تنتظر أوروبا وقادتها، اليوم الأحد، باضطراب وقلق نتيجة استفتاء اليونان على خطة الإنقاذ المقدمة من الدائنين، وذلك لما لها من تأثير كبير على مستقبل القارة.
وهذا الاستفتاء، والذي سيدعم أو يعاقب الخط المتشدد للحكومة اليونانية، هو المؤشر لتتمة المفاوضات بين أثينا ودائنيها، كما اعتبر الباحث في المعهد الألماني للسياسة الخارجية، جوليان رابولد، في تصريح لوكالة "فرانس برس".
ويقول بعضهم إن الاستفتاء لا يمكنه أن يؤدّي إلى خروج اليونان من منطقة اليورو، بل سيحدّد مستقبل مسار الاندماج الأوروبي، كما أكد المحلل في مؤسسة العلوم والسياسة في برلين، باول توكارسكي.
وعلى الرغم من الهدوء الظاهر، فإن أهمية النتيجة تفسّر مخاوف المسؤولين الأوروبيين الذين يتصدرون المفاوضات مع أثينا، وفي مقدمهم أنغيلا ميركل، والتي تواجه "معضلة"، برأي رابولد.
ومسألة خروج اليونان من الاتحاد النقدي ستعني فشل سياسة إدارة الأزمة التي أوحتها المستشارة الألمانية منذ سنوات، حيث لا تريد أن يقال إنها دفعت باليونان إلى خارج منطقة اليورو.
وتتخوف ميركل أيضاً من العواقب الاقتصادية غير المتوقعة، ومن تنامي الحركات الرافضة لأوروبا في عدد كبير من البلدان، وإرسال إشارة ضعف إلى بلدان مثل روسيا والصين، كما قال.
وإذا فازت الـ"نعم" ستحصل أنغيلا ميركل من برلمانها على التفويض لإجراء مفاوضات على برنامج جديد للمساعدة، فيما تتزايد الانتقادات في صفوف حزبها، ويتعيّن عليها التعامل مع رأي عام لا يميل كثيراً إلى خطوات تضامن جديدة، حيث الاستفتاء لا يقسم اليونانيين فقط، بل كامل الاتحاد الأوروبي أيضاً.
اقرأ أيضاً: اليونانيون يبدأون التصويت في استفتاء تحديد المصير
وقد أجرت صحيفة بيلد الواسعة الانتشار في أوروبا، والتي لا تتعاطف كثيراً مع أثينا، استفتاءها الخاص، وسألت الألمان هل يريدون "تقديم مزيد من الدعم إلى اليونان ومدهم بمليارات اليورو".
ولا تعكس أجوبتهم بالتأكيد آراء كل شرائح المجتمع الألماني، لكنها تعطي فكرة عن الاتجاهات المقبلة، فقد رد 200 ألف شخص على السؤال وقال 89% منهم "لا".
وفي المقابل، احتشد آلاف الأشخاص في برشلونة وباريس ودبلن وفرنكفورت، للإعراب عن تضامنهم مع اليونان والاحتجاج على السياسة الأوروبية الحالية، وقد رفعت في وجه ميركل السبت في برلين لافتات كتب عليها "اوخي" (كلا، باللغة اليونانية).
وفي إسبانيا، والتي اجتازت أيضاً أزمة اقتصادية حادة، يرى حلفاء حزب سيريزا في الاستفتاء فرصة "تاريخية" لتغيير أوروبا، قبل أشهر من الانتخابات التشريعية أواخر السنة، أما اليمين، فيتخوف من عدوى سياسة اليسار الراديكالي للحزب اليوناني.
ولو دعي الإيطاليون إلى المشاركة في استفتاء على غرار اليونان، لكان 51% منهم سيؤيدون التدابير المتشددة التي تفرضها أوروبا، للحؤول دون الخروج من اليورو ووقوع البلاد في الإفلاس، ولكان 30% سيعارضونها، كما أفادت نتائج استطلاع أخير للرأي أجرته مؤسسة ايبسوس.
وفي بريطانيا أيضاً حيث سيدعى الناخبون إلى الإدلاء بأصواتهم حول مستقبلهم في أوروبا، يجد الاستفتاء في اليونان أصداء خاصة.
ومن بين المسؤولين الأوروبيين، يتخوف رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، من التصويت بـ"لا"، وعلى الرغم من أنه ليس مضطرا إلى تقديم أي حساب لناخبيه، لكنه يجد نفسه في وضع بالغ الصعوبة، كما قال باول توكارسكي.
ومن خلال إمدادها بالأموال، يعطي البنك المركزي الأوروبي المصارف اليونانية آخر جرعة أوكسجين، وإذا ما أوقف قروضه، فقد يضطر إلى الضغط على زر "خروج اليونان"، ويريد رئيسه القيام بكل ما في وسعه لترك هذا القرار في عهدة رجال السياسة.
لكن السيناريو الذي سيلي الاستفتاء ما زال غير واضح حتى الآن، طالما أن السؤال المطروح على اليونانيين خاضع لتفسيرات متضاربة، ففي رأي الحكومة اليونانية، أن الهدف الوحيد منه هو القول لا لتدابير التقشف الجديدة، من خلال رفض الاقتراح الأخير للمساعدة الأوروبية.
وبما أن هذا الاقتراح الذي بات في هذه الأثناء لاغياً، ينظر آخرون إلى هذا الاستفتاء على أنه تصويت مع اليورو أو ضده، وحذر توكارسكي بالقول "أياً تكن النتيجة.. ستفسرها القوى السياسية في اليونان وفي منطقة اليورو بطريقة مختلفة".
اقرأ أيضاً: اليونان تحسم مصيرها وسط احتمالات انهيار مالي