وامتزجت هذه الصدمة بمشاعر الفرح التي بدت على الوالدين وهما يراقبان ردّ فعل ابنتهما بعد أن تمكنت من استعادة السمع للمرة الأولى منذ ولادتها، ولا سيما أنها وُلدت بإعاقة سمعية تصل إلى أكثر من 90 في المائة، وفقاً لتقديرات الأطباء.
وعلى مدار الأشهر الماضية، تمكن الوفد الطبي القطري من إجراء عشرات العمليات لزراعة القواقع لأطفال لا يسمعون في غزة، تكللت جميعها بالنجاح، فيما واصل الوفد تأهيلهم ومتابعتهم بين الفينة والأخرى، وخصوصاً خلال الزيارات التي يقوم بها للقطاع.
وتُجرى هذه العمليات ضمن إطار مستشفى حمد للتأهيل والأطراف الصناعية الذي أُنشئ في مدينة غزة، ضمن سلسلة مشاريع أقامتها دولة قطر في السنوات الأخيرة في القطاع، في الوقت الذي يتكفل فيه بتشغيل المستشفى وتغطية نفقاته صندوق قطر للتنمية.
وتقول حنان أبو صبحة، والدة الطفلة فرح، لـ"العربي الجديد"، إنها لا تصدق نفسها حتى اللحظة بعدما تمكنت طفلتها من استعادة السمع بصورة طبيعية نتيجة للجهود التي قام بها الوفد الطبي القطري عبر إجراء عملية زرع قوقعة صناعية.
وتوضح أبو صبحة أن طفلتها وُلدت وهي تعاني من إعاقة سمعية بنسبة كبيرة وتلف شبه كلي في القوقعة، وهو ما حرمها السمع، قبل أن تتمكن أخيراً من استعادته من خلال ما قام به الوفد الطبي القطري من عملية زراعة لقوقعة.
أما جَد الطفل فراس الدلو، فبدت ملامح الفرحة مرسومة على وجهه وهو يحمله بعد أن أبلغه الأطباء القطريون باستعادة ابن نجله للسمع بصورةٍ طبيعية، نتيجة العملية الجراحية التي أجراها الأطباء له خلال الزيارة السابقة والتأكد من النتائج النهائية.
ويقول الدلو لـ "العربي الجديد" إنهم اكتشفوا أن حفيده يعاني من مشكلة في السمع وهو في مرحلة مبكرة من عمره، إذ كان السمع مشوشاً بدرجة كبيرة لديه، وتصل نسبة الإعاقة السمعية لأكثر من 90 في المائة، وهو الأمر الذي أثر فيه كثيراً.
الأطباء في مستشفى حمد للتأهيل والأطراف الصناعية والوفد الطبي القطري ساهموا في النتيجة التي وصل إليها فراس حالياً، إذ أصبح كغيره من الأطفال قادراً على السمع والإدراك والتعامل مع الآخرين بمنتهى السهولة، كما يتحدث الدلو.
في الأثناء، يقول استشاري جراحة زراعة القوقعة، رئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة في مؤسسة حمد الطبية، عبد السلام القحطاني، إن هذه هي الزيارة الثامنة التي يقوم بها الوفد للقطاع من أجل إجراء عمليات لزراعة القواقع.
ويوضح القحطاني لـ "العربي الجديد" أن الوفد سيُجري 14 عملية جراحية لزراعة قواقع للأطفال، إلى جانب استكمال تدريب الطواقم الطبية الموجودة في غزة وتطويرها ونقل الخبرات إليها لإجراء مثل هذه العمليات بمنتهى السهولة وبفترات زمنية أقل.
ويوضح استشاري جراحة زراعة القوقعة، أن عملهم في القطاع لا يقتصر فقط على إجراء العمليات الجراحية وزراعة القواقع، بل يُعمَل على نقل الخبرات إلى الأطباء الفلسطينيين في غزة من خلال الزيارات المتكررة التي يُجريها الوفد بين فترة وأخرى.
ويبيّن القحطاني أن هناك احتمالية للتوسع في إجراء سلسلة عمليات متعلقة بالأذن والسمع خلال الفترة المقبلة، في ظل التطور الحاصل مع الطواقم الطبية وقدرتها على إنجاز العمليات في وقت زمني قياسي، مقارنةً بالفترات الأولى التي نُفِّذَت فيها عمليات زراعة القواقع فيها.
أما رئيس الوفد الطبي القطري في غزة، ورئيس قسم السمع والتوازن في مؤسسة حمد الطبية، خالد عبد الهادي، فيلجأ إلى أسلوب مختلف في تعامله مع الأطفال يراعي من خلاله اللحظات الأولى لاستعادتهم السمع واختلاط المشاعر الذي يسيطر عليهم.
ويقول عبد الهادي لـ "العربي الجديد"، إن إجمالي العمليات الجراحية التي قام بها الوفد على مدار الزيارات الثماني سيصل إلى 180 عملية، في الوقت الذي حققت فيه هذه العمليات نتائج مرضية ومشجعة مع الأطفال الذين تمكنوا من استعادة سمعهم.
ويشير رئيس الوفد الطبي القطري، إلى وجود تعاون مع وزارة الصحة في غزة من أجل تدريب الطواقم الطبية والارتقاء بالكادر الموجود من أجل تمكينهم من إجراء هذه العمليات مستقبلاً، بالإضافة إلى المتابعة التي تجري لمختلف الحالات.