04 فبراير 2016
إنهم يبتهجون بقتل العرب
ليس أهل الغرب هم الذين يبتهجون بقتل العرب أو الصهاينة، إنما العرب أنفسهم يبتهجون بقتل أنفسهم. هناك في العالم من يكره العرب ويخاصمهم، مثل الصهاينة، وربما يصيبه الارتياح، وهو يرى العرب يقتّلون وتسفك دماؤهم. لكن، بالتأكيد هناك عرب يعبّرون عن فرحتهم وسرورهم، عندما يرون أبناء العرب مضرجين بدمائهم في الوديان، وعلى سفوح الجبال وفوق رمال الصحراء وتحت الركام.
أرى السعادة تعلو وجه المذيع، وهو يزف لنا خبر مقتل جنود عرب يقف هو ضدهم، وأرى الاستبشار على وجوه الذين يتعمدون الاستماع لهذا المذيع، لأن موقفه من موقفهم. لا تصبر القناة التلفازية على زفّ الخبر الذي تعتبره هي مفرحاً، وإنما تتعجل النقل، وتزفه لنا فوراً، لكي نشاركها الفرحة على السريع. قنوات تلفازية تقف ضد النظام السوري، والاغتباط يلفها وهي تقول لنا إن عشرين جندياً سورياً قد تم قتلهم. أما قناة أخرى تؤيد النظام السوري، فسرعان ما تعمل على إسعادنا بنقل خبر حول مقتل ثلاثين إرهابيا. واللافت أن القنوات لا تقول لنا إن القتلى عرب، إنما من جنود النظام أو الإرهابيين. ليس العرب بالنسبة لهذه القنوات المستهدفين، إنما فقط يتم استهداف "السفلة والمنحطين" من الطرف الآخر الذين يعملون على تخريب الساحة العربية، طمعا بالسلطان والمال.
كل هؤلاء القتلى الذين تعقد القنوات لقتلهم حفلات الفرحة والابتهاج عرب، وفي الغالب، هم عرب من المساكين والفقراء الذين يجرّهم أصحاب المصالح إلى أتون الحرب، ليصنعوا منهم أبطالاً مزيفين، يموتون من أجل غيرهم الذين تتطلب مصالحهم إشعال الحروب. أبناء العرب المسحوقون هم وقود الحروب، وأمهات هؤلاء المسحوقين هن اللواتي يفقدن أبناءهن وأزواجهن، ولا ينمن الليالي الطوال، حزناً وألماً وبكاء وعويلاً. لم تخل حروب التاريخ من الزيف والكذب والمصالح، بل أغلبها شهدت الفقراء وقوداً وأصحاب المصالح سادة لا يمسهم السوء. وهكذا هو الأمر على الساحة العربية، وتلعب بالمواطن العربي أكاذيب الأنظمة التي تحمل اللمسات الوطنية والقومية، ومساخر المناهضين لها، وخصوصاً من المتدينين الذين يحملون مفاتيح الجنة والنار وصلاحية توزيع الحور العين على المعتوهين الذين يتوهمون أن الملائكة ستكون في استقبالهم لزفهم إلى الحسناوات.
الاقتتال الذي يجري على الساحة العربية ليس اقتتالاً من أجل إقامة العدل، أو من أجل حسن
التوزيع، إنما هو من أجل مصالح خاصة للذين يقودونها ويمولونها، ويشعلون نيران الفتن والضغائن. مصلحة الأمة العربية غائبة، على الرغم من أن كل الأطراف تتاجر بها. النظام السياسي يريد طول العمر، وهو مستعد لقتل الناس، وتدمير بيوتهم، وتخريب معاملهم ومصالحهم، من أجل كرسيه، والمناهضون له يمعنون بقتل الناس، باسم الله ودفاعاً عن تعاليمه، ولا أظن أن الله بحاجة لقتالهم، أو إقامة كلمته في الأرض من خلالهم. ومع هذا، يتسابق أولاد الفقراء والمساكين عن غير وعي، لأخذ دورهم النجس في هذه الجرائم التي تقترف بحق العرب. ولا يقل ممولو هؤلاء المناهضين سوءاً عن النظام، أو عن قيادة المناهضين، لأنهم يدعمون الفتن ويصبون الزيت على النار، من أجل أن تبقى النار مشتعلةً، وتزداد اشتعالاً.
