أعلنت أحزاب سياسية معارضة في الجزائر تمسكها بالمطالبة بنظام برلماني يسمح للحزب الفائز بالانتخابات النيابية بتشكيل الحكومة، داعيةً إلى حل البرلمان الحالي وانتخاب برلمان جديد يتولّى مناقشة صياغة الدستور الجديد.
وقال رئيس "حركة مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري مقري، في مؤتمر صحافي اليوم قدم خلاله مقترحات حزبه بخصوص مسودة مشروع تعديل الدستور، "إن الحركة متمسكة بخيار النظام البرلماني، بسبب التجارب السيئة للنظام الرئاسي الذي قاد البلاد إلى انحراف وحالة من الحكم الفردي"، مشيراً إلى أن النظام شبه الرئاسي الذي تقترحه السلطة في مسودة الدستور الجديدة لا يحتوي الضمانات الكافية لتطبيقه بشكل جيد، نتيجة استمرار المخاوف من "التزوير الانتخابي الذي يبقى بالنسبة لنا أكبر أنواع الفساد، ولا يسقط بالتقادم، وهو في خانة الخيانة العظمى وجريمة فادحة".
وذكر مقري أن حزبه يدعم بنود التعديل الدستوري، التي تضمنت السماح بمشاركة الجيش خارج الحدود بعد موافقة البرلمان.
ورداً على أسئلة تتعلق بالجدل الدائر في البلاد حول قضايا الهوية، قال مقري "نحن حركة تركز في خطابها على البرنامج الاقتصادي والسياسي وهذا هو الأهم، وليس لدينا أي عقدة اتجاه الأمازيغية باعتبارها من مكونات الهوية، لكننا لن نقبل أي محاولة لطمس معالم الهوية الوطنية الأخرى"، في إشارة منه إلى العربية والإسلام.
وحذّر مقري اللجنة الدستورية من مغبة صياغة دستور ينحاز إلى مقترحات الأقلية السياسية، وقال "ما نرجوه هو أن يتم أخذ رأي الأغلبية، وليس انحيازاً للأقلية التي لم تشارك في النقاش"، في إشارة منه إلى ما يصفه بـ"التيار العلماني الموالي لفرنسا"، مضيفاً "عملاء فرنسا الذين تركتهم في الجزائر أخذوا مواقع مهمة في الدولة في الأشهر الأخيرة ويسعون للتموقع بعد رئاسيات 12 ديسمبر، واللوبيات الفرنسية تقف ضد بناء اقتصاد في الجزائر".
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أكد السبت الماضي في حوار تلفزيوني أن الجزائر تتوجه نحو نظام شبه رئاسي بصلاحيات واسعة للبرلمان لغلق المنافذ أمام الحكم الفردي، ضمن الدستور الجديد الذي طرح للنقاش في شهر مايو/ أيار الماضي مسودة دستور جديد.
وتلقت اللجنة الدستورية ألفي مقترح من الأحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية، وتعمل حالياً على صياغة المشروع النهائي بناءً على الاقتراحات المقدمة، ويتوقع الرئيس تبون أن يتم طرح استفتاء حول تعديل الدستور مع الدخول الاجتماعي المقبل، في شهري سبتمبر/ أيلول أو أكتوبر/ تشرين الأول المقبلين.، في حال تحسن الوضعية الوبائية.
من جهته، طالب رئيس حزب طلائع الحريات (حزب رئيس الحكومة السابق علي بن فليس) عبد القادر سعدي، في مؤتمر صحافي، بحل البرلمان الحالي وانتخاب مجلس جديد تمنح له سلطة التأسيس للدستور الجديد، مشيراً إلى أن مسودة الدستور اختزلت الحراك الشعبي لـ22 فبراير/ شباط 2019 في مطالب اجتماعية دون التطرق للمطالب السياسية في التغيير الجذري للنظام وإدانة كل مظاهر الفساد والحاجة إلى قضاء مستقل.
ولفت المسؤول في طلائع الحريات إلى أن الجزائر الجديدة تحتاج إلى دستور يختلف كلية عن الدساتير السابقة التي كانت تتضمن تسلطاً وشمولية وانفراداً بالقرار السياسي، وصياغة دستور جديد يتضمن منح حق تشكيل الحكومة وجوباً لحزب الأغلبية البرلمانية واسترجاعاً كلياً لصلاحيات رئيس الحكومة وتقاسماً عقلانياً للصلاحيات بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وجعل الحكومة مسؤولة أمام البرلمان، ودعم دور وصلاحيات المجلس الأعلى للقضاء واستقلالية العدالة، وتدعيم سلطات البرلمان.
ودعا سعدي إلى مراجعة قانون الأحزاب السياسية والانتخابات لتخليص الساحة الجزائرية من كل بؤر التزوير ووضع حواجز أمام تغلغل المال المشبوه في الفضاء السياسي، كما طالب بإلغاء مجلس الأمة، الغرفة الثانية للبرلمان، لافتاً إلى أن "مبررات إنشاء هذا المجلس التي تمت عام 1986 لم تعد قائمة الآن، كما أن وجوده يعد عامل تعقيد مؤسساتي وإلغاءه سيخلص من الأعباء الثقيلة على ميزانية الدولة التي هي بحاجة إلى كل مورد وإلى صرف الأموال في مناحٍ أخرى".