استشهاد أبو عين يُحرج السلطة: لا قرارات "ثورية"

رام الله

نائلة خليل

نائلة خليل (فيسبوك)
نائلة خليل
صحافية فلسطينية، مراسلة ومديرة مكتب موقع وصحيفة "العربي الجديد" في الضفة الغربية.
12 ديسمبر 2014
9CBB4CDD-B68A-4B9E-A2B6-78BE49435126
+ الخط -
يُشكّل استشهاد وزير "هيئة شؤون الجدار والاستيطان" زياد أبو عين، تحدياً حقيقياً للقيادة الفلسطينية، ويضعها أمام محكّ جديّ لم يكن في الحسبان، فإما أن تتخذ قرارات صعبة على مستوى الحدث، أو تبقى في مربعها الذي لم تغادره على مدار السنوات الماضية، رافعة شعار "التريث والانتظار"، وبالتالي عليها احتمال المزيد من ضغوط الإحباط والاتهامات التي يوجهها لها الرأي العام الفلسطيني.

ويرى محللون وكتّاب، أن "السلطة مضطرة إلى اتخاذ موقف كبير وجذري، لأن إسرائيل قتلت قياديا من الصف الأول للسلطة، وفي الوقت عينه تخشى القرارات الصعبة، خوفاً على تدمير ما بَنَتَه عبر المسارات الدبلوماسية وكسبها اعترافات دولية ورمزية". من جهتها، كانت أوساط متابعة تتوقع أن "يتم اتخاذ قرارات حاسمة، مساء اليوم الجمعة، بعيداً عن الانفعالات"، قبل أن تؤجل القيادة موعد اجتماعها إلى يوم الأحد، بحسب معلومات "العربي الجديد".

واعترف أعضاء في القيادة الفلسطينية، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأن "اجتماع القيادة، مساء الأربعاء، لم يخرج بأي قرار، بل غرق في المزيد من المماطلة والتسويف". حتى إن بعضهم وصف الاجتماع بـ"سمة البدن، والمراوحة في مكان واحد"، بعد موافقة القيادة على اقتراح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، الذي دعا إلى التأني، وعدم اتخاذ أي قرارات صعبة إلا بعد التوجه إلى مجلس الأمن يوم الاثنين المقبل.

وأدى ذلك الموقف الركيك، إلى أن يفصح أحد أعضاء اللجنة التنفيذية، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك خللا في طريقة اتخاذ القرار في النظام السياسي الفلسطيني، وهذا ما تجلّى الأربعاء".

من جهتها، قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنان عشراوي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "هناك قرارات جاهزة، المهم الإرادة السياسية بالتنفيذ". وأكدت أنه "لدينا خطة متكاملة من الخطوات المتتالية، وكل ما علينا هو البدء بالتنفيذ".

وتوضح "بالفعل بدأنا هذه الخطوات عندما دعونا الأطراف السامية إلى الاجتماع، ودعونا مجلس حقوق الإنسان إلى إجراء تحقيق، وطالبنا بحماية دولية للفلسطينيين، وطالبنا الأمم المتحدة باعتبار قطاع غزة منطقة منكوبة". ولفتت إلى أن "القيادة الآن بصدد استصدار قرار من مجلس الأمن، والتوقيع على ميثاق روما للانضمام إلى المحكمة الجنائية، وإعادة تعريف علاقتنا بالاحتلال". وشددت عشراوي "لا أريد أن أستبق التنفيذ، لكن يجب أن تكون هناك قرارات".

أما عضو اللجنة التنفيذية قيس عبد الكريم، فأبدى اعتقاده في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأن "جريمة الأربعاء، تتجاوز كل الخطوط الحمراء، وتقصم ظهر البعير، ولا بد من اتخاذ قرار، وإلا فإن حكومة بنيامين نتنياهو ستتجاوز كل الخطوط الحمراء، وعلينا الإسراع بالانضمام إلى اتفاقية روما، على الأقل حتى تدرك حكومة الاحتلال أن خياراتنا جدية وتحسب لنا ألف حساب".

وشكّل الاختبار غير المتوقع الذي وقعت فيه القيادة الفلسطينية، مشكلة كبيرة، عبر استشهاد أحد وزرائها الذي كان يقوم بفعالية سلمية، وهي زراعة الأشجار في أراض فلسطينية محتلة عام 1967، شمال مدينة رام الله، تسعى إسرائيل إلى الاستيلاء عليها. أي أن الاحتلال قتل أبوعين؛ لأنه زرع شجرة في أرض دولة فلسطين المهددة بالاستيطان.

الفعالية التي لم يلقَ فيها حجر واحد، ما يعني أنها تنسجم مع رؤية القيادة الفلسطينية للمقاومة السلمية بحرفيتها، لم تُوَاجه سوى بالعنف من جنود الاحتلال الذين يثبتون كل يوم أن السياسة الفلسطينية السلمية لا تعنيهم، لأن كل فلسطيني مستهدف.

