حتى وقت قريب، كانت عملية السلام بين "العمال الكردستاني" والحكومة التركية هي الحدث الرئيسي في السياسة الداخلية التركية. لكن على الرغم من محوريّتها، لم تحظَ القضية الكردية بالأهمية المتوقّعة لها، إذ لم يتم تسليط الضوء عليها بما يكفي في البرامج الانتخابية للأحزاب التركية الرئيسية الأربعة، بما فيها حزب "الشعوب الديمقراطي"، القومي الكردي.
كما غابت القضية الكردية في النسخة الأولى من البرنامج الانتخابي لحزب "العدالة والتنمية"، ليتم تدارك الأمر في وقت لاحق، وإضافة صفحتين متعلقتين بها للبرنامج، بحجة أنّ هاتين الصفحتين كانتا قد سقطتا سهواً خلال إرسال البرنامج للطباعة. واحتوى برنامج "الشعب الجمهوري" على إشارات للقضية الكردية، لكن سيطر التركيز على البرنامج الاقتصادي للحزب، في ظلّ افتقاده أيّ ثقل في الساحة الكردية وفي برنامج "الشعوب الديمقراطي". فقد بقيت القضية الكردية إحدى القضايا الفرعية التي لا بدّ من معالجتها، من خلال إجراء إصلاحات ديمقراطية راديكالية شاملة. وبالنسبة لحزب الحركة القومية، فمن غير المتوقع أن يخرج عن أدبياته في التحذير من مخاطر تقسيم البلاد ومعارضة عملية السلام جملة وتفصيلاً، في البرنامج الذي سيعلنه الأحد المقبل.
وبعدما تمت إضافة صفحتين متعلقتين بالقضية الكردية إلى البرنامج الانتخابي المؤلف من 200 صفحة، لم يتناول برنامج "العدالة والتنمية"، صاحب مشروع عملية السلام، القضية الكردية بشكل عميق، إذ جعل القضية وسيلة للافتخار بإنجازاته في هذا المجال، من دون التطرق إلى أي خطوات محتملة أو خطط مستقبلية ينوي تنفيذها خلال فترة حكمه المقبلة، للوصول إلى حل نهائي لهذه القضية. واقتصر الأمر على رؤية رئيس الجمهورية، رجب طيب أردوغان، عندما انقلب على المؤتمر الصحافي التاريخي المشترك الذي عقد بين الحكومة وممثلين عن الشعوب الديمقراطي في فبراير/شباط الماضي، في مكتب رئاسة الوزراء في قصر دولمة بهجة في مدينة إسطنبول، بما تضمنه بيان الشعوب الديمقراطي من بنود عشرة اشترطها زعيم حزب "العمال الكردستاني" عبدالله أوجلان، لتكون محوراً لعملية التفاوض. وبعد ذلك، عمل أردوغان على استراتيجية جديدة لحصر "القضية الكردية" في إطار "مشكلة كردية وإحدى مشاكل الأمة التركية التي تعمل الحكومة على حلّها"، رافضاً فكرة تكوين "لجنة المتابعة" ومصطلح "المفاوضات"، محاولاً سحب الشرعية التي نالها أوجلان كمحاور رئيس أو يكاد يكون الوحيد لأنقرة.
اقرأ أيضاً: "العدالة والتنمية" يطلق معركته الانتخابية: نظام رئاسي والانضمام لأوروبا
أما برنامج حزب "الشعب الجمهوري" الانتخابي، فيرتكز بشكل أساسي على الجانب الاقتصادي، ومعارضة النظام الرئاسي الذي يدعو إليه أردوغان. وعلى الرغم من اتخاذه موقفاً منفتحاً من القضية الكردية يتماشى مع التحولات الكبيرة التي قادها زعيمه، كمال كلجدار أوغلو، في السنوات الأخيرة نحو فكر"اليسار الديمقراطي"، إلا أن برنامجه المكتوب بلغة بيروقراطية ثقيلة لم يتناول الأمور الأساسية المتعلقة بهذه القضية، ولم يحمل أي رؤية واضحة لحلّها. وعلى الرغم من تأييده عملية السلام، فقد نسف الحزب كل الآليات التي أوصلت القضية لوضعها الراهن، إذ طالب الحزب كما في السابق بجعل مكان عملية السلام تحت قبة البرلمان، مما يعني نسف تام للآليات التي أوصلت العملية إلى وضعها الراهن. فالحزب لا يعترف بالبنود العشرة التي طالب أوجلان بأن تكون محور التفاوض، كما أنّ سحب العملية إلى البرلمان، يعني إنهاء أي دور لأوجلان فيها كمحاور رئيس ووحيد قادر على ضبط الجناح العسكري للحزب.
