أحمد صبري: محاولات تمثيل عالم لامرئي

15 ديسمبر 2019
(من المعرض)
+ الخط -

على مدار السنوات السابقة، أقام الفنان التشكيلي المصري أحمد صبري (1982) عدّة معارض تشعّبت مواضيعها ومصادر إلهامها، كأن يعمل على فكرة الذوق العام في البيوت المصرية الجديدة، وما يكترث الناس لتصوُّره فنّاً أو تحفة داخل بيوتهم، وعلاقة ذلك بالطبقة الاجتماعية والمستوى الثقافي والاقتصادي.

في معرض له بعنوان "الدخان الأبيض"، اشتغل صبري على نظرية المؤامرة ومنشوراتها من فيديوهات وصور انتشرت بين المصريّين في 2011 تحذّرهم من فكرة الثورة. كما قدّم رسومات وسكتشات تُصوّر مصر في سنوات الثورة الأولى، وتتناول العلاقة مع رجال الأمن والسلطة بطريقة ساخرة لا تخلو من الاستفزاز وكذلك الألم.

منذ 2007، بدأ صبري يميل إلى التعبير بالصورة الرقمية والوسائط البصرية، كالفيديو، لبناء مشروع مفاهيمي وبصري، موظّفاً مع الوسيط الحديث الذاكرة أيضاً، بهدف تكوين بناء يستفيد من الرقمية والأفلام والأخبار والإعلانات ويثري محتوى عمله الفنّي. إلى جانب فنّه التشكيلي، يشتغل أيضاً على التصوير والتحريك، إضافة إلى القصص والحكي وإعادة الصياغة والدمج بين المعاني المتناقضة والمتنافرة بين الصورة والنص.

في معرضه الحالي "حكايات الزجاج المكسور"، المتواصل في غاليري "المشربية للفن المعاصر" بالقاهرة حتى التاسع من الشهر المقبل، يُجرّب صبري في منطقة جديدة؛ حيث يقول عن تجربته هذه: "بدأتُ، منذ عام، العمل كرسّام في مجال الفن الكنسي الذي يستوحي أعماله من اللوحات والموضوعات الدينية القديمة التي تعتمد بطبيعة الحال على السرد والقصص الأسطورية وقصص المعجزات والدمج بين العالم البشري والعوالم اللامرئية".

اشتغل صبري في هذا المعرض على مجموعة من الرسوم تعتمد على بناء عالمٍ مستوحى من الدمج بين أحجام وأشكال عضوية مختلفة، بشرية وحيوانية. نشأت من خلال هذا الدمج لغةٌ سردية وبصرية مجرّدة وسريالية. وعن ذلك يبيّن: "أرى في هذه الرسوم الحديثة امتداداً لرسوم قديمة نفّذتُها قبل 2007، وتحديداً منذ 2003، وهو رابط يحمل انطباعاً عاطفياً وغامضاً لما للرسم بالأبيض والأسود من خصوصية، من حيث أنه يساعد في قراءة ما يدور في العقل في اللحظة التي يخرج فيها العمل الفنّي إلى السطح، ويجعل إمكانية التعديل والحذف والإضافة صعبة ومحدودة".

في الأعمال بشر وحيوانات وكائنات مختلطةٌ تبدو كما لو أنّ الفنان يرسمها بلا بشرة تغطي جسدها من الداخل، فنرى الخطوط والعروق والتفاصيل التي يخفيها الجلد تحته، ويجرّب هذه الحالة بأكثر من لون وطريقة. المفارقة أن الفنّان الذي كان شبه مباشر في علاقة فنّه بتناول المحيط، يبدو وأنه يبتعد شيئاً فشيئاً ويميل إلى التجريد والبحث عن أفكار لا تشاكس محيطها بشكل ناقد أو لاذع، ولكنها تبتعد إلى عالم غريب عن البيئة المصرية التي كثيراً ما كانت موضوع شغله.

يُذكَر أن صبري أقام سابقاً خمسة معارض فردية في "غاليري المشربية"، إضافة إلى المشاركة في العديد من المعارض الجماعية، والبيناليات العالمية في مالي والصين وسلوفاكيا.

المساهمون