فضرب أحد الجنود أبوعين بخوذته، ما تسبب في كسر أسنانه، وقام أيضاً بإطباق يديه على رقبة أبوعين، متسبباً بنقص في حركة الدم أدى إلى استشهاده، كما أكد تقرير الطب الشرعي الذي شارك فيه أطباء من الأردن، وطبيب إسرائيلي.

وترأس اللجنة رئيس الطب العدلي الفلسطيني صابر العالول. وعلى الرغم من أن التقرير الطبي واضح وشاركت فيه جهة محايدة وهي الأردن، إلا أن الطبيب الإسرائيلي رفض التوقيع على التقرير النهائي. وفي الساعات الأولى لإعلان نبأ استشهاد أبوعين، وقف عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" اللواء جبريل الرجوب في مستشفى رام الله الحكومي، حيث الجثمان، معلناً أن "السلطة قررت وقف التنسيق الأمني بينها وبين إسرائيل"، الأمر الذي لم يحدث، ولم تعلن عنه المصادر الفلسطينية الرسمية، لكن الرجوب يعرف تماماً ما يريده الشارع الفلسطيني من قرارات.

لذلك لم يكن تصريح عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" جمال المحيسن لتلفزيون "فلسطين" الرسمي، صباح أمس الخميس، بعيداً عن هذا السياق، حين قال "إسرائيل تعرف الثمن الذي تدفعه لو توقف التنسيق الأمني".
ويرى المحلل السياسي عبد المجيد سويلم، أن "القيادة الفلسطينية لم تأخذ قرارات، مساء الأربعاء، لأنها ما زالت تدرسها وترغب في استكمال النقاش حولها". وتابع في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "القيادة الفلسطينية ستأخذ قرارات هامة وأصبحت معروفة، ومنها تجميد التنسيق الأمني، سيكون هناك نوع من رد الفعل، لكن ليس المنفعل".

وفي الوقت الذي يرى المحلل السياسي أحمد عوض، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "السلطة الفلسطينية غير معنية بقرارات تفتح باب المواجهة مع إسرائيل، لذلك ستخرج بقرارات حمّالة الأوجه، من بينها التلويح بقطع التنسيق الأمني، وهو مكلف جداً، لذلك من الممكن أن تذهب السلطة نحو تجميده شهراً أو أكثر، وكذلك التلويح بالذهاب إلى المحاكم الدولية، وأبرزها محكمة الجنايات الدولية. أما القرار الأكيد فسيكون تعميق فكرة المقاومة السلمية الشعبية".

ويتابع: "استشهاد الوزير أبوعين ترك القيادة الفلسطينية عارية، فالكل بات يعرف الآن أن لا حصانة لأحد أمام آلة القتل الإسرائيلية"، مؤكداً "السلطة الفلسطينية ليست طارق بن زياد حتى تحرق سفنها عبر قطع التنسيق الأمني بشكل كامل".

وفي الوقت الذي ما تزال فيه وسائل الإعلام الفلسطينية مشغولة بما قاله لها الوزير الشهيد صباح استشهاده "اليوم سأحرج إسرائيل"، في إشارة إلى فعاليته السلمية لزرع أشجار الزيتون في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، بات خطر الإحراج الحقيقي يهدد القيادة الفلسطينية التي ينتمي لها أبوعين، وبات لزاما عليها أن تتخذ قرارات سياسية جادة وتكسر دائرة التريث والانتظار.

ذات صلة

الصورة
فعاليات اليوم الوطني لنصرة غزة والأسرى في الضفة الغربية، 3 أغسطس 2024 (العربي الجديد)

سياسة

أحيا الفلسطينيون، اليوم السبت، فعاليات اليوم الوطني والعالمي لنصرة غزة والأسرى في معظم محافظات الضفة الغربية، وذلك على وقع تواصل الاغتيالات
الصورة

سياسة

ووري رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشهيد إسماعيل هنية الثرى في قطر، اليوم الجمعة، بعد جنازة شعبية ورسمية شهدت حضور مسؤولين من عدة دول.
الصورة
صورة نشرها الاحتلال في وقت سابق زاعماً أنها لقائد القسام محمد الضيف (إكس)

سياسة

ادعى جيش الاحتلال، في بيان، اليوم الخميس، أنه نجح الشهر الماضي في الوصول إلى القائد العام لـ"كتائب القسام"، محمد الضيف، وهو ما نفته حماس من قبل.
الصورة
نور أبو العجين وسط عائلتها في رام الله، 29 يوليو/ تموز 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

لم يكن والد نور أبو العجين يحتاج للاتصال بعائلته في دير البلح في غزة، ليبلغها بتفوق ابنته في امتحانات الثانوية العامة، إذ بادروا مهنّئين.