تجار خارج الرقابة...الأسواق العشوائية تغزو شوارع الجزائر
أعاد شهر رمضان، إحياء ظاهرة الأسواق العشوائية في العاصمة الجزائر، والتي لجأ إليها الكثير من الشباب لكسب بعض المال، وسط ارتياح المواطنين، في ظل الأسعار المقبولة التي تباع بها السلع في هذه الأسواق، مقارنة بتلك المعروضة عبر المحلات التجارية، الأمر الذي اعتبره تجار يمثل خطراً على أعمالهم.
من "باب الزوار" شرق العاصمة إلى "أولاد فايت" غربا و" بئر خادم" جنوبا وغيرها من البلديات، لا ترى عين المتجول سوى باعة جائلين حوّلوا الشوارع إلى أسواق مفتوحة.
يقول باعة ممن يطلق عليهم في الجزائر "التجار الفوضويين" إن البطالة وظروف المعيشة دفعتهم إلى المخاطرة بشراء سلع من خضر وفواكه ومواد غذائية وغيرها لعرضها في نقاط بيع عشوائية، مضيفين أن أسعارهم لا تثقل كاهل المواطنين.
"العربي الجديد"، التقت الشاب رضا صاحب طاولة لبيع الفواكه في حي "باب الوادي" الشعبي في العاصمة، الذي يقول إنه "وضع عدة طلبات عمل في وكالات التشغيل ولم يتلق أي رد وحاول عدة مرات مع البلدية من أجل الاستحواذ على محلٍ في الأسواق التجارية إلا أن المحسوبية حالت دون تحقيق ذلك".
ويضيف أن" شهر رمضان هو فرصة له من أجل كسب بعض المال حيث اقترض بعض النقود من أجل شراء الفواكه، وعرضها في سوق فوضوية موسمية تقام كل شهر رمضان في الحي الذي يقطنه".
وعلى طاولة مجاورة وقف الشاب جلال الدين عارضا بعض الأواني، قائلا إنه تعود كل سنة خلال شهر رمضان على نصب طاولته أسفل العمارة التي يسكن فيها، وهو نفس الشيء الذي يقوم به أغلب شباب الحي من العاطلين عن العمل.
واللافت أن هذه الأسواق تشهد تهافتا كبيراً من جانب المواطنين، ولم يقتصر الأمر على الفقراء وأصحاب الدخل المتوسط بل حتى من ميسوري الحال.
ويقول عبد القادر بوجردة أحد المواطنين لـ"العربي الجديد" إنه "يفضل شراء ما يحتاج إليه من هذه الأسواق بالنظر لقربها من مسكنه من جهة ومن أجل الأسعار المقبولة، مقارنة بالأسواق التجارية المرخصة".
ووفق عائشة عسلوني فإنها توفر قرابة 200 دينار (1.7 دولار) في كل مرة تشتري فيها من الأسواق الفوضوية، مقارنة بالأسواق النظامية".
ويشكو المواطنون من ارتفاع أسعار مختلف السلع، بعد أن أقرت الحكومة زيادة جديدة في أسعار الوقود وضريبة القيمة المضافة مطلع العام الجاري.
وما زاد من ارتفاع الأسعار، لا سيما في المحلات التجارية والأسواق الرسمية، لجوء الحكومة إلى كبح الاستيراد من أجل الحد من استنزاف احتياطي النقد الأجنبي، في ظل تراجع الإيرادات النفطية بسبب انخفاض أسعار الخام عالمياً.
وبات الإقبال الكبير على هذه الأسواق يزعج التجار، الذين يرونها تجاوزاً صارخاً على حقوقهم وتقصيرا من الجهات الرسمية التي يدفعون لها مصاريف الإيجار والضرائب.
ويقول الحاج الطاهر بولنوار رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين لـ"العربي الجديد" إن "عدد نقاط البيع العشوائية ارتفع من 2600 نقطة بيع فوضوية العام الماضي في مختلف أنحاء الجزائر إلى قرابة 2750 نقطة هذا العام ويتزايد نشاطها خلال شهر رمضان".
ويضيف أن الجمعية راسلت وزارة التجارة عدة مرات من أجل إيجاد حل لمشكلة الأسواق الفوضوية، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات، مشيرا إلى استمرار غلق بعض الأسواق القديمة وعدم استغلالها بالرغم من حاجة المواطنين إليها بسبب البيروقراطية، وتداخل الصلاحيات بين الهيئات المحلية والمؤسسات العمومية وغياب التنسيق بين المصالح التجارية والهيئات المحلية.
ويشير إلى "ضرورة تسوية وضع المساحات الشاغرة، لإيجاد بديل للأسواق الفوضوية وتنظيم التجارة وحماية القدرة الشرائية للمتسوقين"، معتبرا أن التجارة الموازية أضحت تشكل خطرا كبيراً على الاقتصاد وتسبب خسارة للخزينة العمومية تفوق 250 مليون دولار سنوياً.
