10 نوفمبر 2024
"نداء تونس" يفقد شرعيته الأخلاقية
تعلمنا في المدارس أن السياسة هي إدارة شؤون الناس، وأن قيمة السياسيين ترتفع لدى مواطنيهم كلما كانوا أقرب إليهم وأكثر خدمة لهم. وحتى يتحقق ذلك، على السياسيين الذين يطمحون للحكم أن تخضع أهدافهم وبرامجهم وممارساتهم لعدد من الثوابت الأخلاقية، مهما كانت أيديولوجياتهم، فالسياسي الذي لا يتقيد بمرجعية قيمية قوية يمكن أن يتحول إلى بلطجي لا يتردد في أن يتعامل مع منافسيه أو مواطنيه الذين يختلف معهم في الأفكار أو المصالح، باللجوء إلى استعمال الحيلة والكذب أو العنف. ولهذا، اعتبر كثيرون أن السياسة أخلاق أو لا تكون، وذلك كي يضفون عليها هالة وهيبةً، نظرا لارتباطها بشروط القيادة التي منها اكتساب خصائص القدوة الحسنة.
وحتى يقع التمييز بين هذا النمط من السياسيين وغيرهم من الذين لا عهد لهم، ولا ميثاق، اخترع بعضهم مصطلح السياسوية، لكي يصف بها أولئك الذين يعتقدون أن العمل السياسي هو قدرة على الخداع والمناورة، والاستناد إلى مقولة الغاية تبرر الوسيلة، إذ الهدف الأسمى لهذا الصنف من السياسيين هو الوصول إلى السلطة من أقصر الطرق وأيسرها، بقطع النظر عن المبادئ أو المحافظة على مصداقية الوعود والعهود التي التزموا بها أمام ناخبيهم في مرحلة المخاتلة الجماعية.
لا أريد أن أعمم، فالتعميم منهج خاطئ في محاولة فهم الظواهر. لكن، في ضوء ما يجري حالياً، يمكن الجزم بأن ما يحصل داخل حزب نداء تونس لم يعد يندرج ضمن التنافس المفهوم، من أجل ضمان الغلبة في حرب المواقع التي انطلقت منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية، وإنما بدأ هذا الصراع ينزلق نحو معركة مفتوحة على جميع الاحتمالات، وبكل الوسائل المشروعة أو غير المشروعة، المهم فيها هو الانفراد بالسلطة وطرد الآخرين الخصوم من هذه "الجنة". وما حدث في أحد فنادق مدينة الحمامات من عنف مادي رفعت خلاله الأسلحة البيضاء، ليس سوى بروفة على ما يمكن أن يحصل في المستقبل.
ما يحدث هذه الأيام لا علاقة له بالثورة ولا الأيديولوجيا ولا حتى السياسة. ولا يهم من يقف وراء ذلك، وإنما الأهم أن تونس أصبحت مهددة من الحزب الذي مكّنه التونسيون من أصواتهم، لكي يقودهم إلى بر الأمان، فإذا به يضع الجميع أمام مأزق حقيقي ودرامي.
المعركة المفتوحة بين كوادر هذا الحزب، والتي تكاد أن تتحول إلى نوع من الحرب الداخلية، لا تهم إلا أصحابها، ولن يجني منها التونسيون إلا المزيد من الحيرة وضعف الدولة والخوف من المجهول.
على رئيس الجمهورية السيد الباجي قايد السبسي أن يتدّخل وبحزم، لكي يردع أبناء الحزب الذي لولاه لما تأسس هذا الحزب، ولما انتصر في الانتخابات السابقة. لقد أصبح صمت الرئيس مزعجاً ومريباً لدى كثيرين. وأصبح مطالباً بأن يتدخل بوضوح، لكي ينقذ البلاد من كارثة سياسية، وأيضا لكي يحصّن نفسه من شكوك الذين يتهمونه بدعم ابنه الذي يتزعم أحد جناحي الصراع، ويعمل على إطاحة القيادة الحالية للحزب.
