إغلاق مصارف وبورصة اليونان.. وأسواق العالم تتهاوى

30 يونيو 2015
صفوف طويلة أمام الصرافات الآلية في اليونان (Getty)
+ الخط -
ضرب الزلزال اليوناني أسواق المال والبورصات الكبرى، وأثار انسداد أفق حل أزمة الديون اليونانية الرعب بين المستثمرين الدوليين والمتعاملين مع القطاع المصرفي اليوناني، وتصدرت الأزمة عناوين وسائل الإعلام الغربية أمس، بعد إغلاق المصارف اليونانية حتى السادس من الشهر القادم، حفاظا على القطاع المصرفي من الانهيار، بعد فشل المفاوضات مع الدائنين.
وهوت أسهم البنوك الأوروبية متجهة لتكبد أكبر خسائرها اليومية في أربع سنوات، وقادت الخسائر مصارف كبرى في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا بعدما أغلقت اليونان بنوكها، وفرضت قيودا رأسمالية في الوقت الذي تواجه فيه شبح الخروج من منطقة اليورو.
واستيقظ اليونانيون أمس ليجدوا البنوك وقد أغلقت أبوابها أمام الجمهور، وأوقفت التعامل من خلال ماكينات الصراف الآلي وسط جو من الشائعات ونظريات المؤامرة، بعد أن دفع انهيار مفاوضات أثينا مع دائنيها اليونان التي ترزح تحت وطأة إجراءات تقشف إلى حافة الهاوية.
ولعدم حصول اليونان على أي تمويل إضافي من البنك المركزي الأوروبي لسداد مستحقات دائنيها، فرض رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس على مضض قيودا رأسمالية مساء الأحد، للحيلولة دون انهيار البنوك تحت وطأة أي تدافع مذعور على السحب.

قلق الأسواق

وارتفع الذهب أمس نتيجة تنامي المخاوف بشأن احتمال تخلف اليونان عن سداد ديون مستحقة عليها، ما عصف بالأسهم الأوروبية، ونال من اليورو، ولكن المعدن الأصفر لم ينجح في تحقيق مكاسب كبيرة، مع استمرار قلق المستثمرين إزاء الآفاق الأطول أمدا.
ونزلت أسعار النفط الخام أمس أكثر من دولار، وتراجع الخام الأميركي لأقل مستوى في نحو 3 أسابيع ليقل عن 59 دولارا للبرميل، بعد أن فرضت اليونان قيودا على رأس المال.

وامتدت الأزمة اليونانية إلى أسواق الأسهم في الخليج حيث هبطت في تعاملات أمس، وأغلق مؤشر السعودية على هبوط %1.58 ودبي 0.34%، ونزلت بورصة قطر 0.57%.
وأصبحت اليونان على بعد خطوة واحدة من التخلف عن سداد 1.6 مليار يورو مستحقة لصندوق النقد اليوم الثلاثاء، ما أثار مخاوف عالمية من انهيار المفاوضات المتعثرة أصلا، ومعها تهاوي الأسواق في حالة عدم التوصل إلى اتفاق قريب.
وأجرت حكومة حزب سيريزا اليساري الحاكم في اليونان مفاوضات ماراثونية طوال الفترة الماضية، للإفراج عن التمويل قبل حلول موعد المبلغ المستحق لصندوق النقد، إلا أنها فشلت.
وحاول رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس الهرب من المأزق عبر طلبه على نحو مفاجئ، السبت الماضي، مزيداً من الوقت لإتاحة الفرصة لليونانيين للتصويت في استفتاء على شروط الاتفاق. إلا أن الدائنين رفضوا ليصبح التخلف عن السداد هو الخيار الوحيد أمام اليونان.
وكان الارتباك هو سيد الموقف في أوروبا والعالم في اللحظات الأخيرة أمام كارثة محتملة في حالة خروج اليونان من منطقة اليورو، حيث لم تنجح مساعي أي طرف حتى وقت متأخر أمس في هذه المعادلة الصعبة لتجر أثينا أوروبا والعالم إلى المجهول.
وتعتزم اليونان إجراء استفتاء يوم الأحد المقبل على شروط خطة إنقاذ من الدائنين؛ والتي دفعت البنك المركزي الأوروبي إلى تجميد التمويلات الطارئة التي يقدمها للمصارف اليونانية.
ويزيد خطر امتداد المشكلات اليونانية إلى بقية أنحاء أوروبا من المخاطر التي تواجهها البنوك في الدول الأخرى الواقعة على أطراف منطقة اليورو، وأثار قلق المستثمرين.

