الحزب الحاكم في اليابان يخسر الانتخابات التشريعية

27 أكتوبر 2024
خلال الاستعدادات لفرز الأصوات بالانتخابات العامة، 27 أكتوبر 2024 (رويترز)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- خسر الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم في اليابان أغلبيته في البرلمان، مما يمثل انتكاسة لرئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، بعد حملة انتخابية صعبة واجه فيها الحزب ارتفاع التضخم وفضيحة مالية.

- أثارت نتيجة الانتخابات غموضًا حول قدرة الائتلاف الحاكم على الاحتفاظ بالأغلبية المطلقة، مما قد يدفع الحزب للبحث عن حلفاء جدد أو تشكيل حكومة أقلية، مع تأثير محتمل على استقرار الأسواق المالية اليابانية.

- تعهد إيشيبا بإصلاح الحزب ليصبح أكثر عدلاً وشفافية، لكنه يواجه انتقادات وتحديات من الحزب الديمقراطي الدستوري المعارض الذي عزز حضوره في البرلمان.

خسر الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم في اليابان غالبيته في البرلمان، خلال الانتخابات التشريعية التي جرت اليوم الأحد، للمرة الأولى منذ 2009 وفق تقديرات، ما يمثل انتكاسة مريرة لرئيس الوزراء الجديد شيغيرو إيشيبا الذي دعا إلى هذه الانتخابات المبكرة على أمل تعزيز سلطته.

وسيحصل الحزب الديمقراطي الليبرالي، في ختام حملة انتخابية واجه فيها ارتفاع التضخم وتداعيات فضيحة مالية، على ما بين 153 و219 مقعداً (من أصل 465) بحسب تقديرات التلفزيون العام "إن إتش كيه"، أي أقل بكثير من الغالبية المطلقة (233) في مجلس النواب. وستكون نتيجة كهذه غير مسبوقة في تاريخ الحزب الذي تمكن من البقاء في السلطة تقريباً طوال تاريخه الممتد منذ عام 1955، كما تمثل هزيمة قاسية لإيشيبا (67 عاماً) الذي تولى منصب رئيس الوزراء في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول بعد أن تزعم الحزب.

وكان هو من دعا إلى هذه الانتخابات المبكرة على أمل تعزيز سلطته. وقال إيشيبا للقناة العامة إن الحزب عوقب "بقسوة" في الانتخابات، مضيفاً أن الناخبين "أعربوا بوضوح عن رغبتهم في رؤية الحزب الديمقراطي الليبرالي يفكر (في أسباب هزيمته) ويصبح حزباً يتصرف بما يتماشى مع إرادة الشعب".

وبعد ثلاث ساعات على إغلاق مراكز الاقتراع، لم تتمكن بعد تقديرات التلفزيون العام "إن إتش كيه" المستندة إلى استطلاعات الرأي عند الخروج من مراكز الاقتراع، من تحديد ما إذا كان الائتلاف الحكومي الذي شكله الحزب الديمقراطي الليبرالي مع حليفه كوميتو (يمين الوسط) سيتمكن من الاحتفاظ بالأغلبية المطلقة. لكن التوقعات التي نشرتها صحيفتا أساهي ويوميوري اليابانيتان رجّحت فشل التحالف في الاحتفاظ بها.

غير أن الحزب، ونظراً لافتقاره إلى الأغلبية المطلقة مع شريكه في الائتلاف، سيتعين عليه إيجاد حلفاء آخرين أو تشكيل حكومة أقلية هشة علما أن المعارضة لا تزال مقسمة بشكل لا يسمح لها باقتراح تناوب. وبالاعتماد على حجمها، من المحتمل أن تثير هذه النكسة الانتخابية الذعر في الأسواق المالية التي لم تعتد هذا السيناريو، بحسب محللين.

ويواجه الحزب الليبرالي الديمقراطي صعوبة في طي صفحة فضيحة التمويل المتورط فيها والتي سبق أن أدت إلى فقدان رئيس الوزراء السابق فوميو كيشيدا شعبيته. وأكد إيشيبا خلال تجمع انتخابي، أمس السبت، في طوكيو أن الحزب الليبرالي الديمقراطي يريد "الانطلاق على أسس جديدة بوصفه حزباً عادلاً ومنصفاً وصادقاً" ووعد الناخبين بـ"يابان جديدة"، آملاً في تنفيذ برنامجه لتعزيز الأمن والدفاع وزيادة الدعم للأسر ذات الدخل المنخفض وتنشيط الريف الياباني.

ولكن في حين تعهد إيشيبا عدم دعم ترشح الأعضاء المتورطين في الفضيحة، ذكرت صحيفة أساهي أن حزبه دفع 20 مليون ين (122 ألف يورو) للفروع المحلية التي يقودها هؤلاء المسؤولون. ومن شأن ذلك أن يثير غضب المعارضة والناخبين، في حين يغذي الارتفاع المستمر في الأسعار الذي يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية، استياءهم، كما تعرض إيشيبا لانتقادات لأنه تراجع عن العديد من الوعود منذ انتخابه.

