تركيا.. من الإفلاس إلى الانتعاش في عهد أردوغان

07 يونيو 2015
الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان (أرشيف/Getty)
+ الخط -

شهد الاقتصاد التركي خلال أول عشر سنوات من وصول العدالة والتنمية للحكم في نوفمبر/تشرين الثاني 2002 قفزة نوعية، إذ استطاع الحزب إنقاذ البلاد من واحدة من أكبر الأزمات الاقتصادية، وذلك بعد انهيار الليرة التركية بنسبة 100% وارتفع التضخم إلى مستويات قياسية، حيث وصل إلى 70% وأفلست على إثرها نصف البنوك التركية، ووصلت معدلات البطالة مستويات خرافية.

ومنذ انتخاب حكومة العدالة والتنمية، التزمت بتنفيذ الاتفاق الموقع مع صندوق النقد الدولي عام 2001، والذي أجبرها على اتخاذ سياسات تقشفية صارمة، وإجراء إصلاحات هيكلية طالت عددا من القطاعات كان أهمها القطاع المصرفي، حيث تم تعويم سعر الليرة التركية، ورفع القيود المفروضة على تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، وشددت على الانضباط المالي، ورفعت استقلالية البنك المركزي.

وتمكنت حكومة حزب العدالة والتنمية، عبر هذه الإجراءات خلال أقل من أربع سنوات؛ أي عام 2006 من خفض نسبة التضخم ومعدلات الفائدة إلى أقل من 10%، لينتعش الاقتصاد، وتصل نسبة النمو بين عامي 2002 و2006 إلى 7%، مترافقا مع تدفق كبير للاستثمارات الخارجية.

ورغم أن الاقتصاد التركي كان ولا يزال في مرحلة النقاهة، لكنه استعاد عافيته بسرعة كبيرة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، لتصل نسبة النمو في كل من عام 2010 و2011 إلى 9 و8% على التوالي، ويزداد مستوى دخل الفرد ما يقارب ثلاثة أضعاف، فبينما كان دخل الفرد السنوي لا يتجاوز 3500 دولار عام 2002 تجاوز خلال عشر سنوات العشرة آلاف دولار.

وأصبح الاقتصاد التركي في المرتبة السّابعة عشرة عالميّاً والسّادسة في القارّة الأوروبية،

وارتفع النّاتج القومي الإجمالي من 230 مليار دولار في العام 2002، إلى 820 مليار دولار خلال العام 2013، كما ازدادت قيمة الصّادرات التركية من 36 مليار دولار إلى 158 مليار دولار. أي ما يزيد على الأربعة أضعاف، وذلك في الوقت الذي تراجعت فيه نسبة الدّين العام مقارنة بالدّخل القومي من 74 إلى 36%.

واستطاعت أنقرة ولأول مرة منذ أكثر من 50 عاماً سداد كافة ديونها لصندوق النقد الدولي العام الماضي، بل وتحولت إلى إحدى الدول الداعمة للصندوق.

اقرأ أيضاً: أردوغان: 120 مليار دولار خسائر محاولة الانقلاب في 2013

في غضون ذلك، استفاد الاقتصاد التركي من عدة عوامل، أهمها الموقع الجغرافي المهم والقريب من أسواق الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن تزايد التعداد السكاني، الذي لم يكن قد تم استغلاله بكامل إمكاناته الاقتصادية بعد، حيث ارتفع تعداد سكان تركيا بين 2001-2012 فقط بمقدار عشرة ملايين مواطن، إضافة إلى تغيير التوجهات الاقتصادية في أجزاء أخرى من العام، رافعة رصيدها من الإصلاحات عبر إطلاق محادثات الانضمام للاتحاد الأوروبي، التي كانت بدورها حافزاً لمزيد من الإصلاحات ورافعة ممتازة لسمعة البلاد في نظر المستثمرين الأجانب.

وكان لهذه الإصلاحات تأثير واسع، فقد أدت إلى ظهور طبقة جديدة من رجال الأعمال في مدن وسط الأناضول كقونيا وكايسري وغازي عنتاب، التي باتت تدعى نمور الأناضول، وشكلت بديلاً للطبقة الصناعية التقليدية المتواجدة في مدينة إسطنبول ومحيطها، لتتحول إلى أحد أهم محركات نمو الصادرات التركية إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

عقبات النمو

ورغم النجاحات الكبيرة على مستوى الاقتصاد الكلي، إلا أنه لا يزال هناك عدد من العوامل التي تعيق انضمام تركيا إلى مستوى الدول المتقدمة، منها تأخر إصلاح البرامج التعليمية، فلم يتم رفع إلزامية التعليم من 8 إلى 12 عاماً حتى عام 2012، كما لم يتم اتخاذ خطوات حقيقية لإعادة هيكلة ورفع مستوى قطاع التعليم المدرسي والجامعي، ما أثر بشكل سلبي على مستوى مؤهلات الطبقة العاملة.

وفي ما يخص الحد الأدنى للأجور فلا يزال منخفضاً، ولا يعكس الفروق الكبيرة بين المناطق التركية في تكاليف المعيشة، الأمر الذي حاولت المعارضة التركية استغلاله في الانتخابات الحالية كإحدى الأوراق لرفع نسبة المصوتين لها، وبحسب فاروق جِليك وزير العمل والضمان الاجتماعي، فإن تعداد العاملين بالحد الأدنى للأجور كان مليونين و796 ألفا تقريباً في عام 2002 ليصل في تموز/يوليو من العام الماضي إلى 4 ملايين و970 ألف عامل، ولا يصل إلى يد العامل التركي العامل بالحد الأدنى للأجور، بعد حسم الضرائب والتأمينات الاجتماعية والصحية أكثر من 950 ليرة تركية، ما يبقي الملايين من الأتراك تحت مستوى الفقر الذي يقدر في تركيا بنحو 1349 ليرة تركية، وذلك بحسب اتحاد نقابات العمال التركي (تورك إيشي)، لكن الحكومة التركية تدفع بالكثير من المساعدات لذوي الدخل المحدود تحت بند المساعدات الاجتماعية، لترتفع نفقاته كل عام بما يقارب 220 مليار ليرة تركية، الأمر الذي ينتقده العديد من المعارضين والاقتصاديين.

ويطلق الأتراك على هذا الدعم الاجتماعي اسم "اقتصاد الصَدَقَة" ،حيث لا يزال النظام الضريبي غير فعال، وذلك وسط شبهات فساد كبيرة تحيط ببعض المسؤولين الحكوميين.


اقرأ أيضاً: 6.8 مليارات ليرة عجزاً في الموازنة التركية خلال مارس

المساهمون