الارتفاع القياسي للحرارة يغير سلوك التونسيين

18 يوليو 2018
رياح موسمية تزيد حرارة الأجواء (تويتر)
+ الخط -

تشهد تونس، هذه الأيام، ارتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة، أربك نسق الحياة اليومية، وأدخل تغييرات ملحوظة على سلوك المواطنين هذا الصيف، حرصاً منهم على الوقاية من تداعيات موجة الحرّ على الصحة والبيئة والاستهلاك والطاقة.

ووفقًا لبيانات المعهد الوطني التونسي للرصد الجوي، فقد تجاوزت درجات الحرارة المعدلات الموسمية بنحو عشر درجات، مسجلة درجات تراوحت بين 40 و46 درجة، وصلت في بعض المناطق إلى 49 درجة. وترافقت مع ارتفاع الحرارة ريح "الشهيلي" التي سيطرت على الأجواء في البلاد.

وذكر المعهد أن أعلى معدل لدرجات الحرارة سجل، مطلع يوليو/تموز الجاري، في الجنوب، وتجاوز 49 درجة في محافظة توزر. كما أفاد بأنه رصد رقماً قياسياً جديداً في درجات الحرارة، يوم الخامس من يوليو الجاري بلغ 49.2 درجة، رابطاً الأمر بالتيارات الصحراوية الجافة والحارة القادمة من الجنوب الجزائري.

وبلغت درجات الحرارة القصوى في مناطق الجنوب، مسجلة 48.2 درجة في قبلي، و45.3 درجة في قفصة، و46.6 درجة في رمادة، و47 درجة في البرمة أقصى جنوب البلاد.

وأكد المعهد أن الحرارة سترتفع غدا الخميس ارتفاعاً طفيفاً، وتتراوح بين 33 و38 درجة في المناطق الساحلية، وبين 39 و44 درجة في بقية الجهات. كما تبلغ 47 درجة في أقصى الجنوب مع ظهور "الشهيلي" محليا.

وأصدرت وزارة الصحة التونسية بيانا تحذيريا من مخاطر الارتفاع الكبير للحرارة، دعت فيه إلى ضرورة تجنب التعرض المباشر للشمس، وشرب كميات كبيرة من الماء، واتخاذ جملة من الإجراءات الوقائية في فصل الصيف لتجنب أخطار قد تطاولهم، مثل ضربة الشمس والجفاف، خصوصا لدى المسنين والأطفال والرضع والنساء الحوامل والمصابين بالأمراض المزمنة، مثل القلب والكلى والسمنة والسكري وضغط الدم.


وأوصت الوزارة بشرب كميات من الماء لا تقل عن الليتر ونصف الليتر يومياً حتى في غياب الشعور بالعطش، وتفادي المشروبات التي تحتوي على السكريات والمنبهات كالقهوة والشاي. وأكدت ضرورة حماية البشرة من الأشعة بالمراهم الواقية، فضلا عن ارتداء النظارات الشمسية. موصية بمراجعة الطبيب في أقرب وقت عند الشعور بأي أعراض غير طبيعية، خاصة لدى الأطفال والمسنين.

وكان لهذا الارتفاع تداعيات بيئية عدة، وأكدت جمعية حماية البيئة في معتمدية ذهيبة من ولاية تطاوين، أول من أمس الإثنين، تسجيل نفوق عدد من الغزلان في صحراء تطاوين، وتحديدا في منطقة الظاهر بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.

ويحذّر المختصون من تأثير ذلك على الإنتاج النباتي والأشجار المثمرة والزراعات المروية، رغم أن له تداعيات إيجابية في المقابل، منها القضاء على بعض الآفات التي تهدد أشجار الزيتون بالخصوص.

يشار إلى أن تونس تعاني نقصاً فادحاً في المياه عموماً، واضطراباً متواصلاً في تزويد المواطنين بالماء الصالح للشرب، بسبب الأشغال المتكررة التي لم تشهدها مناطق البلاد.

وأعلنت الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، اليوم الأربعاء، أنها ستباشر إصلاح عطب طرأ على قناة جلب رئيسة، ما يسبب انقطاعاً في توزيع المياه الصالحة للشرب بمدن عدة في الضاحية الشمالية للعاصمة، بمن فيها قمرت السياحية، ورواد الشاطئ، وحي الخليل والبحر الأزرق وسيدي داود وعين زغوان والكرم الغربي ومنطقة البحيرة 1 و2 وضفاف البحيرة وحدائق قرطاج والعوينة والمناطق العليا بقرطاج وحي محمد علي والمرسى وسيدي بوسعيد واميلكار، ما يعني انقطاع يوم كامل عن مئات آلاف المواطنين، وإرباك العمل في عشرات الفنادق والمؤسسات السياحية. ومن المتوقع استئناف التزويد بالماء تدريجيا خلال الليل.

في المقابل، تنقطع المياه عن جهات أخرى أكثر من يوم واحد، ما دفع أهاليها إلى الاحتجاج وقطع الطرق للفت انتباه المسؤولين وإنهاء معاناتهم.

ويترافق مع موجة الحر، استهلاك متزايد للكهرباء يبلغ درجات الذروة ظهرا. وتحاول شركة الكهرباء مواجهته بتنسيق التزود بالكهرباء، وتلجأ أيضا إلى التعاون مع جيرانها في الجزائر والمغرب لمواجهة هذا الاستهلاك المتزايد للطاقة، بالإضافة إلى حملات تحسيسية لترشيد الاستهلاك لدى المواطنين.
المساهمون