اقرأ أيضا: اليونان تعلن عجزها عن سداد قرض صندوق النقد

وهرباً من شبح الإفلاس قررت اليونان، إغلاق المصارف والبورصة حتى 6 يوليو/تموز المقبل. وقال مسؤول حكومي يوناني أمس، إن المصارف اليونانية ستُغلق أبوابها لمدة أسبوع مع وضع حد أقصى لحجم السحب من ماكينات الصرف الآلي، وحسب المسؤول اليوناني، سيكون الحد الأقصى للسحب اليومي 60 يورو (66 دولاراً)، لكن لن يطبق على السياح الأجانب الذين يزورون اليونان ويشكلون محركا حيويا للاقتصاد.
وتسعى أثينا بموجب هذه الإجراءات التي تقيد رأس المال إلى وقف عمليات سحب ضخمة من النظام المصرفي اليوناني المتداعي.

وأعطت المفوضية الأوروبية أمس، موافقتها القانونية على فرض اليونان قيودا رأسمالية، قائلة إن أثينا معذورة على ما يبدو في انتهاك قوانين الاتحاد الأوروبي بشأن حرية حركة رأس المال من أجل حماية مصارفها.

العالم يترقب

ومع دخول الأزمة اليونانية مرحلة الخطر تباينت ردود الأفعال الأوروبية والعالمية أمس، ففي الوقت الذي واصلت فيه ألمانيا تشدّدها بتهديد أثينا بوقف القروض في حالة عدم تطبيق الإصلاحات المتفق عليها، رأى المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي، في تصريحات أمس، أنه ما زال هناك "هامش للتفاوض" بين اليونان ودائنيها معلناً عن "اقتراحات" جديدة ستقدمها بروكسل.
وأكد أنه "يجب أن نواصل التباحث"، مشيراً إلى أنه بالنسبة للمفوضية "الباب يبقى مفتوحا أمام المفاوضات".
أما الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، فأكد استعداد بلاده للمساعدة على معاودة المحادثات بين أثينا ودائنيها، وقال إن "فرنسا مستعدة، وتبقى مستعدة من أجل إتاحة استئناف الحوار اليوم".
وقال هولاند إن الاقتصاد الفرنسي "لا يخشى" تبعات الأزمة التي أثارت تراجعاً حاداً أمس في الأسواق على خلفية مخاطر خروج اليونان من منطقة اليورو وما قد ينجم عنه من عواقب.
وقالت وزارة الخارجية الصينية أمس، إن منطقة اليورو تتمتع بالحكمة والقدرة اللازمة لحل أزمة ديون اليونان.
ووجه رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، انتقاداً شديداً للحكومة اليونانية، بسبب رفضها اتفاق التمويل مقابل الإصلاحات بداية الأسبوع، وقال إنه شخصيا شعر أنه تعرض للخديعة.
وقال يونكر إنه ما زال يعتقد أن خروج اليونان من منطقة اليورو ليس خيارا مطروحا، لكنه حذر من أنه وحده لن يكون بمقدوره أن يحمي أثينا من القادة الآخرين الذين قد لا يوافقه الرأي.
وخلال مؤتمر صحافي طارئ بمقر المفوضية الأوروبية في بروكسل استعرض يونكر ما قال إنه عرض عادل لليونان أفضل اجتماعيا مما سعت إليه حكومة أثينا متجاوزا بندائه هذا رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس إلى الناخبين الذين دعاهم تسيبراس إلى رفض الاتفاق في استفتاء سيجرى يوم الأحد.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس إنه يعتقد أن من الصعب على اليونان أن تبقى ضمن منطقة اليورو، إذا ما صوت اليونانيون برفض الاتفاق مع المقرضين الدوليين في الاستفتاء المقبل.

اقرأ أيضا: بروفة انهيار اليونان
المساهمون