أمهات لبنانيات حُرمن أبناءهنّ: "أسماؤكم زينة شجرتنا"

بيروت

سارة مطر

avata
سارة مطر
24 ديسمبر 2019
60744922-FBC0-44B3-8094-928FF54EB0E4
+ الخط -

على بُعد خطواتٍ من مجسّم طائر الفينيق في ساحة الشهداء بوسط العاصمة بيروت، أضاءت أمّهات لبنانيّات حُرمن من أبنائهن، اليوم الثلاثاء، شجرة ميلادية مثقلة بالآلام والأحزان بالتزامن مع ليلة عيد الميلاد.

حملن أوراقاً بيضاء كتبن عليها أسماء الأبناء قبل أن يعلّقنها كمن يعلّق أحلامه وآماله، علّها تروي حكاية وجعٍ وقهرٍ كُتبت بحبر المحاكم الدينية، وعذاباتٍ يومية لم يرأف بها مجتمع ذكوري يشرّع للأب باب الحضانة على مصراعيه.

وفي حديثها، لـ"العربي الجديد"، أكّدت الإعلامية بادية فحص، وهي أم لولدين، أنّ "العيد هو من أصعب الأيام علينا كأمّهاتٍ حُرمنا من أولادنا، إنّه استرجاع للمأساة التي نعيشها ومحطة للبكاء والحزن، هو لوعة الفراق والشوق".

"محروماتٌ نحن من الفرح"، أضافت بادية قبل أن تتابع: "لقد خسرتُ إياد (14 سنة) وعلي (12 سنة) منذ أعوامٍ خلت. انتزعهما والدهما من حضني عندما كان إياد بعمر الثلاث سنوات وعلي لم يتجاوز الأشهر السبعة. انتزعهما لأنّه يتحصّن بحقٍ منحته إياه المحكمة وبرّره المجتمع".

بحسرةٍ لا تفارقها الدموع، عبّرت بادية عمّا يختلج قلبها، فالعيد بالنسبة لها تجسيد للحظة خسارتها ولديها، "كلّما أرى شجرة عيدٍ أتخيّل أيدي كلّ من إياد وعلي تزيّنها، وأتأمّل الأمّهات يتبضّعن لأبنائهنّ لأدرك أنني محرومة حتى من ذلك".


بادية التي تراقب ولديها من بعيد وتتابع أخبارهما ليل نهار، من خلال صورٍ وفيديوهات وأخبار ينقلها إليها المتعاطفون معها، قالت: "أعرف ماذا يحب إياد وماذا يكره، تماماً كما أعرف اهتمامات علي"، مشيرةً إلى أنّها التقت إياد ولأول مرة وجهاً لوجه أخيراً، خلال انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، بعد فراقٍ دام أحد عشر عاماً، من دون أن ترى علي.

وكانت بادية قد كتبت عبر صفحتها على "فيسبوك"، أمس الاثنين: "يا ولادنا لي بتهربوا (يا أبناءنا الذين تهربون) بالعيد وكل عيد بتبعدوا لبعيد، أساميكن (أسماؤكم) هي زينة الشجرة بهالعيد".

المعاناة نفسها تقاسيها ديانا قاووق، أم لولدين، حيث قالت لـ"العربي الجديد": "تطلقت وزوجي منذ خمسة أعوام وكنتُ أرى ولديّ مجد (7 سنوات) وريان (5 سنوات) مرة كل أسبوع، غير أنّ والدهما سافر بهما منذ نحو أربعة أشهر، مخالفاً بذلك قرار المحكمة".

وتابعت: "هذه السنة عجزتُ عن تزيين شجرة الميلاد كما كل عام، فجئتُ إلى ساحة الشهداء لأعلّق أسماء ولديّ ولأقول لهما شجرتي فارغة، فلا عيد من دونهما، هما أملي وعيدي، وفرحتي لا تكتمل إلا بوجودهما بجانبي"، لافتة إلى أنها تنتظر قرار الاستئناف لدى المحكمة بشأن حضانة ولديها "على أمل أن تنصفني".

ببراءةٍ، اخترق الطفل عبدالله خليل، ابن الاثنتي عشرة سنة، وجع الأمّهات ليعلّق بدوره ورقةً رسم عليه قلباً يسكنه عَلم لبنان، سطّرها بعبارة "لبنان في القلب"، مشاركاً الأمّهات أملهنّ بولادةٍ جديدة للوطن ولقلوبٍ أدماها ألم الفراق.

دلالات

ذات صلة

الصورة
دبابة إسرائيلية على حدود لبنان من جهة الناقورة، 13 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

اشتدت حدة المواجهات البرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان مع دخول المعارك شهرها الأول من دون أن تتمكن إسرائيل من إحكام السيطرة.
الصورة
قصف إسرائيلي في محيط قلعة بعلبك الأثرية، 21 أكتوبر 2024 (نضال صلح/فرانس برس)

سياسة

انضمّت مدينة بعلبك إلى الأهداف الإسرائيلية الجديدة في العدوان الموسَّع على لبنان تنفيذاً لسياسة الأرض المحروقة ومخطّط التدمير والتهجير الممنهج.
الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير
المساهمون