معروف جيداً أن الله سبحانه وتعالى لم يوفق الحكام العرب، على الرغم من دعوات خطباء يوم الجمعة لهم بأن ينالوا التوفيق. كل دعوات الخطباء، أكثر من ستين عاماً، باءت بالفشل الذريع، ولم يستجب رب العالمين لأحد منهم، وربما السبب أن الخطباء قد يكونون منافقين وكاذبين، أو أن الحكام العرب لا يستحقون التوفيق، ولا يسعون إليه.
يشكل المذيع والمذيعة أدوات للأنظمة وللمقتتلين. أنت، أيها المذيع، ما الذي يلاطم خدك لتجعل من نفسك نذير سوء، ومنفراً، وأداة بيد الخنازير الذين يشعلون الحرب، ويقتلون أبناء العرب؟ أنت موظف ولك راتب، وربما لا يوجد لديك مصدر دخل عداه، وأنت، في النهاية، مجبر على أداء الدور السيئ الذي تقوم به. لكن، من الضروري أن توازن بين مصلحتك الخاصة المتمثلة بالراتب ومصلحة الأمة. وإن كنت مؤمنا بالله، ومسلماً صالحاً، عليك أن تعرف أن السير في طريق السوء لا تغفره المصالح الخاصة.
وأنتِ، أيتها المذيعة، ما الذي يدفعك إلى عملٍ يفسد العلاقات بين الناس، وأنت لا ناقة لك ولا بعير بهذا الصراع الدموي الدائر على الساحة العربية. تعب ذووك عليك من أجل أن تتعلمي وتحسّني فرصك المالية والاجتماعية والوظيفية في هذه الحياة، ولم يكن الهدف من التعليم المراءاة والنفاق والكذب؟ وإن كنت مؤمنة بهذه الأمة ورفعتها وسؤددها، فاعلمي أن هذا لن يتحقق إلا بالوضوح والصراحة والدفاع عن الحق والوقوف ضد الظلم. وإن كنت مؤمنةً، فاعلمي أن نصيبك في الآخرة سيكون متوازناً مع عملك في الدنيا.
أيها المذيع، أيتها المذيعة: نحن بحاجة إليكم ولعملكم. لكن، إن لم يكن صادقاً مع الناس، فإنه يرتد سلباً، ويلحق أضراراً كبيرة بالجميع. مفهوم أن الأنظمة القبيحة وأعداءها الذين فضلوا القبح على النقاء يريدون منكم لعب دور غير الدور الذي تشتهون. هؤلاء يزجّون بكم إلى ميدان الكذب والنفاق، من أجل أن تظهر وجوهكم أنتم بالقبح، وليس وجوههم. هم هناك في صوامعهم وقصورهم لا يظهرون، وإنما يقولون للناس ما يريدون من خلالكم، والكثير مما تقولونه بالنيابة عنهم كذب ودجل وتضليل، ويزيغ كثيراً عن الحق والصدق، ويتوحد مع الباطل، من أجل تأجيج النفوس بالمزيد، ليبقى الدم نازفاً.
تفاءل الناس بالحراك العربي، منذ بدأ في تونس، وكان أملهم أن يتم إنجاز شيء ضد الأنظمة العربية، يؤدي إلى نهوض الحرية في الوطن العربي. لم تكن الآمال على قدر النتائج، وتدخلت أنظمة عربية ضد أنظمةٍ نكايةً، ومن منطلق الكراهية والرغبة في تحقيق تأييد على الساحة العربية. أين هي الديمقراطية الآن؟ تغلبت العرب قراطية (الديمقراطية على الطريقة العربية) على الديمقراطية، وبهذا نستطيع أن نقول إن التقليد العربي هزم التقليد الغربي. لم تقم الديمقراطية، وبدلاً منها قامت حفلات القتل والتعذيب وتمزيق النسيج الاجتماعي والانهيار الأخلاقي. ولهذا، نعود إلى السؤال الذي على قنوات التلفاز العربية أن تجيب عنه: لماذا تقحمون أنفسكم في صراعاتٍ، تدفعون ثمنها أنتم والمواطن العربي عموما؟
المشكلة الكبيرة أن عامة الناس يقعون، عادةً، فرائس لتأجيج المشاعر، ويندفعون للتصرف وفق مصلحة الذي أجج مشاعرهم. المنتفعون يستعملون، عادةً، المصالح الوطنية والدينية، لتهييج المشاعر، ويضخون تحليلات كثيرة في الناس، من أجل دفعهم نحو المشاركة. الناس العاديون يتحركون تبعاً لمشاعرهم الوطنية والدينية، فيظنون فعلاً أنهم يدافعون عن قضية تستحق التضحية. ولهذا، تكثر الخطابات الوطنية والدينية وقت الأزمات، ويتم تعبئة مثقفين ومفكرين عديدين، لحمل لواء الفتن وثقافة القتل وسفك الدماء. والنتيجة دائما خسارة الفقراء والمساكين وعلو المفتنين بالمزيد. ولهذا علينا أن نبقى متيقظين.
