لقد بات في حكم المؤكد أن استنفار إسرائيل الرسمي لمحاولة إحباط مشروع القرار المندد بالاستيطان في مجلس الأمن، جاء إدراكاً لتداعياته الخطيرة له على مستقبل المشروع الاستيطاني ومكانة إسرائيل الدولية، إلى جانب مخاوف قادة الكيان الصهيوني من إمكانية توظيف القرار في ملاحقتهم قضائيا في المحاكم الدولية.
ولفت أمير تيفون، المعلق السياسي لموقع "وللا" الإسرائيلي، إلى أن "أكثر ما يثير القلق لدى صناع القرار في تل أبيب هما المادتان 5 و12 في القرار الذي حمل الرقم 2334".
وفي تحليل نشره الموقع، اليوم السبت، أوضح تيفون إلى أن المادة 5 تدعو دول العالم لـ "التمييز بين المساحة الجغرافية المقامة عليها دولة إسرائيل والأراضي المحتلة"، في حين أن المادة 12 "تلزم أمين عام الأمم المتحدة بتقديم تقرير كل ثلاثة أشهر، حول مدى التقدم الذي تحقق في تطبيق القرار".
وبحسب تيفون، فإن إسرائيل الرسمية تخشى أن تشجع الدعوة للتمييز بين المستوطنات وإسرائيل، المزيد من الدول في العالم، ولا سيما في أوروبا لتكثيف خطواتها وإجراءاتها العقابية ضد المستوطنات، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي شرع منذ 2013 في اتخاذ المزيد من الخطوات العقابية ضد المستوطنات، أهمها إلزام الدول الأعضاء بتمييز بضائع المستوطنات حتى يعي المستهلك الأوروبي، أنها تنتج داخل الأراضي المحتلة.
وأشار المعلق السياسي إلى أن "إسرائيل تخشى أن يفضي قرار 2234 إلى تشجيع المزيد من الدول للاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة، مما سيفضي إلى تدهور في علاقات إسرائيل مع هذه الدول".
وبيّن أن إسرائيل "تفزع" من المادة 12، لأن نصب كل بيت متنقل (كرفان) في أية مستوطنة، يمكن أن يفضي إلى نقاشات داخل مجلس الأمن حول الاستيطان، علاوة من المخاوف أن يؤدي تواصل البناء في المستوطنات التي أقامتها إسرائيل في القدس الشرقية، إلى نقاشات حول فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل.
ونبّه تيفون إلى أن التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار 2334 دلل على أن رهانات إسرائيل على تطور علاقاتها مع الكثير من دول العالم لم تصمد في اختبار التصويت على القرار، حيث تصوت هذه الدول ضد المستوطنات بشكل تلقائي.
ولفت المصدر نفسه، إلى أن إسرائيل "تراهن على الخطوات التي يمكن أن يقدم عليها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب"، كما أن تل أبيب "تتطلع إلى إعلان ترامب بشكل رسمي عدم احترامه القرار والتأكيد على نيته عدم تطبيقه".
وأشار تيفون إلى أن إسرائيل تراهن على أن يمارس ترامب ضغوطا كبيرة على الدول الأخرى لإقناعها بعدم احترامه.
وكان ترامب قد صرح بعد صدور القرار بأن "الأمور بعد 20 يناير (موعد تولي مهام منصبه) ستكون مغايرة".
وفي السياق، قال براك رفيد، المعلق السياسي في صحيفة "هارتس" إنه "رغم أن صدور القرار 2234 تحت البند السادس لميثاق الأمم المتحدة، وهو لا يتضمن آلية لفرض عقوبات مباشرة على إسرائيل، إلا أنه يسهم في عزل إسرائيل، علاوة على أنه يكرس الإجماع الدولي الرافض للمستوطنات".
وفي تحليل نشره موقع الصحيفة اليوم، شدد رفيد على أنه "ستكون للقرار تداعيات خطرة على المستوى المتوسط والبعيد، لأنه نفى أية صفة قانونية عن المستوطنات" واعتبرها "تجاوزاً فظاً" للقانون الدولي، معتبراً أن القرار سيمس بإسرائيل، لأنه يتزامن مع شروع النائب العام في محكمة الجنايات الدولية في فحص الشكوى الفلسطينية ضد إسرائيل، والتي يتعلق أحد بنودها بالبناء داخل المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والقدس.
وحذر رفيد من أن "صدور القرار في هذه الأثناء سيؤثر على ظروف الفحص الذي تقوم به النائب العام للمحكمة الدولية"، مشيراً إلى أن" القرار قد يقنع النائب العام بفتح تحقيق ضد إسرائيل في كل ما يتعلق بأنشطتها الاستيطانية في الضفة".
من ناحيته قال المعلق الإسرائيلي رونين بريغمان إن قادة المستوطنين اليهود في الضفة الغربية قد يكونون أول "ضحايا" قرار 2334".
وحسب بريغمان، الذي كان يشارك في برنامج "شيشي"، الذي بثته الليلة الماضية قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة فإن "اعتماد القرار على ميثاق جنيف الرابع قد يسمح بملاحقة قادة المستوطنين الذين يتجاوزون القرار من خلال مشاركتهم في تشييد المستوطنات". ولم يستبعد بريغمان أن "تتأذى" القيادة إسرائيل السياسية بهذا القرار بفعل دورها في دعم المشروع الاستيطاني.