وركّز الشعب الجمهوري على أمور تعد ثانوية غير ذات تأثير مباشر لحلّ القضية الكردية، كالتعهد بالتحقيق في التعذيب الذي تلقّاه المعتقلون في سجن دياربكر، وفتح أرشيف الدولة المتعلق بمجزرة ديرسيم (تونجلي) للمؤرخين، وتحويل سجن مدينة دياربكر، سيء السمعة، إلى متحف لحقوق الإنسان والديمقراطية. فيما أهمل الأمور الأساسية، كإيجاد آلية تضمن عودة آمنة لمقاتلي الكردستاني إلى الحياة المدنية ودمجمهم في المجتمع، ووضع سجناء "العمال الكردستاني" وإطلاق سراح المرضى منهم. وبينما يطالب الكردستاني بتوسيع صلاحيات الإدارات المحلية على حساب تخفيف صلاحيات أنقرة، ركّز الشعب الجمهوري على معارضة النظام الرئاسي الذي يريده "العدالة والتنمية" بالحفاظ على نظام برلماني وإجراء إصلاحات في إطار دولة مركزية، فيما بدا تحسباً من مشروع كردي شبيه بإقليم كردستان العراق.
من جانبه، لم يختلف برنامج حزب "الشعوب الديمقراطي" عن برنامجه للانتخابات البلدية أو الرئاسية السابقة، إذ لا شيء جديد، أو لنقل، إنّه لم يحصل تطور حقيقي على مستوى القضية الكردية يستدعي طرحاً جديداً، سوى معارضة النظام الرئاسي الذي يدعو إليه أردوغان.
وعلى الرغم من معارضته طرح أردوغان الذي يتنكر فيه لوجود "قضية كردية" وجعلها "مشكلة كردية"، كإحدى مشاكل المجتمع التركي، يستمر "الشعوب الديمقراطي" في تبني أطروحات أوجلان التي تجعل من القضية الكردية، أيضاً، مشكلة ثانوية لأزمة الديمقراطية في تركيا، فلا يتحدث الحزب الآن عن القضية الكردية بوصفها محورية أو بوصفه حزب كردي، بل بات "الشعوب الديمقراطي" يطرح نفسه حزباً تركياً يسارياً يتناول القضية الكردية، كإحدى المشاكل التي نتجت عن انعدام الديمقراطية، كقضية العلويين وباقي الأقليات الأخرى.
اقرأ أيضاً: المعارضة التركية تتنافس على أصوات الأقليات
كما غابت القضية الكردية في النسخة الأولى من البرنامج الانتخابي لحزب "العدالة والتنمية"، ليتم تدارك الأمر في وقت لاحق، وإضافة صفحتين متعلقتين بها للبرنامج، بحجة أنّ هاتين الصفحتين كانتا قد سقطتا سهواً خلال إرسال البرنامج للطباعة. واحتوى برنامج "الشعب الجمهوري" على إشارات للقضية الكردية، لكن سيطر التركيز على البرنامج الاقتصادي للحزب، في ظلّ افتقاده أيّ ثقل في الساحة الكردية وفي برنامج "الشعوب الديمقراطي". فقد بقيت القضية الكردية إحدى القضايا الفرعية التي لا بدّ من معالجتها، من خلال إجراء إصلاحات ديمقراطية راديكالية شاملة. وبالنسبة لحزب الحركة القومية، فمن غير المتوقع أن يخرج عن أدبياته في التحذير من مخاطر تقسيم البلاد ومعارضة عملية السلام جملة وتفصيلاً، في البرنامج الذي سيعلنه الأحد المقبل.