أرى السعادة تعلو وجه المذيع، وهو يزف لنا خبر مقتل جنود عرب يقف هو ضدهم، وأرى الاستبشار على وجوه الذين يتعمدون الاستماع لهذا المذيع، لأن موقفه من موقفهم. لا تصبر القناة التلفازية على زفّ الخبر الذي تعتبره هي مفرحاً، وإنما تتعجل النقل، وتزفه لنا فوراً، لكي نشاركها الفرحة على السريع. قنوات تلفازية تقف ضد النظام السوري، والاغتباط يلفها وهي تقول لنا إن عشرين جندياً سورياً قد تم قتلهم. أما قناة أخرى تؤيد النظام السوري، فسرعان ما تعمل على إسعادنا بنقل خبر حول مقتل ثلاثين إرهابيا. واللافت أن القنوات لا تقول لنا إن القتلى عرب، إنما من جنود النظام أو الإرهابيين. ليس العرب بالنسبة لهذه القنوات المستهدفين، إنما فقط يتم استهداف "السفلة والمنحطين" من الطرف الآخر الذين يعملون على تخريب الساحة العربية، طمعا بالسلطان والمال.
كل هؤلاء القتلى الذين تعقد القنوات لقتلهم حفلات الفرحة والابتهاج عرب، وفي الغالب، هم عرب من المساكين والفقراء الذين يجرّهم أصحاب المصالح إلى أتون الحرب، ليصنعوا منهم أبطالاً مزيفين، يموتون من أجل غيرهم الذين تتطلب مصالحهم إشعال الحروب. أبناء العرب المسحوقون هم وقود الحروب، وأمهات هؤلاء المسحوقين هن اللواتي يفقدن أبناءهن وأزواجهن، ولا ينمن الليالي الطوال، حزناً وألماً وبكاء وعويلاً. لم تخل حروب التاريخ من الزيف والكذب والمصالح، بل أغلبها شهدت الفقراء وقوداً وأصحاب المصالح سادة لا يمسهم السوء. وهكذا هو الأمر على الساحة العربية، وتلعب بالمواطن العربي أكاذيب الأنظمة التي تحمل اللمسات الوطنية والقومية، ومساخر المناهضين لها، وخصوصاً من المتدينين الذين يحملون مفاتيح الجنة والنار وصلاحية توزيع الحور العين على المعتوهين الذين يتوهمون أن الملائكة ستكون في استقبالهم لزفهم إلى الحسناوات.
الاقتتال الذي يجري على الساحة العربية ليس اقتتالاً من أجل إقامة العدل، أو من أجل حسن
معروف جيداً أن الله سبحانه وتعالى لم يوفق الحكام العرب، على الرغم من دعوات خطباء يوم الجمعة لهم بأن ينالوا التوفيق. كل دعوات الخطباء، أكثر من ستين عاماً، باءت بالفشل الذريع، ولم يستجب رب العالمين لأحد منهم، وربما السبب أن الخطباء قد يكونون منافقين وكاذبين، أو أن الحكام العرب لا يستحقون التوفيق، ولا يسعون إليه.
