لطالما كان الأمن أحد أبرز مقومات استقرار الدول والمجتمعات، وأحد أهم معاني الرفاهية الموعودة، وأيضاً أحد أكبر المبررات التي تتسلح بها الأنظمة غير الشرعية لتسويغ استمرارها في السلطة وعدم السماح بأي تداول لها إن على مستوى الأفراد أو على مستوى الأحزاب.
في سورية، صعد نظام ديكتاتور على جماجم الآلاف وجثم على صدور السوريين لعقود بالخوف والرعب، وبمعادلة انتهازية تخير الشعب بكل مكوناته بين التسليم للأمر الواقع من أجل الحصول على سراب "الأمن"، أو ما يمكن تسميته بالأحرى "الرعب المؤجل"، وبين الحبس والتعرض للموت والإرهاب والتعذيب الجسدي والنفسي والفكري والتشهير الاجتماعي، فكان الأمن بهذا المعنى وسيلة لقمع الإرادة الشعبية الراغبة في التغيير بدلاً من أن يكون هدفاً من أهداف نضالهم، ومظهراً من مظاهر رفاهيتهم.
لاحقاً، وبعد اندلاع الثورة السورية، والتي كان أحد أهم أسبابها القمع الوحشي المتواصل منذ عقود باسم "الأمن"، برزت للكيانات الجديدة المنبثقة عن الموجة الثورية من كتائب عسكرية وتجمعات سياسية وهيئات مدنية أهمية وقيمة "الأمن" في الأحوال العادية بعدما بدؤوا يعيشون الواقع الأمني بعيداً عن تسمية فروع الموت والإرهاب التابعة للمخابرات السورية بالأفرع الأمنية. وخاصة بعد انتقال الثورة السورية إلى المستوى العسكري ما مكن الثوار من التحرر نسبياً، وفي بعض الأحيان مؤقتاً، من القبضة الأمنية وبطشها، الأمر الذي خلق واقعاً جديداً مليئاً بالتحديات والإشكالات.
ففضلاً عن مشكلة عدم انضباط بعض الأفراد ضمن الفصائل المسلحة، وحتى بعض تلك الفصائل نفسها، برزت مشكلة الفراغ الأمني وصعود ملحوظ في عمليات السطو المسلح ومباشرة الأعمال غير القانونية، ومع أن هذه المشكلة ووجهت من قبل الفصائل بتنسيق أمني والاتفاق على قضاء موحد للفصل في النزاعات ومعاقبة المخلين بالأمن والمخالفين للقانون، إلا أن هذا الحل لم يضع حداً لمجمل المشاكل الأمنية.
في المقابل، يعتبر نظام الأسد نفسه الوكيل الحصري للدولة، وبالتالي فإن معادلة الأمن مقابل الخضوع، أو مقولة أنصاره و"شبيحته" المشهورة (الأسد أو نحرق البلد) تسري في كل تصرفاته وليست العسكرية إلا بعضها.
فعلى الصعيد العسكري، كانت استراتيجية نظام الأسد، ومنذ اليوم الأول لخروجه من بعض القرى وبعض الأحياء في المدن الكبرى، تقتضي صب الموت والدمار على تلك المناطق، وعدم إتاحة الفرصة أمام سكانها لاختبار العيش بهدوء بعيداً عن جحيم الأسد وزبانيته ومخابراته، ومنعهم من العيش بأمن غير ذلك الذي يستحضر معادلته الدموية (الأسد أو نحرق البلد)، ومن ثم ألحق الدمار بالأبنية السكنية والمنازل، ولم يكن ذلك ليكفي في منظوره الاستراتيجي، فقد ركز على تدمير المرافق الحيوية التي لا استقرار لحياة أي مجتمع معاصر بدونها، كالمخابز والأسواق والمدارس والمستشفيات، وأيضاً عمل على تدمير المرافق ذات الطابع الرمزي، مثل المساجد، إمعاناً منه في تثبيت معادلته الدموية المدمرة (الأسد أو نحرق البلد).
وبعيداً عن مناقشة دوافع الصمود الأسطوري الذي شهدناه في معظم المناطق المحاصرة، وإصرار جزء من أهالي هذه المناطق على مواصلة العيش فيها رغم كل دواعي الهجرة، يهدد فشل الكيانات الثورية والمعارضة في سد هذه الفجوة الخطيرة، المتمثلة بعدم قابلية المناطق الخاضعة لسيطرتها للحياة بغض النظر عن الأسباب، بانتزاع الأسد "شرعية" ما من السكان المحليين الذين بات الأمن ولقمة العيش والعودة إلى مساكنهم والاستغناء عن ذل الغربة في الداخل أو الخارج، مطلباً جوهرياً.
ومن ثم وجب على قوى الثورة التفكير جيداً في الحلول والبدائل، وبذل كل الجهود الممكنة في هذا الصدد، وقبل ذلك وبعده تنحية الصراعات البينية الفكرية والفصائلية والسياسية جانباً، وتحييد المدنيين عنها، لأن الثورة أو الفصيل أو الحزب الذي لا ينطلق من حاضنة شعبية مؤمنة به ومستعدة للتضحية من أجله، سيزول عاجلاً أم آجلاً، ولطالما كان تدمير الحاضنة الشعبية للثورة والثوار هدفاً رئيسياً لنظام الأسد وتحركاته العسكرية ومجازره البشعة، المتواصلة منذ أكثر من 5 سنوات.