وبعدما تمت إضافة صفحتين متعلقتين بالقضية الكردية إلى البرنامج الانتخابي المؤلف من 200 صفحة، لم يتناول برنامج "العدالة والتنمية"، صاحب مشروع عملية السلام، القضية الكردية بشكل عميق، إذ جعل القضية وسيلة للافتخار بإنجازاته في هذا المجال، من دون التطرق إلى أي خطوات محتملة أو خطط مستقبلية ينوي تنفيذها خلال فترة حكمه المقبلة، للوصول إلى حل نهائي لهذه القضية. واقتصر الأمر على رؤية رئيس الجمهورية، رجب طيب أردوغان، عندما انقلب على المؤتمر الصحافي التاريخي المشترك الذي عقد بين الحكومة وممثلين عن الشعوب الديمقراطي في فبراير/شباط الماضي، في مكتب رئاسة الوزراء في قصر دولمة بهجة في مدينة إسطنبول، بما تضمنه بيان الشعوب الديمقراطي من بنود عشرة اشترطها زعيم حزب "العمال الكردستاني" عبدالله أوجلان، لتكون محوراً لعملية التفاوض. وبعد ذلك، عمل أردوغان على استراتيجية جديدة لحصر "القضية الكردية" في إطار "مشكلة كردية وإحدى مشاكل الأمة التركية التي تعمل الحكومة على حلّها"، رافضاً فكرة تكوين "لجنة المتابعة" ومصطلح "المفاوضات"، محاولاً سحب الشرعية التي نالها أوجلان كمحاور رئيس أو يكاد يكون الوحيد لأنقرة.
اقرأ أيضاً: "العدالة والتنمية" يطلق معركته الانتخابية: نظام رئاسي والانضمام لأوروبا
أما برنامج حزب "الشعب الجمهوري" الانتخابي، فيرتكز بشكل أساسي على الجانب الاقتصادي، ومعارضة النظام الرئاسي الذي يدعو إليه أردوغان. وعلى الرغم من اتخاذه موقفاً منفتحاً من القضية الكردية يتماشى مع التحولات الكبيرة التي قادها زعيمه، كمال كلجدار أوغلو، في السنوات الأخيرة نحو فكر"اليسار الديمقراطي"، إلا أن برنامجه المكتوب بلغة بيروقراطية ثقيلة لم يتناول الأمور الأساسية المتعلقة بهذه القضية، ولم يحمل أي رؤية واضحة لحلّها. وعلى الرغم من تأييده عملية السلام، فقد نسف الحزب كل الآليات التي أوصلت القضية لوضعها الراهن، إذ طالب الحزب كما في السابق بجعل مكان عملية السلام تحت قبة البرلمان، مما يعني نسف تام للآليات التي أوصلت العملية إلى وضعها الراهن. فالحزب لا يعترف بالبنود العشرة التي طالب أوجلان بأن تكون محور التفاوض، كما أنّ سحب العملية إلى البرلمان، يعني إنهاء أي دور لأوجلان فيها كمحاور رئيس ووحيد قادر على ضبط الجناح العسكري للحزب.
من جانبه، لم يختلف برنامج حزب "الشعوب الديمقراطي" عن برنامجه للانتخابات البلدية أو الرئاسية السابقة، إذ لا شيء جديد، أو لنقل، إنّه لم يحصل تطور حقيقي على مستوى القضية الكردية يستدعي طرحاً جديداً، سوى معارضة النظام الرئاسي الذي يدعو إليه أردوغان.
وعلى الرغم من معارضته طرح أردوغان الذي يتنكر فيه لوجود "قضية كردية" وجعلها "مشكلة كردية"، كإحدى مشاكل المجتمع التركي، يستمر "الشعوب الديمقراطي" في تبني أطروحات أوجلان التي تجعل من القضية الكردية، أيضاً، مشكلة ثانوية لأزمة الديمقراطية في تركيا، فلا يتحدث الحزب الآن عن القضية الكردية بوصفها محورية أو بوصفه حزب كردي، بل بات "الشعوب الديمقراطي" يطرح نفسه حزباً تركياً يسارياً يتناول القضية الكردية، كإحدى المشاكل التي نتجت عن انعدام الديمقراطية، كقضية العلويين وباقي الأقليات الأخرى.
اقرأ أيضاً: المعارضة التركية تتنافس على أصوات الأقليات