يشكل المذيع والمذيعة أدوات للأنظمة وللمقتتلين. أنت، أيها المذيع، ما الذي يلاطم خدك لتجعل من نفسك نذير سوء، ومنفراً، وأداة بيد الخنازير الذين يشعلون الحرب، ويقتلون أبناء العرب؟ أنت موظف ولك راتب، وربما لا يوجد لديك مصدر دخل عداه، وأنت، في النهاية، مجبر على أداء الدور السيئ الذي تقوم به. لكن، من الضروري أن توازن بين مصلحتك الخاصة المتمثلة بالراتب ومصلحة الأمة. وإن كنت مؤمنا بالله، ومسلماً صالحاً، عليك أن تعرف أن السير في طريق السوء لا تغفره المصالح الخاصة.
وأنتِ، أيتها المذيعة، ما الذي يدفعك إلى عملٍ يفسد العلاقات بين الناس، وأنت لا ناقة لك ولا بعير بهذا الصراع الدموي الدائر على الساحة العربية. تعب ذووك عليك من أجل أن تتعلمي وتحسّني فرصك المالية والاجتماعية والوظيفية في هذه الحياة، ولم يكن الهدف من التعليم المراءاة والنفاق والكذب؟ وإن كنت مؤمنة بهذه الأمة ورفعتها وسؤددها، فاعلمي أن هذا لن يتحقق إلا بالوضوح والصراحة والدفاع عن الحق والوقوف ضد الظلم. وإن كنت مؤمنةً، فاعلمي أن نصيبك في الآخرة سيكون متوازناً مع عملك في الدنيا.
أيها المذيع، أيتها المذيعة: نحن بحاجة إليكم ولعملكم. لكن، إن لم يكن صادقاً مع الناس، فإنه يرتد سلباً، ويلحق أضراراً كبيرة بالجميع. مفهوم أن الأنظمة القبيحة وأعداءها الذين فضلوا القبح على النقاء يريدون منكم لعب دور غير الدور الذي تشتهون. هؤلاء يزجّون بكم إلى ميدان الكذب والنفاق، من أجل أن تظهر وجوهكم أنتم بالقبح، وليس وجوههم. هم هناك في صوامعهم وقصورهم لا يظهرون، وإنما يقولون للناس ما يريدون من خلالكم، والكثير مما تقولونه بالنيابة عنهم كذب ودجل وتضليل، ويزيغ كثيراً عن الحق والصدق، ويتوحد مع الباطل، من أجل تأجيج النفوس بالمزيد، ليبقى الدم نازفاً.
تفاءل الناس بالحراك العربي، منذ بدأ في تونس، وكان أملهم أن يتم إنجاز شيء ضد الأنظمة العربية، يؤدي إلى نهوض الحرية في الوطن العربي. لم تكن الآمال على قدر النتائج، وتدخلت أنظمة عربية ضد أنظمةٍ نكايةً، ومن منطلق الكراهية والرغبة في تحقيق تأييد على الساحة العربية. أين هي الديمقراطية الآن؟ تغلبت العرب قراطية (الديمقراطية على الطريقة العربية) على الديمقراطية، وبهذا نستطيع أن نقول إن التقليد العربي هزم التقليد الغربي. لم تقم الديمقراطية، وبدلاً منها قامت حفلات القتل والتعذيب وتمزيق النسيج الاجتماعي والانهيار الأخلاقي. ولهذا، نعود إلى السؤال الذي على قنوات التلفاز العربية أن تجيب عنه: لماذا تقحمون أنفسكم في صراعاتٍ، تدفعون ثمنها أنتم والمواطن العربي عموما؟
المشكلة الكبيرة أن عامة الناس يقعون، عادةً، فرائس لتأجيج المشاعر، ويندفعون للتصرف وفق مصلحة الذي أجج مشاعرهم. المنتفعون يستعملون، عادةً، المصالح الوطنية والدينية، لتهييج المشاعر، ويضخون تحليلات كثيرة في الناس، من أجل دفعهم نحو المشاركة. الناس العاديون يتحركون تبعاً لمشاعرهم الوطنية والدينية، فيظنون فعلاً أنهم يدافعون عن قضية تستحق التضحية. ولهذا، تكثر الخطابات الوطنية والدينية وقت الأزمات، ويتم تعبئة مثقفين ومفكرين عديدين، لحمل لواء الفتن وثقافة القتل وسفك الدماء. والنتيجة دائما خسارة الفقراء والمساكين وعلو المفتنين بالمزيد. ولهذا علينا أن نبقى متيقظين.