع فرص انعقاد وحتى نجاح مؤتمر جنيف يعود إلى جملة من الأسباب الموضوعية والتعقيدات السياسية والميدانية. أهم هذه الأسباب عدم وجود تطور حاسم على الأرض، وغياب الثقة بين الأطراف المعنية. في المقابل، فإن الوضع الإنساني والواقع الذي يأخذه الصراع المسلح، لا يجعلان من مواصلة الخيار العسكري أمراً يمكن الجزم بنجاحه.
وتشدد الحكومة اليمنية على ضرورة تنفيذ القرار الدولي 2216 الذي يطالب الحوثيين بوقف العمليات العسكرية والانسحاب من المدن، أو على الأقل التنفيذ الجزئي له بالانسحاب من بعض المدن، كشرط لإثبات حسن النية في طريق إيقاف المواجهات.
وفي الواقع، فإن تنفيذ القرار، بشكل كلي، من قبل الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، يواجه صعوبات، إذ ليس هناك قوات نظامية جاهزة لاستلام المدن، بالإضافة إلى حسابات أخرى تدفعهم لعدم الاستجابة للمطالب.
ووفقاً لذلك، يبدو المطلب الأكثر واقعية، والذي طرحه مسؤولون، منهم نائب الرئيس ورئيس الحكومة، خالد بحاح، هو المطالبة بالانسحاب من بعض المدن، ومن عدن على وجه التحديد. ومن الممكن أن تصبح العملية السياسية أكثر قيمة، إذا ما تم تنفيذ هذا المطلب، فعدم التجاوب مع أي المطالب يعني خسارة الطرف الذي استدعى التدخل العربي لحماية "الشرعية"، وهو أمر يصعب القبول به.
وتذهب أغلب تصريحات المسؤولين اليمنيين، وكذلك آراء بعض المحللين، إلى أن المفاوضات بعد تغيير، ولو جزئياً لموازين القوى على أرض الواقع، تزيد من فرص الحل السياسي. وبحسب هذا الرأي، فإن الذهاب إلى المفاوضات في حين أن الموازين على الأرض لا تزال في خدمة الحوثي وصالح، يعني رفع سقفهم في التفاوض وتقليل فرص استجابتهم لمطالب الشرعية، أو على الأقل، القبول بأن يكونوا جزءاً من عملية سياسية جديدة وليس المتحكم بها.
اقرأ أيضاً هدنة عدن: هل تكون مخرجاً للحوثيين من أزمتهم؟
من زاوية أخرى، فإن الأطراف المناصرة لـ"الشرعية"، تخشى من أن أي هدنة تتوقف بموجبها الغارات الجوية للتحالف، قد يستفيد منها الحوثيون ويحاولون تحقيق انتصارات وإعادة التموضع، كما حصل في الهدنة السابقة التي استمرت لخمسة أيام، منتصف مايو/أيار الماضي، وذلك ما ذكرته بيانات "المقاومة الشعبية" في أكثر من محافظة خلال الأيام الماضية، إذ عبرت عن رفضها لحوار جنيف قبل "التزام الانقلابيين بتنفيذ القرار الدولي، أو من دون وجود ضمانات بالتزامهم بالهدنة وعدم استغلالها".
على الصعيد الدولي والإقليمي، فإن التوجس الواضح من جنيف، ينطلق من تجربة الأمم المتحدة برعاية مؤتمرات لم تصل إلى حل.
من جهةٍ ثانية، فإن جهود الأمم المتحدة جاءت لتبدو كبديل عن "مؤتمر الرياض" الذي انعقد في الـ17 وحتى 19 من شهر مايو/أيار الماضي. وكان من المقرر أن يكون النقطة التي تنقل الوضع في اليمن من العمليات العسكرية إلى عملية سياسية، غير أنه أخفق في ذلك وتحول إلى مؤتمر خاص بالقوى المؤيدة لـ"الشرعية".
وفي السياق، لا يمكن فصل الوضع في اليمن عن التجاذبات الإقليمية والدولية، والصراع بين طهران والرياض، إذ إن كل طرف يسعى لقطع الطريق على نفوذ الآخر أو الخروج بأقل الخسائر. وهناك أطراف لا يهمها من ينتصر بقدر ما تسعى لتحويل اليمن إلى "مستنقع لاستنزاف السعودية" بإطالة أمد الحرب، باعتبارها الجار المباشر المتأثر باليمن، فيما إيران لا ترتبط بأي حدود تهددها بشكل مباشر.
على الرغم من الدوافع التي تقلل من أهمية الجهود السياسية، وتحديداً مؤتمر جنيف على وجه التحديد، إلا أن هناك معطيات أخرى، يقول مؤيدوها إنها تستدعي الخروج سريعاً إلى العملية السياسية. وأهم هذه المعطيات، أن نحو 26 مليون يمني يعيشون تحت الحرب والحصار بأوضاع إنسانية تزداد تدهوراً كل يوم، مع انعدام شبه كامل للخدمات كالكهرباء فضلاً عن تعطل المدارس والجامعات والكثير من المصالح. وهو الأمر الذي لم يعد اليمنيون يهتمون معه بالتوصيفات والحسابات السياسية، بقدر ما أصبحوا يأملون الخروج السريع من الأزمة، مهما كانت المحصلة.
وعلى الجانب العسكري والميداني، يرى بعضهم أن الحرب وصلت إلى مرحلة يمكن أن تستمر فترة أطول لكن لا يُنتظر معها تطور مفصلي حاسم.
اقرأ أيضاً: جنيف اليمني... حوار في الوقت الضائع