الألعاب الأولمبية القديمة.. قصص أساطير الميثولوجيا من هرقل إلى بيلوبس

22 يوليو 2024
شخصيات أسطورية يونانية قديمة تؤدي عرضاً في حفل افتتاح أولمبياد 2004 في أثينا (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تاريخ الألعاب الأولمبية وأصولها الأسطورية**: بدأت الألعاب الأولمبية في عام 776 قبل الميلاد واستمرت حتى عام 393 ميلادياً. يُعتقد أن هرقل، ابن زيوس، هو من بدأها، وكانت مرتبطة بالأساطير الإغريقية مثل قصة بيلوبس.

- **الأساطير والشخصيات المرتبطة بالألعاب**: تضمنت الأساطير شخصيات مثل بيلوبس، الذي تزوج هيبوداميا بعد تغلبه على والدها. كانت الألعاب تُقام تكريماً للآلهة ولإحلال السلام والوئام.

- **إحياء الألعاب وتأثيرها على المجتمع**: أعيد إحياء الألعاب من قبل لكرغوس في إسبرطة بناءً على طلب بيثيا. توقفت الألعاب في عام 393 ميلادياً بأمر الإمبراطور ثيودوسيوس. تشير النظريات الحديثة إلى أن الألعاب كانت مستمدة من صيد الحيوانات والاحتفالات اليونانية القديمة.

يعود تاريخ الألعاب الأولمبية إلى عام 776 قبل الميلاد، حين كانت الألعاب تقام كلّ أربع سنوات، واستمرّ هذا الاحتفال حتى في فترة حُكم الرومان لليونان في القرن الثاني قبل الميلاد. وبحسب اللجنة الأولمبية الدولية، كان آخر احتفال مسجل لهذه الألعاب في عام 393 ميلادياً، في عهد الإمبراطور ثيودوسيوس الأول، ومن المحتمل أن الألعاب قد انتهت في عهد ثيودوسيوس الثاني، ربما بسبب الحريق الذي اندلع في معبد زيوس الأولمبي خلال فترة حكمه. قبل تلك الفترة هناك العديد من الروايات المثيرة، بعضها يرتبط بالخرافات والأساطير، لكن العلاقة بين الألعاب الأولمبية القديمة والميثولوجيا الإغريقية تبقى واحدة من أهم القصص المثيرة في التاريخ.

كان مهماً لليونانيين القدماء تجذير الألعاب الأولمبية في الأساطير، إذ نسبت أصولها إلى الآلهة، ومع مرور الوقت بات فضّ هذه التقاليد شبه مستحيل مع تغلغلها في المجتمع وقتها، ويغوص المؤرخ اليوناني بوسانياس في أصل الألعاب، حين جرى سباق بين هرقل "Heracles"، إله يوناني وابن لزيوس، وهو مختلف عن إيركوليس "Hercules" (إله روماني موازٍ له) وفقاً لدراسات جامعة هارفارد. واجه هرقل إخوانه بايونوس وإبيميديس ولاسيوس وإيداس في أولمبيا من أجل الترفيه، وحينها تُوّج المنتصر بإكليل زيتون (تحول لاحقاً إلى رمزٍ للسلام)، كما أن عدد المتسابقين يُفسّر المدّة الزمنية للأولمبياد وهي أربع سنوات، بين كلّ نسخة وأخرى.

الأساطير حول الأولمبياد متنوعة، وهناك الكثير من الروايات عن الألعاب، فواحدة منها بطلها بيلوبس (صاحب العيون الداكنة أو الوجه الأسمر)، وهو بطل أولمبي محلي، بحسب الكاتب الألماني ألبرت بوكرت، الذي كان متخصصاً في الميثولوجيا الإغريقية. قصة بيلوبس غريبة نوعاً ما، فقد ضحّى به والده للآلهة، ولم يلمسه أحد قبل أن تقدم بحسب الأساطير ديميتير (إلهة الطبيعة والنبات والفلاحة شقيقة زيوس وبوسيدون وهاديس) أو ثيتيس (حورية بحر قديمة من النيريدات "حوريات البحر الخمسين" ومن أقدم الآلهة التي عُبدت حينها)، على أكل جزء من كتفه (على مبدأ التضحية البشرية في الديانات الوثنية)، ليعيده زيوس إلى الحياة ويستبدل كتفه بواحدة عاجية. وبحسب الميثولوجيا، فقد أحب بوسيدون (إله البحر) بيلوبس كثيراً وساعده، لتنطلق قصته، إذ أراد هذا البطل الزواج من ابنة ملك بيزا في اليونان، أوينوماوس، حيث كانت هيبوداميا فائقة الجمال، لكن والدها كان يخشى على نفسه من ذلك، إذ تقول الأسطورة إن زوجها المستقبلي سيقتله.

