تعدّ هذه الإطلالة الإعلامية الأولى للأسد بعد مجزرة خان شيخون (4 أبريل/نيسان الحالي) والضربة الأميركية على مطار الشعيرات العسكري (7 أبريل/نيسان الحالي)، لكن رغم الأحداث المستجدة، لم يطرأ أي تغيير على خطاب الأسد.
أنكر مجدداً ارتكاب مجازر في سورية، بل شكّك أصلاً في حصول مجزرة خان شيخون، واصفاً إياها بـ "المسرحية"، ومعتبراً الفيديوهات والصور المتناقلة عن فظائعه، تماماً كـ "أصحاب القبعات البيض"، كلها "مفبركة"، ولا يمكن التحقق منها.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحدث، إذ ابتسم الأسد متذاكياً، وسأل "هل أطفال خان شيخون أموات أصلاً؟"، ليردّ عليه الإعلامي بابتسامة، كأنهما وحدهما يعرفان "حقيقة" ما يحصل في سورية، بل بدا كيتز لوهلة مؤيداً الأسد في آرائه كلها، فالمواطنون السوريون متهمون بـ "الإرهاب" كلهم، باستثناء الأسد وعائلته ومؤيديه، وبالتالي فإن قصف المدنيين وقتلهم "حق"، حتى لو أنكر فعل ذلك.
وتبنى مجدداً رواية المحللين العسكريين الروس حول مجزرة خان شيخون، طارحاً أسئلة متذاكية أخرى، من نوع "لماذا سنضربها؟" كأن كل جرائمه السابقة مبررة، و"كيف لم يستعمل أفراد طاقم الإنقاذ قفازات؟"، وغيرها.
إن مراجعة مواقف الأسد الآن لن تغير أي شيء في حقيقة أنه ديكتاتوري يواصل قتل شعبه وتجويعه وتهجيره منذ ست سنوات، لكن السؤال حول أسلوب الإعلامي في "فرانس برس" خلال المقابلة يطرح نفسه تلقائياً.
ماذا يعني مثلاً سؤال كيتز للأسد "بعد ست سنوات، ألا تشعر بالتعب؟"، هل تحاول الوكالة تقديم الأسد كإنسان، مثله مثل أي إنسان آخر، يشعر بـ "التعب"؟ والتعب من ماذا تحديداً؟ التعب من القتل والتدمير؟
والأسد كان حاضراً للاستفادة من هذه الفرصة، مجيباً أن "لا شيء يضغط عليه، لا الوضع السياسي ولا العسكري، باستثناء الوضع الإنساني في سورية". وكرر الإجابة نفسها، رداً على سؤال "ما يؤرقك ليلاً؟"، لكنه أوضح أن هذا "الأرق" جراء "الوضع الإنساني في سورية"، يعاوده "من وقت إلى آخر" فقط لا غير. فعلاً، الأمور محلولة كلها، ما دام الأسد ينعم بنوم هانئ فوق جثث الآلاف.
والردّ الأكثر سريالية في المقابلة هو قول الأسد "ليس هناك حكم لعائلة الأسد في أي حال من الأحوال في سورية"، معقباً ردَّه بضحكة هستيرية، لم يفوت الإعلامي فرصة مشاركتها، تعليقاً على تصريح وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون أن "حكم عائلة الأسد شارف على النهاية".
وأكد بعدها أن خان شيخون ليست "انتكاسة" بالنسبة إليه، وهي العبارة نفسها التي استخدمها كيتز، للحديث عن مجزرة كيماوية أوقعت أكثر من 150 قتيلاً ومئات الجرحى.