اعتداء واغتصاب وذبح بالسكاكين... تفاصيل الأربعاء الأسود في السويداء السورية
لا تزال الصدمة تخيّم على السوريين عقب يوم واحد من اعتداء تدور حوله الشبهات، نفذه تنظيم "داعش" الإرهابي على مدينة السويداء وريفها الشرقي، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 200 مدني بينهم نساء وأطفال، في وقت تحدثت فيه مصادر محلية عن حالات اغتصاب وذبح بالسكاكين، مؤكّدة أن عناصر التنظيم أخذوا معهم مدنيين كرهائن مع انسحابهم من المنطقة.
وأشارت مصادر مختلفة إلى أنّ 221 مدنياً قتلوا في الاعتداء، بينهم 17 امرأة، و5 أطفال، مبينةً أن عائلات فقدت معظم أفرادها باشتباكات مع مسلحي التنظيم في قرى شرقي السويداء.
وروى ناشطون أنّ مسلحي تنظيم "داعش" اقتحموا المنازل، وقاموا بتصفية مدنيين داخلها، مشيرين إلى مقتل عدد كبير من عائلة "مقلد" من قرية رامي، في الريف الشرقي للسويداء.
واقتحم التنظيم، أمس الأربعاء، في اعتداء "هو الأعنف"، قرى عدّة في السويداء على امتداد نحو 20 كيلومترا، وهي: الشبكي، الرشيدي، الشريحي، غيضة، حمايل، دوما، طربا، رامي.
وأكد ناشطون محليون أنه "تم توثيق أكثر من عشر حالات اغتصاب في قريتي رامي والشريحي بحق عدد من النساء ثم قتلهن، ولوحظ أن عددا من الضحايا تم ذبحهم باستخدام السكاكين"، مشيرين إلى أن المجازر "أدت إلى موجة كبيرة من النزوح للأهالي، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، من هذه القرى باتجاه المناطق الأكثر أمناً والبعيدة نسبياً ضمن المحافظة".
كما أكدت مصادر محلية أن عناصر تنظيم "داعش" أخذوا بعد انسحابهم "رهائن يقدر عددهم بنحو 40 من قرية الشبكي، معظمهم من النساء والأطفال باتجاه مناطق تمركز التنظيم في البادية الشرقية، كما قام مسلحو التنظيم بحرق بعض البيوت قبيل انسحابهم"، وفق المصادر.
وقالت إن "خلايا نائمة للتنظيم في منطقة اللجاة (الحدود الشمالية الغربية لمحافظة السويداء)، تسللت إلى قريتي المتونة، والسويمرة الواقعتين على طريق دمشق السويداء والمحاذية شرقاً لمنطقة اللجاة وارتكبت مجزرة استهدفت المنازل النائية، وقتلت عدداً من الأسر، منها أسرة نازحة إلى المحافظة".
وعن الاعتداء، قال جبر الشوفي وهو معارض للنظام من أبناء السويداء، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "هذا الهجوم جاء بعد تهديديات الروس للمحافظة، وطلبهم تسليم النظام أكثر من خمسين ألف شاب فارين من الخدمة في قوات النظام، وهذا مرفوض"، مبيناً أن "النظام يريد وضع المحافظة في منطقة التخويف والفزع من تنظيم داعش، من أجل أن تلجأ إليه، وتطلب حمايته عبر رموزها التقليديين من الدينيين والاجتماعيين والبعثيين، ليهيمن كلياً وينهي أي عصيان على سلطته".
وعقد اجتماع في الواحد والعشرين من الشهر الجاري، في مقر مشيخة عقل طائفة "الموحدون الدروز"، ضم عدداً من الضباط الروس ومشايخ العقل وعددا من وجهاء المحافظة التقليديين، بهدف دفع مشايخ العقل والوجهاء للضغط على الشباب الذين تخلفوا عن الالتحاق بقوات النظام خلال السنوات السابقة والبالغ عددهم حوالي 53000 شاب، للالتحاق بهذه القوات ليكونوا تحت تصرف الروس في مخافرهم في محافظة درعا المتاخمة للسويداء من الجهة الغربية، "ولم يحظ الطلب الروسي بتجاوب من المشايخ والوجهاء"، وفق مصادر مطلعة.
ويعدّ هذا الاعتداء الأول من نوعه الذي يضرب محافظة السويداء التي بقيت بلا أحداث جسام وعمليات عسكرية طيلة سبع سنوات، هي عمر الثورة السورية على النظام الذي حرص على معاملة الدروز معاملة "خاصة"، كي لا ينضموا إلى الثورة، وهو ما كان من شأنه تغيير دفة الصراع برمته ربما.
وحمّلت مصادر محلية، النظام السوري المسؤولية عمّا جرى في السويداء، مشيرة إلى أنّ "النظام سمح، عن قصد أو عن غير قصد، بوصول عناصر تنظيم داعش إلى السويداء، حين أخرج عناصر التنظيم من جنوبي دمشق قبل أشهر بالحافلات، ونقلهم إلى ريف السويداء الشمالي الشرقي".
وتقع محافظة السويداء إلى الجنوب الشرقي من العاصمة السورية دمشق، وهي من المحافظات السورية صغيرة المساحة إذ تبلغ نحو 5 آلاف كيلومتر مربع، ولها حدود جغرافية مع الأردن من ناحية الجنوب، فيما يحدها من الشمال ريف دمشق، ومن الغرب درعا، ومن الشرق البادية السورية وصولاً إلى المثلث السوري الأردني العراقي.
وبلغ عدد سكان السويداء التي يقطن فيها بدو سوريون إلى جانب أكثرية من الطائفة الدرزية نحو 700 ألف نسمة في عام 2011، إلا أن عدداً من سكانها، خصوصاً الشباب منهم، هاجروا إلى دول أوروبية إبان سنوات الثورة، على غرار باقي مكونات الشعب السوري.