وضع أوينوماوس شرطاً غريباً للزواج من ابنته، وهو أن يركب في عربته المميزة والسريعة ويلحق الرجل المتقدم للزواج، ومن ثم يرمي صوبه رمحاً، فإذا تفاداه كانت له هيبوداميا، وإذا لم ينجح في ذلك كان مصيره القبر والتراب، ووقعت الفتاة في حب بيلوبس، وأقنعت ميرتيلوس الذي كان يهتم بعربة والدها باستبدال مسمار العجلة بآخر مصنوع من الشمع، الذي بطبيعة الحال تفتت مع الوقت ليفقد الملك السيطرة ويموت بعدما جرّته الخيول. كان ميرتيلوس قد وُعد لقاء خدمته هذه لهيبوداميا بالعديد من الأمور، بينها أن تكون نصف المملكة له، لكن بيلوبس رماه من الجرف.

ومن وقتها يُقال إنّه لُعن بسبب غشّه وكذبه، إذ عانى أبناؤه من بعده وأحفاده، مات معظمهم بطرقٍ غريبة ودرامية بحسب موقع ستادي للدراسات، وتعرف القصة باسم "the curse of the Atreides"، وعلى أثرها تزوج بيلوبس هيبوداميا، ونظّم سباقات المركبات هديةً للآلهة وتكريماً للملك أوينوماوس، ومن هناك في أولمبيا استلهمت بدايات الألعاب. يؤكد الشاعر اليوناني الغنائي بندار أو بنداروس (تجدر الإشارة إلى أن القصص المتعلقة بالشعراء الغنائيين اليونانيين، تُعتبر الأقل تداولاً ومصداقية)، أن المهرجان في أولمبياد بدأه هرقل ابن زيوس بعدما أنشأ ألعاباً رياضية لتكريم والده.

وتوقفت الألعاب الأولمبية لسنوات طويلة ومن ثم أعيد إحياؤها من طرف لكرغوس المشرع الأسطوري في إسبرطة الذي جعل المجتمع عسكرياً، إذ أعاد الألعاب بناءً على طلب بيثيا (وسيطة روحية وكاهنة مع معبد أبولو في دلفي)، لتأكيدها أن ابتعاد الناس عن الآلهة أدى إلى إصابتهم بالطاعون، وضربتهم الحروب المستمرة، وأن عودة الألعاب سيكون تبشيراً لقدوم السلام.

ومن هنا يتضح أن جميع القصص التي استُعرضت في هذه الأساطير مرتبطة بالدين، وأن المنافسة الرياضية كانت مقترنة بعبادة الآلهة، وكان إحياء الألعاب يهدف إلى إحلال السلام والوئام والعودة إلى أصول الحياة اليونانية. هذه الأساطير وغيرها وثّقها المؤرخ بوسانيوس الذي عاش في عهد ثلاثة أباطرة رومان. بعض الروايات غير الموثوقة تؤكد أن الألعاب وجدت قبل 776 ق.م، تحديداً خلال حقبة اليونان الموكيانية أي أواخر العصر البرونزي لليونان القديم (1100-1600 قبل الميلاد).

وتشير النظريات الجديدة إلى أن الألعاب كانت مستمدّة من صيد الحيوانات والاحتفالات اليونانية ذات الصلة، مع العلم أن اليونانيين استمروا في الاحتفال بالألعاب حتى حين خضعت بلادهم للحكم الروماني، إلى أن قام الإمبراطور ثيودوسيوس بقمعهم في عام 393 ميلادي، باعتبارهم جزءاً من حملته لتعميم المسيحية ديناً للدولة في روما.

المساهمون