ويوضح المصدر أن "القرار سيكون بعدم المشاركة بمجموعات العمل والتحفّظ عليها"، مشيراً إلى أن "الائتلاف قد أرسل 40 استفساراً وتساؤلاً لفريق المبعوث الدولي حول الخطة المقترحة". ويرى المصدر أن "الخطة تمنح النظام مزيداً من الوقت ليواصل عمليات القتل في حق المدنيين، وتفتقر إلى الآليات الواضحة، وتتجاوز الإقرار بالتمثيل الشرعي لقوى الثورة والمعارضة السورية".
ويبدو أن "الائتلاف" يسعى للاستفادة من التوافق بالموقف من خطة دي مستورا بينه وبين الفصائل العسكرية الفاعلة على الأرض، ومعظم منظمات المجتمع المدني، من أجل تحسين العلاقة معها وخلق مزيد من التشبيك معها، على أمل إقناعها بقبوله كمظلّة سياسية لها.
وتبدو الفرصة سانحة، الآن، أمام "الائتلاف" لتحقيق خطوة على طريق حصوله على شرعية من الفصائل العسكرية ومنظمات المجتمع المدني، وتشكيل حامل سياسي لها أمام الأمم المتحدة، وذلك من خلال تمثيل تلك الفصائل والمنظمات سياسياً في موقفها من خطة دي ميستورا.
كما أن موقف "الائتلاف"، مدعومٌ بأكبر الفصائل والمنظمات المدنية، من الخطة، يمنحه وزناً كبيراً، لا يُمكن للمبعوث الأممي تجاهله، كما كان يهدد دي ميستورا بأنه في حال رفض الائتلاف المشاركة في اللجان فإنه سيشكلها من دونه. وبغياب "الائتلاف"، ستتحوّل خطة دي ميستورا إلى مشروع داخلي بين النظام وبعض مواليه الذين يضعهم النظام في خانة ما يسميه "معارضة وطنية".
اقرأ أيضاً: الأزمة السورية وخطة دي ميستورا.. ماذا بعد؟
ويكشف مصدر مسؤول في أحد الفصائل العسكرية، لـ"العربي الجديد"، أن "مديري المكاتب السياسية للفصائل العسكرية، ومنها أحرار الشام وجيش الإسلام وأجناد الشام وفيلق الشام، بالإضافة لعدد من الفصائل الهامة، أيضاً، عقدت اجتماعاً موسعاً، يوم الأحد، مع أعضاء الهيئة السياسية للائتلاف في مقر الأمانة العامة للائتلاف بإسطنبول. وكرّس اللقاء سلسلة اجتماعات سابقة بين لجنة من الائتلاف والمكاتب السياسية للفصائل".
ويشير المصدر العسكري إلى أن "موقف الفصائل متوافق مع موقف الائتلاف حول خطة دي ميستورا، وهناك العديد من التحفّظات عليها". ويضيف أن "الفصائل ستدعم القوى السياسية في قرارها من خطة دي ميستورا ومجموعات العمل الأربع"، لافتاً إلى أن "أي حلّ سياسي لا يزيح الرئيس السوري، بشار الأسد، من السلطة، لا يُمكن تطبيقه ولا يُمكن القبول به من كافة القوى الثورية والعسكرية". ويتهم المصدر العسكري دي ميستورا بـ"عدم الحياد وميله إلى النظام، والالتفاف على بيان جنيف القاضي بتشكيل هيئة الحكم الانتقالية التي تُسقط بشار الأسد من السلطة".
وكان مصدر مُطلّع في دمشق قد روى لـ"العربي الجديد"، بعض كواليس الزيارة الأخيرة لدى ميستورا إلى دمشق، والتي وصفها بأنها كانت "سلبية". ويوضح أن "دي ميستورا التقى نائب وزير الخارجية، فيصل المقداد، فقط، على الرغم من أنه طلب لقاء الأسد، ووزير خارجيته، وليد المعلم".
وكشف المصدر أن "لقاء دي ميستورا بالمقداد لم يكن ودياً، وحصلت خلاله مشادة كلامية بينهما، إثر انتقاد المقداد المبعوث الأممي واتهامه بعدم الحيادية، بسبب عدم إدانته قصف دمشق بالصواريخ، وحديث الأخير عن مجازر قوات النظام المتواصلة في مدينة دوما".
ويضيف أن "المبعوث الأممي عرض خطته وآليات عمل اللجان الأربع المُزمع تشكيلها، على المقداد، لكن الأخير أبلغه أن لديه الكثير من المآخذ على خطته". أما في ما يخصّ تشكيل اللجان، فيؤكد المصدر أن "المقداد استمهل دي ميستورا حتى تتم دراستها، ورفض أن تعمل اللجان بشكل متواز، معرباً عن إصراره على أن يبدأ العمل في لجنة مكافحة الإرهاب، وعقب إنهاء أعمالها يتم الانتقال إلى اللجنة التي تليها".
ويلفت المصدر إلى أن "المقداد طالب بقائمة الأسماء الخاصة بالمعارضة المقترح مشاركتها في اللجان المشتركة، بحسب خطة دي ميستورا، مبدياً رفضه المشاركة في أيّ لجنة يشارك فيها الائتلاف الوطني المعارِض، إضافة إلى رفضه مشاركة مجموعة من الشخصيات والكيانات المعارضة الأخرى في الداخل والخارج"، لم يحددها المصدر.
كما علمت "العربي الجديد" من مصدر مطلع في دمشق، أن "دي ميستورا سيزور دمشق قبل 21 سبتمبر/أيلول الحالي من أجل الحصول على أسماء مرشحي النظام للجان العمل الأربع، بالإضافة للإجابة عن بعض استفسارات النظام حول عمل اللجان لناحية آلية إدارة جلسات عملها، ولناحية آلية اعتماد اقتراحاتها، بعد أن أرسلت أحزاب المعارضة الداخلية ومعظم الهيئات المشاركة في مؤتمر القاهرة سيفيات لممثليها في اللجان".
وبيّن المصدر أن "زيارة دي ميستورا المقبلة لدمشق تأتي على خلفية زيارة مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، دمشق ولقائه الأسد، بموازاة زيارة المبعوث الأممي الأخيرة. وهو ما يُظهر أن الايرانيين مارسوا ضغطاً على الأسد للقبول بمبادرة دي ميستورا والتعامل معها بشكل إيجابي".
وسيُعلن دي ميستورا، في 21 سبتمبر، أيضاً، بدء عمل اللجان الأربع، علماً أن "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي"، أعلنت وحدها مشاركتها في مجموعات العمل الأربع، حتى الآن. كما أبدت استعدادها تقديم "مرشحيها ممن يتمتعون بالاختصاص والكفاءة والخبرة كما أبدت استعدادها مناقشة ما ورد من أفكار ومهام بهدف إغنائها وتطويرها".
اقرأ أيضاً: في نقد مسودة مذكرة دي ميستورا