في سورية، صعد نظام ديكتاتور على جماجم الآلاف وجثم على صدور السوريين لعقود بالخوف والرعب، وبمعادلة انتهازية تخير الشعب بكل مكوناته بين التسليم للأمر الواقع من أجل الحصول على سراب "الأمن"، أو ما يمكن تسميته بالأحرى "الرعب المؤجل"، وبين الحبس والتعرض للموت والإرهاب والتعذيب الجسدي والنفسي والفكري والتشهير الاجتماعي، فكان الأمن بهذا المعنى وسيلة لقمع الإرادة الشعبية الراغبة في التغيير بدلاً من أن يكون هدفاً من أهداف نضالهم، ومظهراً من مظاهر رفاهيتهم.
لاحقاً، وبعد اندلاع الثورة السورية، والتي كان أحد أهم أسبابها القمع الوحشي المتواصل منذ عقود باسم "الأمن"، برزت للكيانات الجديدة المنبثقة عن الموجة الثورية من كتائب عسكرية وتجمعات سياسية وهيئات مدنية أهمية وقيمة "الأمن" في الأحوال العادية بعدما بدؤوا يعيشون الواقع الأمني بعيداً عن تسمية فروع الموت والإرهاب التابعة للمخابرات السورية بالأفرع الأمنية. وخاصة بعد انتقال الثورة السورية إلى المستوى العسكري ما مكن الثوار من التحرر نسبياً، وفي بعض الأحيان مؤقتاً، من القبضة الأمنية وبطشها، الأمر الذي خلق واقعاً جديداً مليئاً بالتحديات والإشكالات.
ففضلاً عن مشكلة عدم انضباط بعض الأفراد ضمن الفصائل المسلحة، وحتى بعض تلك الفصائل نفسها، برزت مشكلة الفراغ الأمني وصعود ملحوظ في عمليات السطو المسلح ومباشرة الأعمال غير القانونية، ومع أن هذه المشكلة ووجهت من قبل الفصائل بتنسيق أمني والاتفاق على قضاء موحد للفصل في النزاعات ومعاقبة المخلين بالأمن والمخالفين للقانون، إلا أن هذا الحل لم يضع حداً لمجمل المشاكل الأمنية.
في المقابل، يعتبر نظام الأسد نفسه الوكيل الحصري للدولة، وبالتالي فإن معادلة الأمن مقابل الخضوع، أو مقولة أنصاره و"شبيحته" المشهورة (الأسد أو نحرق البلد) تسري في كل تصرفاته وليست العسكرية إلا بعضها.
فعلى الصعيد العسكري، كانت استراتيجية نظام الأسد، ومنذ اليوم الأول لخروجه من بعض القرى وبعض الأحياء في المدن الكبرى، تقتضي صب الموت والدمار على تلك المناطق، وعدم إتاحة الفرصة أمام سكانها لاختبار العيش بهدوء بعيداً عن جحيم الأسد وزبانيته ومخابراته، ومنعهم من العيش بأمن غير ذلك الذي يستحضر معادلته الدموية (الأسد أو نحرق البلد)، ومن ثم ألحق الدمار بالأبنية السكنية والمنازل، ولم يكن ذلك ليكفي في منظوره الاستراتيجي، فقد ركز على تدمير المرافق الحيوية التي لا استقرار لحياة أي مجتمع معاصر بدونها، كالمخابز والأسواق والمدارس والمستشفيات، وأيضاً عمل على تدمير المرافق ذات الطابع الرمزي، مثل المساجد، إمعاناً منه في تثبيت معادلته الدموية المدمرة (الأسد أو نحرق البلد).
وبعيداً عن مناقشة دوافع الصمود الأسطوري الذي شهدناه في معظم المناطق المحاصرة، وإصرار جزء من أهالي هذه المناطق على مواصلة العيش فيها رغم كل دواعي الهجرة، يهدد فشل الكيانات الثورية والمعارضة في سد هذه الفجوة الخطيرة، المتمثلة بعدم قابلية المناطق الخاضعة لسيطرتها للحياة بغض النظر عن الأسباب، بانتزاع الأسد "شرعية" ما من السكان المحليين الذين بات الأمن ولقمة العيش والعودة إلى مساكنهم والاستغناء عن ذل الغربة في الداخل أو الخارج، مطلباً جوهرياً.
ومن ثم وجب على قوى الثورة التفكير جيداً في الحلول والبدائل، وبذل كل الجهود الممكنة في هذا الصدد، وقبل ذلك وبعده تنحية الصراعات البينية الفكرية والفصائلية والسياسية جانباً، وتحييد المدنيين عنها، لأن الثورة أو الفصيل أو الحزب الذي لا ينطلق من حاضنة شعبية مؤمنة به ومستعدة للتضحية من أجله، سيزول عاجلاً أم آجلاً، ولطالما كان تدمير الحاضنة الشعبية للثورة والثوار هدفاً رئيسياً لنظام الأسد وتحركاته العسكرية ومجازره البشعة، المتواصلة منذ أكثر من 5 سنوات.