ولطالما كان إيشيبا منبوذاً في الحزب، حيث كان ينتقد قادته والعائلات السياسية وهذا ما منحه نوعاً من الشعبية، لكن هذه الأيقونة سرعان ما تضررت في الحملة الانتخابية. وفي حال غادر إيشيبا منصبه بعد الهزيمة الانتخابية، فسيصبح رئيس الوزراء الذي أمضى أقصر ولاية في البلاد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويصادف الأحد اليوم السادس والعشرين من ولايته، وفي رده على سؤال للتلفزيون العام "إن إتش كيه" الأحد حول مستقبله، رفض إيشيبا التعليق.

وكان استطلاعا رأي للناخبين في اليابان لدى خروجهم من مراكز الاقتراع أظهرا أن الائتلاف الحاكم قد يفقد أغلبيته البرلمانية، ما يزيد حالة الغموض المتعلقة بتشكيل الحكومة في رابع أكبر اقتصاد في العالم. وكشف استطلاع رأي أجرته هيئة الإذاعة الوطنية اليابانية أن من المتوقع أن يفوز الحزب الديمقراطي الليبرالي وشريكه الأصغر في الائتلاف حزب كوميتو‭‭‭‭ ‬‬‬‬بما يراوح بين 174 و254 مقعداً من أصل 465 في مجلس النواب. ومن المرجح أن يفوز الحزب الديمقراطي الدستوري الياباني المعارض بما يراوح بين 128 و191 مقعداً، ما قد يضطر الحزب الديمقراطي الحر أو الحزب الديمقراطي الدستوري الياباني إلى التفاوض مع أحزاب أخرى لتشكيل حكومة.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته قناة نيبون التلفزيونية أن الائتلاف الحاكم سيفوز بحوالى 198 مقعداً مقابل 157 للحزب الديمقراطي الدستوري. والرقمان بعيدان عن الأغلبية الصريحة التي تتطلب حصد 233 مقعداً. وعاقب الناخبون ائتلاف حزب رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا بسبب فضيحة تتعلق بالتمويل وارتفاع التضخم.

وعزز الحزب الديمقراطي الدستوري، حزب المعارضة الرئيسي، حضوره في البرلمان بشكل كبير، بحسب "إن إتش كيه". وانتقد زعيمه رئيس الوزراء السابق يوشيهيكو نودا، أمس السبت، "سياسة الحزب الليبرالي الديمقراطي المتمثلة في تنفيذ إجراءات أولئك الذين يقدمون لهم الكثير من المال، بشكل سريع".

وأكد ماساتو كاميكوبو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ريتسوميكان، أن "أغلبية اليابانيين يثقون بنودا"، مشيراً إلى أنه "في الأساس محافظ براغماتي للغاية" وأن موقفه "لا يختلف كثيراً عن موقف الحزب الليبرالي الديمقراطي"، لكن فوز الحزب الليبرالي الديمقراطي "أمر صعب لأن المعارضة منقسمة للغاية"، بحسب الأكاديمي. وتنافس 1344 مرشحاً، الأحد، بينهم 23.4% من النساء وهي نسبة منخفضة لكنها تمثل رقماً قياسياً في بلد يتّسم بانعدام المساواة بين الجنسين. وبلغت نسبة المشاركة قبل ثلاثين دقيقة من إغلاق صناديق الاقتراع 31.52%.

ودعا إيشيبا إلى إجراء انتخابات مبكرة فور انتخابه لرئاسة الحزب الشهر الماضي، أملاً في الحصول على تأييد عام لفترة ولايته. واستقال سلفه فوميو كيشيدا بعد أن هبطت شعبيته بسبب ضغوط ارتفاع تكاليف المعيشة وفضيحة تتعلق بتبرعات غير مسجلة تلقاها أعضاء البرلمان الياباني. وحافظ الحزب الديمقراطي الليبرالي على أغلبية صريحة منذ عودته إلى السلطة في عام 2012 بعد فترة قصيرة من حكم المعارضة.

وقد تؤدي الصراعات السياسية إلى زعزعة استقرار الأسواق وتجلب المتاعب لبنك اليابان (البنك المركزي الياباني) حال اختيار إيشيبا شريكاً يفضل الحفاظ على أسعار الفائدة قرب الصفر عندما يريد البنك المركزي رفعها تدريجياً. وانخفضت الأسهم اليابانية 2.7% الأسبوع الماضي على مؤشر نيكي القياسي، بعد أن أشارت استطلاعات الرأي لأول مرة إلى أن الائتلاف الحاكم قد يخسر أغلبيته.

(رويترز، فرانس برس)