ويقول إن "السوق الموازية أصبحت وسيلة لتسويق نحو 80% من المواد المقلدة ومنتهية الصلاحية والسلع المهربة، سواء في رمضان أو غيره من الشهور، وأضحت عقبة أمام مشاريع الاستثمار بانتشار المنافسة غير الشرعية التي تنفر المستثمرين المحليين والأجانب".
وكانت الحكومة قد أعلنت في أكثر من مناسبة عزمها على القضاء على الأسواق العشوائية، إلا أنها عجزت عن فعل ذلك بالرغم من صدور عدة قوانين ومراسيم وزارية تلزم رؤساء البلديات بالقضاء على أي نقطة عشوائية لعرض السلع، ما جعلها في مواجهة انتقادات جمعيات التجار وحتى جمعيات حماية المستهلكين.
ويقول سيد أحمد بنور، مسؤول التنظيم ومكافحة الغش في مديرية التجارة بمحافظة الجزائر العاصمة، إن "هناك نحو 140 سوقا في العاصمة هذا العام مقابل 150 العام الماضي، منها العشرات سبق وأن أغلق أو تم إزالته نهائيا السنة الماضية".
اقــرأ أيضاً
وفي خضم هذا الصراع بين تجار الأسواق الفوضوية والجهات الرسمية والتجار، دخلت المنظمات والجمعيات الممثلة للمستهلك المعادلة، معتبرة أن الظروف التي تعرض فيها السلع للبيع بالأسواق تمثل خطراً على صحة الجزائريين.
ويقول مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك لـ"العربي الجديد": "إذا كانت الخضر والفواكه قد لا تتأثر كثيرا بالظروف المناخية، فإننا اليوم اليوم نرى أمورا أخرى تعرض للبيع في الأسواق الفوضوية في هذه الأيام الحارة تحت أشعة الشمس كالجبن والمايونيز والعصائر والمشروبات الغازية وعلب التونة، وهذا يعرضها للتلف وذلك بخلاف الحديث عن مراقبة تاريخ صلاحيتها أو توفر المعلومات حول مصنعيها".
ويضيف أن "بعض بارونات الاستيراد والتخزين في الجزائر يمولون الأسواق الفوضوية بالسلع المغشوشة، والتي وصلت مدة صلاحيتها إلى النهاية، حيث يعرضونها على التجار بأسعار منخفضة ونجدها في شوارعنا وأمام أعين الجميع، ولا أحد يتحدث عنها للأسف".
من "باب الزوار" شرق العاصمة إلى "أولاد فايت" غربا و" بئر خادم" جنوبا وغيرها من البلديات، لا ترى عين المتجول سوى باعة جائلين حوّلوا الشوارع إلى أسواق مفتوحة.
يقول باعة ممن يطلق عليهم في الجزائر "التجار الفوضويين" إن البطالة وظروف المعيشة دفعتهم إلى المخاطرة بشراء سلع من خضر وفواكه ومواد غذائية وغيرها لعرضها في نقاط بيع عشوائية، مضيفين أن أسعارهم لا تثقل كاهل المواطنين.
"العربي الجديد"، التقت الشاب رضا صاحب طاولة لبيع الفواكه في حي "باب الوادي" الشعبي في العاصمة، الذي يقول إنه "وضع عدة طلبات عمل في وكالات التشغيل ولم يتلق أي رد وحاول عدة مرات مع البلدية من أجل الاستحواذ على محلٍ في الأسواق التجارية إلا أن المحسوبية حالت دون تحقيق ذلك".
ويضيف أن" شهر رمضان هو فرصة له من أجل كسب بعض المال حيث اقترض بعض النقود من أجل شراء الفواكه، وعرضها في سوق فوضوية موسمية تقام كل شهر رمضان في الحي الذي يقطنه".
وعلى طاولة مجاورة وقف الشاب جلال الدين عارضا بعض الأواني، قائلا إنه تعود كل سنة خلال شهر رمضان على نصب طاولته أسفل العمارة التي يسكن فيها، وهو نفس الشيء الذي يقوم به أغلب شباب الحي من العاطلين عن العمل.
واللافت أن هذه الأسواق تشهد تهافتا كبيراً من جانب المواطنين، ولم يقتصر الأمر على الفقراء وأصحاب الدخل المتوسط بل حتى من ميسوري الحال.
ويقول عبد القادر بوجردة أحد المواطنين لـ"العربي الجديد" إنه "يفضل شراء ما يحتاج إليه من هذه الأسواق بالنظر لقربها من مسكنه من جهة ومن أجل الأسعار المقبولة، مقارنة بالأسواق التجارية المرخصة".
ووفق عائشة عسلوني فإنها توفر قرابة 200 دينار (1.7 دولار) في كل مرة تشتري فيها من الأسواق الفوضوية، مقارنة بالأسواق النظامية".
ويشكو المواطنون من ارتفاع أسعار مختلف السلع، بعد أن أقرت الحكومة زيادة جديدة في أسعار الوقود وضريبة القيمة المضافة مطلع العام الجاري.
