يمكن لمن يقف عند مدخل مدينة إعزاز بريف حلب، مشاهدة عشرات السيارات القادمة إلى المدينة، والتي تحمل بعض الفرشات والأغطية، إضافة إلى مستلزمات بسيطة وعبوات بلاستيكية تستخدم لتخزين الماء، وإلى جانبها تجلس نساء وأطفال يحدقون بما حولهم محاولين اكتشاف المكان، ويبدو على وجوههم الإرهاق والتعب الممزوج بالخوف.
ويبدو من العبث حاليا أن يبحث أحد النازحين عن منزل يأوي إليه، وإن وجد فغالبا سيكون إيجاره باهظا، في حين يستقبل عدد من المتطوعين منذ بدء حملة النزوح العائلات النازحة على مداخل إعزاز، ويخبرونهم بما يتوفر من مراكز إيواء بالجوامع أو المدارس، أو غيرها.
وأفاد أبو هاني الحلبي، من إعزاز، لـ"العربي الجديد"، بأن "النازحين يتوافدون إلى المدينة منذ نحو 20 يوما، وتتزايد أعدادهم يوميا. هناك جمعية خيرية أقامت ثلاثة مراكز إيواء مؤقت إلى أن يتم تأمين خيام أو أماكن في المخيمات، كما يوجد مركز إيواء مؤقت آخر في شرق إعزاز، لكن الأعداد تتزايد، والإمكانات ضعيفة".
وأوضح الحلبي أن "المساعدات محدودة وبسيطة، كبعض المواد الغذائية، والفرشات الإسفنجية والأغطية، وإيجار المنزل يراوح بين 200 إلى 400 دولار أميركي، وهناك عائلات توجهت إلى الأبنية غير المكتملة التي تفتقد إلى الحد الأدنى من الخدمات".
وشكا أبو جعفر الإدلبي، النازح من ريف إدلب إلى مدينة إعزاز، لـ"العربي الجديد"، من ارتفاع الأسعار وإيجار المنازل، قائلا: "المنزل الذي كان إيجاره 100 دولار أصبح اليوم 200 دولار، في حين يوجد كثير من المهجرين في الطرقات، ووضعهم مزر. الخدمات المتوفرة بالمدينة مقبولة، فالكهرباء متوفرة في المنازل، والرعاية الصحية متوفرة نوعا ما، خاصة مع وجود المشفى الوطني، على الرغم من الازدحام".
وقال الطبيب مؤيد قبطور، من إعزاز، لـ"العربي الجديد"، إن "الناس نزحت للنجاة بأرواحها، وأقصى مطالبها أن لا تموت من البرد في العراء، في ظل غياب شبه كامل للمنظمات الإنسانية المحلية والدولية، لكن البعض يعتمد على المساعدات التي تقدمها مجموعات محلية".
وأوضح أن "الضغط كبير على المشافي والمستوصفات، وهناك كوادر طبية، لكن المشكلة في عدم توفر الأدوية، ما يجعلنا عاجزين عن تقديم أكثر من المعاينة الطبية، أو العمل الجراحي البسيط".
وأفاد "مكتب إعزاز الإعلامي"، عبر صفحته على "فيسبوك"، أمس الأحد"، بأن أكثر من ثلاثة آلاف عائلة وصلت إلى المدينة خلال 24 ساعة فقط، ما أوصل عدد العائلات التي وصلت خلال الأيام العشرة الأخيرة إلى نحو عشرة آلاف عائلة نازحة، مبينا أن "عمليات التهجير القسري لسكان ريف حلب الغربي تسببت في نزوح جميع سكان تلك المنطقة".
وتتوزع العوائل النازحة على مدينة إعزاز وقراها، وصولاً إلى أخترين، بينما توجه بعض النازحين إلى مدينة الباب وريفها، وجرابلس. "في إعزاز تم تجهيز عدة مراكز لإيواء المهجّرين، بينها مركزا إيواء قرب جامع مصعب بن عمير وجامع الحاج فاضل، ويستقبل كل مركز نحو 400 شخص، وتم فتح أبواب عدة مساجد في المدينة لإيواء المهجرين، بالإضافة إلى أحد مباني جامعة حلب الحرة".