ليس مفهوماً لماذا يمكن أن يكون خبر إصابة إنسان، أي إنسان، بفيروس جديد خبراً صادماً. ولماذا نضطر إلى إقفال الحدود والمطارات والمعابر بوجه مواطني البلد الذي انتشر منه الفيروس؟ ومن قال إن إقفال الحدود يمنع الفيروس من دخول البلاد؟ ولماذا صار مواطنو البلاد التي خرج منها الفيروس كلهم "مصابين" حكماً و"متهمين" جميعهم إلى أن يثبت العكس؟
الإشاعات التي يتداولها كثيرون عن الإصابات لا تنتهي. منها مثلاً خبر وفاة مصاب في مستشفى معروف في بيروت قبل أيام. تركت الناس كل مصائبها اليومية - وهي لا تحصى - وانشغلت بهذا الخبر. صار احتمال إصابتنا بالفيروس أسوأ من إصاباتنا اليومية بالسرطان ومشاكلنا التي لا تحصى في البيئة والمياه والكهرباء والمصارف والطرقات. ولأننا نبحث عن نيزك "يُنهينا"، على ما تقول النكتة الشهيرة، وجدناه في الفيروس الجديد و"نفخنا" الفيروس كي يصير موتاً محتماً، حتى لو لم تكن الحقيقة كذلك. ولأن معظمنا جبان ومتوجس وشكاك أيضاً، عندما نخرج من نكتة الموت ونبحث عن حقيقة البقاء، استدعى الأمر ثلاثة تكذيبات رسمية على الأقل من المعنيين بتأكيد أو نفي الخبر، محلياً ودولياً. ومع ذلك، بقي هناك من لم يصدق النفي ولن يصدق.
أما النكات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً عن الفيروس، فهي كثيرة، ولا يبدو أنها ستتوقف في القريب العاجل. وهذه نكات تتداخل فيها أخبار الفيروس وما يرتبط به مع عاداتنا الصحية في التعاطي مع الأمراض إجمالاً، من أساليب التدفئة وأنواع الشراب والطعام الذي نتناوله خلال فترة المرض، وصولاً حتى إلى علاقاتنا الشخصية والعاطفية ببعضنا البعض. يصير أي موضوع مباحاً ربطه بالفيروس والسخرية منه والتصويب عليه. تصير العطسة العادية احتمال إصابة، والسعال احتمال إصابة، وتعبير الشخص عن شعوره بالحرارة احتمال إصابة. ويصير كل احتمال مصدر شك لنا، لأننا شكاكون بطبعنا. وهذا شك ورثناه وتراكم فينا على مراحل طويلة، ولأسباب عديدة، أهمها هشاشة المنظومات التي نعيش في رعايتها، وغياب ثقتنا بكل ما نتلقاه منها.
اقــرأ أيضاً
ليست الإصابة بفيروس كورونا الجديد، أو غيره من الفيروسات التي يمكن أن تظهر، أخطر ما يمكن أن يحصل لنا، ولن تكون. فالثقة في المنظومة التي نعيش فيها هي أكثر ما نفتقده خلال أيام الأزمات كائناً ما كان نوعها. وهذه أسوأ من فيروس، سيتراجع في وقت ما. أما الثقة فتحتاج زمناً طويلاً كي نستعيدها. زمن ربما لا يقل عن عدة أجيال.
الإشاعات التي يتداولها كثيرون عن الإصابات لا تنتهي. منها مثلاً خبر وفاة مصاب في مستشفى معروف في بيروت قبل أيام. تركت الناس كل مصائبها اليومية - وهي لا تحصى - وانشغلت بهذا الخبر. صار احتمال إصابتنا بالفيروس أسوأ من إصاباتنا اليومية بالسرطان ومشاكلنا التي لا تحصى في البيئة والمياه والكهرباء والمصارف والطرقات. ولأننا نبحث عن نيزك "يُنهينا"، على ما تقول النكتة الشهيرة، وجدناه في الفيروس الجديد و"نفخنا" الفيروس كي يصير موتاً محتماً، حتى لو لم تكن الحقيقة كذلك. ولأن معظمنا جبان ومتوجس وشكاك أيضاً، عندما نخرج من نكتة الموت ونبحث عن حقيقة البقاء، استدعى الأمر ثلاثة تكذيبات رسمية على الأقل من المعنيين بتأكيد أو نفي الخبر، محلياً ودولياً. ومع ذلك، بقي هناك من لم يصدق النفي ولن يصدق.
أما النكات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً عن الفيروس، فهي كثيرة، ولا يبدو أنها ستتوقف في القريب العاجل. وهذه نكات تتداخل فيها أخبار الفيروس وما يرتبط به مع عاداتنا الصحية في التعاطي مع الأمراض إجمالاً، من أساليب التدفئة وأنواع الشراب والطعام الذي نتناوله خلال فترة المرض، وصولاً حتى إلى علاقاتنا الشخصية والعاطفية ببعضنا البعض. يصير أي موضوع مباحاً ربطه بالفيروس والسخرية منه والتصويب عليه. تصير العطسة العادية احتمال إصابة، والسعال احتمال إصابة، وتعبير الشخص عن شعوره بالحرارة احتمال إصابة. ويصير كل احتمال مصدر شك لنا، لأننا شكاكون بطبعنا. وهذا شك ورثناه وتراكم فينا على مراحل طويلة، ولأسباب عديدة، أهمها هشاشة المنظومات التي نعيش في رعايتها، وغياب ثقتنا بكل ما نتلقاه منها.
ليست الإصابة بفيروس كورونا الجديد، أو غيره من الفيروسات التي يمكن أن تظهر، أخطر ما يمكن أن يحصل لنا، ولن تكون. فالثقة في المنظومة التي نعيش فيها هي أكثر ما نفتقده خلال أيام الأزمات كائناً ما كان نوعها. وهذه أسوأ من فيروس، سيتراجع في وقت ما. أما الثقة فتحتاج زمناً طويلاً كي نستعيدها. زمن ربما لا يقل عن عدة أجيال.