وما زاد من ارتفاع الأسعار، لا سيما في المحلات التجارية والأسواق الرسمية، لجوء الحكومة إلى كبح الاستيراد من أجل الحد من استنزاف احتياطي النقد الأجنبي، في ظل تراجع الإيرادات النفطية بسبب انخفاض أسعار الخام عالمياً.
وبات الإقبال الكبير على هذه الأسواق يزعج التجار، الذين يرونها تجاوزاً صارخاً على حقوقهم وتقصيرا من الجهات الرسمية التي يدفعون لها مصاريف الإيجار والضرائب.
ويقول الحاج الطاهر بولنوار رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين لـ"العربي الجديد" إن "عدد نقاط البيع العشوائية ارتفع من 2600 نقطة بيع فوضوية العام الماضي في مختلف أنحاء الجزائر إلى قرابة 2750 نقطة هذا العام ويتزايد نشاطها خلال شهر رمضان".
ويضيف أن الجمعية راسلت وزارة التجارة عدة مرات من أجل إيجاد حل لمشكلة الأسواق الفوضوية، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات، مشيرا إلى استمرار غلق بعض الأسواق القديمة وعدم استغلالها بالرغم من حاجة المواطنين إليها بسبب البيروقراطية، وتداخل الصلاحيات بين الهيئات المحلية والمؤسسات العمومية وغياب التنسيق بين المصالح التجارية والهيئات المحلية.
ويشير إلى "ضرورة تسوية وضع المساحات الشاغرة، لإيجاد بديل للأسواق الفوضوية وتنظيم التجارة وحماية القدرة الشرائية للمتسوقين"، معتبرا أن التجارة الموازية أضحت تشكل خطرا كبيراً على الاقتصاد وتسبب خسارة للخزينة العمومية تفوق 250 مليون دولار سنوياً.
ويقول إن "السوق الموازية أصبحت وسيلة لتسويق نحو 80% من المواد المقلدة ومنتهية الصلاحية والسلع المهربة، سواء في رمضان أو غيره من الشهور، وأضحت عقبة أمام مشاريع الاستثمار بانتشار المنافسة غير الشرعية التي تنفر المستثمرين المحليين والأجانب".
وكانت الحكومة قد أعلنت في أكثر من مناسبة عزمها على القضاء على الأسواق العشوائية، إلا أنها عجزت عن فعل ذلك بالرغم من صدور عدة قوانين ومراسيم وزارية تلزم رؤساء البلديات بالقضاء على أي نقطة عشوائية لعرض السلع، ما جعلها في مواجهة انتقادات جمعيات التجار وحتى جمعيات حماية المستهلكين.
ويقول سيد أحمد بنور، مسؤول التنظيم ومكافحة الغش في مديرية التجارة بمحافظة الجزائر العاصمة، إن "هناك نحو 140 سوقا في العاصمة هذا العام مقابل 150 العام الماضي، منها العشرات سبق وأن أغلق أو تم إزالته نهائيا السنة الماضية".
ويضيف بنور في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "لا يمكن القضاء على هذه الأسواق في رمشة عين، خاصة وأنها تحوي أكثر من 4 آلاف تاجر، وبالتالي يجب وضع مخطط لإدماج هؤلاء التجار في أسواق مرخصة من خلال منحهم بعض الإغراءات كتخفيض سعر إيجار المحلات أو منحهم عقود الملكية، كما فعلنا في العديد من المرات".
ويشير إلى أن عملية الإدماج تواجه بعض العراقيل، منها غياب الوعاء العقاري لبناء أسواق جديدة، كما تواجه المديرية في الكثير من المرات رفض التجار الولوج إلى الأسواق المرخصة بحجة بعدها عن التجمعات السكنية أو لارتفاع سعر الإيجار أحيانا، بالرغم من أنه سعر رمزي تحدده البلدية التي تقع في إقليمها السوق.وفي خضم هذا الصراع بين تجار الأسواق الفوضوية والجهات الرسمية والتجار، دخلت المنظمات والجمعيات الممثلة للمستهلك المعادلة، معتبرة أن الظروف التي تعرض فيها السلع للبيع بالأسواق تمثل خطراً على صحة الجزائريين.
ويقول مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك لـ"العربي الجديد": "إذا كانت الخضر والفواكه قد لا تتأثر كثيرا بالظروف المناخية، فإننا اليوم اليوم نرى أمورا أخرى تعرض للبيع في الأسواق الفوضوية في هذه الأيام الحارة تحت أشعة الشمس كالجبن والمايونيز والعصائر والمشروبات الغازية وعلب التونة، وهذا يعرضها للتلف وذلك بخلاف الحديث عن مراقبة تاريخ صلاحيتها أو توفر المعلومات حول مصنعيها".
ويضيف أن "بعض بارونات الاستيراد والتخزين في الجزائر يمولون الأسواق الفوضوية بالسلع المغشوشة، والتي وصلت مدة صلاحيتها إلى النهاية، حيث يعرضونها على التجار بأسعار منخفضة ونجدها في شوارعنا وأمام أعين الجميع، ولا أحد يتحدث عنها للأسف".
المساهمون
المزيد في اقتصاد