يشتكي أبناء قبيلة العواقير شرقي بنغازي من عمليات الخطف والاغتيالات التي تزايدت وتيرتها في المدينة في الآونة الأخيرة، ما أعاد للأذهان الشكوك حول الشعارات التي رفعها اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، إبان إطلاق ما يسمى "عملية الكرامة" منتصف عام 2014، بدعوى حماية أبناء المدينة من الاغتيالات والاختطافات والإرهاب.
ونظم عدد من شباب وأهالي قبيلة العواقير، في الأيام الأخيرة، وقفات احتجاجية أمام مقار عامة بالمدينة مستنكرين عمليات الخطف والاغتيال، وطالبوا أجهزة حفتر بالإفراج غير المشروط عن ابنهم النقيب فرج قعيم، الذي يشغل منصب وكيل وزارة داخلية حكومة الوفاق، والمغيب بسجون حفتر منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ويشير بيان المحتجين إلى عودة وتيرة الاغتيالات والتفجيرات إلى الارتفاع مجدداً في المنطقة الشرقية رغم إعلان قوات حفتر عن انتهاء العمليات العسكرية في بنغازي وسيطرتها عليها وتطهيرها من "الإرهاب" بحسب وصفها.
لكن مراقبي الوضع في البلاد يؤكدون على أن حفتر يسعى منذ فترة للتخلص من شركاء الأمس بعد بسط قواته السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد، بسبب صحوة تنتاب العديد من الزعامات القبلية التي قدمت دعمها لحفتر حول أهدافه الحقيقية، ويبدو أن أولها وأبرزها كانت في أوساط قبيلة العواقير التي شكلت أراضيها وأبناؤها منطلقا لـ"عملية الكرامة" والدعم الأول لحفتر.
وشدد المحتجون على ضرورة اضطلاع المدعي العسكري والمحامي العام بمهامهما بالكشف عن جرائم الاختطافات والقتل خارج القانون، مهددين باتخاذ إجراءات تصعيدية.
ووصف المحتجون هجوم قوات حفتر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على منطقة برسس شرق بنغازي المعقل الرئيس لقوات القبيلة والذي حصر داخله النقيب قعيم قبل اختطافه بـ"الهجوم الغاشم" معتبرين أن بوابة برسس كانت حصنا منيعا على المتطرفين "قبل أن توجد عملية الكرامة".
وجاءت الوقفة الاحتجاجية بعد محاولة اغتيال الشيخ موسى النمر أحد زعامات قبيلة العواقير السبت الماضي بمنطقة سوق غرب بنغازي بواسطة سيارة مفخخة انفجرت أمام بيته. وتساءل المحتجون عن أسباب تعرض أبناء القبيلة لحوادث الاغتيالات والتي كان آخرها اغتيال المسؤول البارز في مجلسها البلدي، صلاح قليوان العقوري، الأسبوع الماضي بمنطقة الأبيار.
وكان من أبرز الشخصيات العسكرية المنحدرة من هذه القبيلة العقيد المهدي البرغثي الذي أعلن انشقاقه عن حفتر وانضمامه للاتفاق السياسي ليتولى حقيبة وزير الدفاع بحكومة الوفاق، وبعد اغتيال عمدة القبيلة، الشيخ بريك اللواطي، الذي يعد من ابرز المعارضين لحفتر في مايو/ أيار الماضي زاد الاحتقان في أوساط القبيلة ليذهب بعيدا إلى معارضة معلنة حيث أيد شيوخها تنصيب حكومة الوفاق لابنها قعيم وكيلا لوزارة الداخلية وليتم استقباله في وفد قبلي رسمي بمطار بنغازي ويصل مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني إلى مناطق برسس وسط حماية قبلية مسلحة.
وبعد تطور موقف القبيلة المعارض من خلال إعلان قعيم عقد اجتماع مع ضباط وعسكريين بالمنطقة الشرقية يوم السبت في الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين الأول الماضي لتنصيب قائد عام للجيش فيما عد انقلابا عسكريا صريحا على حفتر، مما حدا بالأخير إلى استباق الأحداث بالهجوم في اليوم ذاته على معسكرات القبيلة وتمركزاتها المسلحة في برسس بمساندة دعم جوي كثيف تم خلاله كسر شوكة القبيلة عسكريا واعتقال قعيم.
ويؤكد مراقبو الشأن الليبي أن الصدامات القبلية من المتوقع تزايدها فحلف حفتر مع مؤيديه في برقة سواء من أنصار النظام السابق أو أنصار التيار الفدرالي أو القبائل لم يجتمع إلا على مصالح آنية يبدو أن تسرع حفتر في إعلان سيطرته على بنغازي سيسرع من ظهورها على السطح بشكل أوضح.