مهما ستكون النتائج التي ستترتب عن حرب المواقع المرشحة لمزيد من المشاهد الدرامية، فالمؤكد أن حزب نداء تونس خسر جزءاً مهماً من قيمته السياسية والاعتبارية لدى جل التونسيين، بما في ذلك الجزء الأكبر من النخبة الواسعة. وما حدث في اجتماع اللجنة التنفيذية في مدينة الحمامات يؤشر على أن البلاد قد تجد نفسها في مأزق، ربما يدفعها نحو التفكير في تنظيم انتخاباتٍ سابقة لأوانها، خصوصاً في حال انقسام الكتلة البرلمانية للحزب، وهو ما سيؤدي حتما إلى انهياره وتفككه.
وحتى يقع التمييز بين هذا النمط من السياسيين وغيرهم من الذين لا عهد لهم، ولا ميثاق، اخترع بعضهم مصطلح السياسوية، لكي يصف بها أولئك الذين يعتقدون أن العمل السياسي هو قدرة على الخداع والمناورة، والاستناد إلى مقولة الغاية تبرر الوسيلة، إذ الهدف الأسمى لهذا الصنف من السياسيين هو الوصول إلى السلطة من أقصر الطرق وأيسرها، بقطع النظر عن المبادئ أو المحافظة على مصداقية الوعود والعهود التي التزموا بها أمام ناخبيهم في مرحلة المخاتلة الجماعية.
لا أريد أن أعمم، فالتعميم منهج خاطئ في محاولة فهم الظواهر. لكن، في ضوء ما يجري حالياً، يمكن الجزم بأن ما يحصل داخل حزب نداء تونس لم يعد يندرج ضمن التنافس المفهوم، من أجل ضمان الغلبة في حرب المواقع التي انطلقت منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية، وإنما بدأ هذا الصراع ينزلق نحو معركة مفتوحة على جميع الاحتمالات، وبكل الوسائل المشروعة أو غير المشروعة، المهم فيها هو الانفراد بالسلطة وطرد الآخرين الخصوم من هذه "الجنة". وما حدث في أحد فنادق مدينة الحمامات من عنف مادي رفعت خلاله الأسلحة البيضاء، ليس سوى بروفة على ما يمكن أن يحصل في المستقبل.
ما يحدث هذه الأيام لا علاقة له بالثورة ولا الأيديولوجيا ولا حتى السياسة. ولا يهم من يقف وراء ذلك، وإنما الأهم أن تونس أصبحت مهددة من الحزب الذي مكّنه التونسيون من أصواتهم، لكي يقودهم إلى بر الأمان، فإذا به يضع الجميع أمام مأزق حقيقي ودرامي.
المعركة المفتوحة بين كوادر هذا الحزب، والتي تكاد أن تتحول إلى نوع من الحرب الداخلية، لا تهم إلا أصحابها، ولن يجني منها التونسيون إلا المزيد من الحيرة وضعف الدولة والخوف من المجهول.
على رئيس الجمهورية السيد الباجي قايد السبسي أن يتدّخل وبحزم، لكي يردع أبناء الحزب الذي لولاه لما تأسس هذا الحزب، ولما انتصر في الانتخابات السابقة. لقد أصبح صمت الرئيس مزعجاً ومريباً لدى كثيرين. وأصبح مطالباً بأن يتدخل بوضوح، لكي ينقذ البلاد من كارثة سياسية، وأيضا لكي يحصّن نفسه من شكوك الذين يتهمونه بدعم ابنه الذي يتزعم أحد جناحي الصراع، ويعمل على إطاحة القيادة الحالية للحزب.
مهما ستكون النتائج التي ستترتب عن حرب المواقع المرشحة لمزيد من المشاهد الدرامية، فالمؤكد أن حزب نداء تونس خسر جزءاً مهماً من قيمته السياسية والاعتبارية لدى جل التونسيين، بما في ذلك الجزء الأكبر من النخبة الواسعة. وما حدث في اجتماع اللجنة التنفيذية في مدينة الحمامات يؤشر على أن البلاد قد تجد نفسها في مأزق، ربما يدفعها نحو التفكير في تنظيم انتخاباتٍ سابقة لأوانها، خصوصاً في حال انقسام الكتلة البرلمانية للحزب، وهو ما سيؤدي حتما إلى انهياره وتفككه.