مغادرة ميسي لبرشلونة ستُغير كرة القدم

10 اغسطس 2021
مغادرة ميسي لبرشلونة قد تكون لحظة مفصلية في مفهوم كرة القدم (Getty)
+ الخط -

قيل وسيُقال الكثير عن الزلزال الذي أصاب كرة القدم في العالم بعد قرار نادي برشلونة الإسباني بأنّ النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي لن يوقع عقداً جديداً، وسط سيل من ردود الأفعال التي لم تتوقف ولن تتوقف على الأرجح.

ميسي وبرشلونة كانا يريدان المتابعة، لكن شيئاً ما حصل عرقل الموضوع.

ما الذي حصل تحديداً وأبعد ميسي عن برشلونة؟ كُثر اطلعوا على مضمون القوانين الجديدة لـ"الليغا" الإسبانية، فعند تسجيل أي لاعب جديد في أي نادٍ، يجب أن لا تتجاوز رواتب اللاعبين 70% من الواردات.

رواتب لاعبي برشلونة حالياً هي 95% من الواردات، وبالتالي هذا يفسر حرفياً ماذا يعني أنه حتى لو قرر ميسي التوقيع مجاناً مع برشلونة فلا يمكن تسجيله، فضلاً عن أنّ ذلك مستحيل لأنّ قوانين العمل في إسبانيا تمنع أن يكون تجديد العقود براتب أقل من 50% عن السنة التي قبلها.

أين المشكلة الحقيقية إذاً؟ ما يبدو واضحاً ومنطقياً أنّ رئيس نادي برشلونة خوان لابورتا ومحامي النادي كانا يعلمان بهذه القوانين، وهما يدركان جيداً حجم الكارثة الاقتصادية التي يعيشها النادي، لماذا كانت كل هذه الوعود قبل الانتخابات، ولماذا لم يستطيعا التخلص من الرواتب العالية للاعبين، الذين بالمناسبة لم يساعدوا إطلاقاً في بقاء ميسي.

لغز آخر يطرح نفسه في هذا الموضوع. لماذا لم يجدد لميسي قبل انتهاء عقده؟ وقتها لم يكن ليطبق قانون سقف الرواتب لأنه لن يعتبر تسجيلاً للاعب جديد. من المسؤول عن ذلك؟ وما هو دور موضوع "السوبر ليغ" في حسم أمر ميسي؟ حيثُ تشير بعض الأخبار إلى نصيحة كبيرة من رئيسي ناديي يوفنتوس الإيطالي وريال مدريد الإسباني أندريا أنييلي وفلورنتينو بيريز، للابورتا بعدم الموافقة على موضوع الصندوق الاستثماري الذي طرحه رئيس رابطة "الليغا" خافيير تيباس، والذي كان سيرهن النادي لمدة 50 سنة كما يقال، لكنه سيؤمن موارد مالية ضخمة منها ما يقارب 280 مليون يورو يحصل عليها النادي فوراً تتيح له تسجيل ميسي.

ما هو أكيد أيضاً في تحليل ما حصل أنّ ميسي تفاجأ فعلاً، كان يعتقد أنّ الأمور تسير نجو تجديد عقده، مفاجأته يمكن قراءتها بوضوح في مكان آخر، في نادٍ كان اتفق معه في الموسم الماضي، بحسب الكثير من الأخبار؛ مانشستر سيتي ومدربه الإسباني بيب غوارديولا. النادي الذي لو كان يعلم بالأمر لما وقّع على الأرجح عقداً مع الإنكليزي جاك غريليش بمبلغ يفوق الـ100 مليون يورو قبلها بيومين.

أمام كل هذه التفاصيل وبعيداً عن الأمور الفنية والعاطفية، هناك شيء ربما لم يتناوله الكثيرون في تعليقاتهم، نحن أمام حدث تاريخي غير مسبوق في كرة القدم، نادٍ هو من الأشهر والأقوى في التاريخ يريد الحفاظ على قائده الذي يعتبر من الأشهر والأقوى في التاريخ، إن لم يكن الأقوى على الإطلاق، لكنه لا يقدر على ذلك بسبب صعوبات مالية خانقة تضع مستقبله في خطر.

هذه قد تكون لحظة مفصلية في مفهوم كرة القدم التي اعتدنا عليها، الأمور بعدها ستتغير طبعاً، هناك أندية كبيرة تقترب من الإفلاس، قصة ميسي سرعت كل شيء في برشلونة، إنتر ميلانو الإيطالي يبيع نجوم "السكوديتو"، أندية كبيرة أخرى لم تعد قادرة على القيام بصفقات ضخمة، الحلول لا تبدو قريبة وواضحة.

لكن ما هو أكيد وضروري جداً هو أنّ الأندية تضع بين أولوياتها حالياً تخفيض رواتب نجومها، وعليها الانتباه كثيراً لصفقاتها من الآن فصاعداً؛ لأنّ "الميركاتو" الكارثي والفاشل مالياً تحديداً هو الذي ساهم في إيصال الأندية إلى هنا. يكفي في برشلونة أن تذكر ثلاثة أسماء لكي تفهم الكثير من الذي حصل؛ عثمان ديمبيلي، فيليبي كوتينيو وأنطوان غريزمان.

المساهمون