المرأة الأفغانية بعيدة عن المصالحة

01 ابريل 2019
أفغانية عاملة (توماس تروتشيل/ Getty)
+ الخط -
قضايا المرأة في أفغانستان، باتت من أبرز البطاقات التي يستخدمها السياسيون من أجل الحصول على مكاسب سياسية وتحقيق الأهداف، سواء كانوا ينتمون إلى الحكومة أو المعارضة. في واقع الأمر، وعلى الرغم من تحقيق المرأة تقدماً كبيراً في بعض المجالات، إلا أنها ما زالت تعاني في شتى مناحي الحياة، وخصوصاً في المناطق النائية والريفية، إذ لا تحصل على أبسط حقوقها كالصحّة والتعليم.

ويقول مستشار الأمن القومي الأفغاني حمد الله محب، خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، التي انتهت في 15 الشهر الجاري، إن الحكومة الأفغانية تقلب كل الموازين وتغيّر الأعراف من خلال تعيين المرأة في مناصب ريادية في البلاد وخارجها. ويتحدث عن تعيين المندوبة الدائمة لأفغانستان في الأمم المتحدة عادلة راز، كأول امرأة في تاريخ البلاد تشغل هذا المنصب، ورويا رحماني سفيرة أفغانستان في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الحكومة، أجرت تغييراً جذرياً من أجل مستقبل أفغانستان، من خلال تعيين النساء والشباب على مناصب ريادية.

وحرص محب على إبراز دور المرأة الحالي، وإثبات أن الشعب الأفغاني يتغير، ولا مساومة على أفغانستان وإن توصلت أميركا إلى تسوية مع حركة "طالبان"، مشدداً على أن الشعب الأفغاني لن يعود إلى الوراء حين كان دور المرأة مهمشاً.



جاء ذلك في وقت تشعر نساء بالقلق في ظل تغييبهن عن عملية المصالحة، عدا عن خوفهن على مستقبلهن في حال التوصل إلى اتفاق بين الحكومة وطالبان. أكثر من ذلك، يخشين على الإنجازات التي أحرزتها المرأة بعد سقوط حكومة طالبان، إذا وصلت جهود المصالحة الحالية إلى بر الأمان.

في هذا الصدد، عقدت في كابول اجتماعات نسائية كبيرة حول دور المرأة في جهود المصالحة الأخيرة، وأعربت المشاركات عن أسفهن الشديد حيال ما وصفنه بتهميش دور المرأة في جهود المصالحة وإجراء تلك المباحثات خلف أبواب مغلقة.

وعقد في العاصمة الأسبوع الماضي اجتماع ضخم تحت شعار"لا للحرب"، ركز على ضرورة مشاركة المرأة الأفغانية في حوار السلام، وطلب من جميع الأطراف الاهتمام بدور المرأة وأخذه على محمل الجد، بهدف إنجاح عملية المصالحة من جهة، والحفاظ على ما أنجزته المرأة خلال الأعوام الماضية من جهة أخرى.

وشارك في الاجتماع الرئيس الأفغاني أشرف غني وزوجته رولا غني. وشددت الأخيرة في كلمتها أن الحكومة مصممة على دور المرأة الريادي في عملية السلام، والحفاظ على حقها في أي ظرف، مؤكدة أن الحكومة لديها برنامج متكامل لعملية السلام ودور المرأة فيه محفوظ.

وفي الأقاليم، عقدت اجتماعات نسائية تطالب أطراف الصراع بالاعتراف بدورهن في جهود المصالحة، ووقف إطلاق النار، وخصوصاً أن المرأة الأفغانية أكبر ضحية للحرب المستميتة التي تشهدها البلاد منذ عقود. وفي إقليم قندوز، عقد اجتماع نسائي كبير الأسبوع الماضي، شاركت فيه مئات النساء اللواتي طالبن بحقوقهن عموماً، ودورهن البارز في جهود المصالحة.
ونظمت المشاركات بعد الاجتماع تظاهرة نسائية في مدينة قندوز، وناشدن أطراف الصراع وقف إطلاق النار العاجل، وحملن لافتات تشير إلى أن نساء أفغانستان ضحايا الحرب، وأنهن لا يردن الحرب.



وفي جنوب البلاد، كتبت جمعية نسائية رسالة مفتوحة إلى طالبان، طالبتها بوقف إطلاق النار والاعتراف بدور المرأة في جهود المصالحة الحالية. وجاء في الرسالة، التي أرسلت نسخ منها إلى وسائل الإعلام المحلية، أن المرأة الأفغانية لا تصمت حيال مبادرة السلام وأي جهد في هذا الشأن، وهذا مطلبها الأساسي ولا بد أن تؤدي دورها في سبيل الحفاظ على حقوقها، وكي تكون جزءاً من كل القرارات المصيرية المتعلقة بمستقبل أفغانستان. ولا يمكن الوصول إلى بر الأمان في حال كانت المرأة غائبة لأنها تشكل النسبة الكبرى من الشعب الأفغاني.

وتقول عضوة في الجمعية تدعى تقوى محمد علي لـ "العربي الجديد": "نأمل أن تدرك طالبان الحقيقة وتعترف بحق المرأة في مختلف المجالات ولا سيما المصالحة"، منوهة بأن جهود السلام الحقيقية لم تبدأ بعد، وهي تلك التي يمكن للمرأة المساهمة فيها، ويكون لها فيها دور أساسي من أجل الحفاظ على حقوقها الأساسية والإنجازات التي أحرزتها خلال الأعوام الماضية، وخصوصاً في مجال التعليم.
المساهمون