نازحون على طرقات خانيونس... عذابات متواصلة

03 يوليو 2024
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- عائلات فلسطينية في خانيونس تواجه ظروفاً قاسية بسبب النزوح المتكرر والمبيت في الشوارع، مع نقص حاد في الطعام والماء والمأوى، وذلك عقب إنذارات الجيش الإسرائيلي لإخلاء المناطق استعداداً لعمليات عسكرية.
- شهادات النازحين تكشف عن معاناة مستمرة وظروف معيشية متدهورة، مع نقص في الموارد الأساسية وصعوبات يومية تشمل التشرد والأمراض وصعوبة التنقل.
- تقديرات أونروا تشير إلى أن حوالي 250 ألف فلسطيني قد يضطرون للنزوح مجدداً بسبب استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، مع دمار هائل وعزلة دولية لتل أبيب.

وسط دمار هائل وخوف مستمر، تفترش عائلات فلسطينية الطرق في مدينة خانيونس، جنوبي قطاع غزة، لليوم الثاني على التوالي، عقب إنذار جيش الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء المناطق الشرقية لاعتزامه تنفيذ عملية عسكرية هناك. ويعيش هؤلاء النازحون، الذين تركوا منازلهم أو مراكز الإيواء التي لجأوا إليها أو إلى الخيام، في الشوارع وسط ظروف صعبة للغاية بلا طعام ولا مياه ولا أمتعة، وعلى وقع انفجارات الغارات الإسرائيلية، ويحاولون فقط النجاة بأرواحهم من الموت في ظل تصاعد الهجمات الإسرائيلية.

نزوح بلا نهاية في خانيونس

وشهدت المناطق التي توعدها الجيش بالإخلاء في خانيونس حركة نزوح واسعة، حيث اتجه معظم النازحين لمنطقة المواصي، غرب مدينة خانيونس، المكتظة أصلا بالنازحين، وفق إفادة شهود عيان، فيما لم يجد المئات منهم أماكن يلجأون إليها فبقوا في الشوارع والطرق بلا مأوى.

الصورة
نازحون يفترشون الطرق في خانيونس بعد إخلاء منازلهم، 3 يوليو 2024 (الأناضول)
شهدت مناطق خانيونس التي توعدها الاحتلال حركة نزوح واسعة، 3 يوليو 2024 (الأناضول)

تقول النازحة الفلسطينية حنان النجار، التي تفترش أحد شوارع مدينة خانيونس، إنها مرت بنحو سبع رحلات نزوح منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، مضيفة: "تعبنا من التنقل المستمر وكان آخرنزوح يوم الاثنين، من بلدة بني سهيلا، شرق خانيونس"، موضحة أنها وأفراد عائلتها لم يناموا منذ يوم أمس، حيث لم يجدوا أي مكان يأويهم ما اضطرهم للبقاء في الشارع، ووصفت الحياة في ظل الظروف الحالية التي أنتجتها الحرب بـ"المتعبة"، قائلة: "الحياة أصبحت مليئة بالتعب ووصلنا لأقصى درجات التحمل".

وشكت النجار من سوء الأوضاع المعيشية، حيث لم تحصل على غاز الطهي منذ تسعة شهور فيما فقدت الدقيق لأكثر من خمسة شهور، مشيرة إلى أنها كانت تعيش داخل خيمة في بلدة بني سهيلا، لافتة إلى أنها بالكاد استطاعت أن توفر الخشب والنايلون لإنشائها، حيث تركت العائلة الخيمة ونزحت سريعاً بعد إنذار الجيش المنطقة بالإخلاء.

الصورة
نازحون يفترشون الطرق في خانيونس بعد إخلاء منازلهم، 3 يوليو 2024 (الأناضول)
تدهور أوضاع النازحين في خانيونس، 3 يوليو 2024 (الأناضول)

مع تكرار رحلات النزوح، تصف النازحة الفلسطينية مريم البريم الأوضاع المعيشية بـ"المريرة وسط استمرار حالة التشرد والتدمير"، قائلة: "كل يوم نتشرد من منطقة إلى أخرى بناء على أوامر الإخلاء، أعادونا سنوات طويلة إلى الوراء، هذه معاناة يعيشها الصغار والكبار على السواء"، مشيرة إلى أنها تعاني من "أمراض القلب والسكري والضغط"، ما يجعلها أقل قدرة على تحمل الظروف المعيشية القاسية والتنقل مشياً على الأقدام لمسافات طويلة، وأوضحت أن جيش الاحتلال أجبرهم قسرا على الخروج من منازلهم، قائلة: "خرجنا مجبرين تحت الضغط الإسرائيلي"، لافتة إلى أنها وأفراد عائلتها قضوا الليلة الماضية بالنوم على الحجارة الصغيرة بدون أي فراش أو أمتعة، مختتمة حديثها قائلة: "منذ بدء الحرب ونحن نتنقل من مكان لآخر بشكل مستمر، نحن ضحية لهذا النزوح المتواصل".

الصورة
نازحون يفترشون الطرق خانيونس بعد إخلاء منازلهم، 3 يوليو 2024 (الأناضول)
اضطر 250 ألف فلسطيني إلى النزوح مجدداً من مدينة خانيونس، 3 يوليو 2024 (الأناضول)

كما تقول النازحة ليندا البريم، التي لم تجد إلا الطرقات مأوى لها بعدما تركت منزلها في شرق خانيونس: "لم نحمل أي شيء معنا، أخذت أطفالي وهربنا ركضاً خشية حصول أي قصف محتمل بعد أوامر الإخلاء"، مضيفة "بسبب التشرد نشعر بالتعب، فالوضع صعب للغاية"، مشيرة إلى أنها نزحت خمس مرات منذ بداية الحرب، وتقول "لا أعلم اليوم أين سنذهب!"، حيث لم يبق معها سوى القليل من الطعام، قائلة إنها لم تطعم أولادها إلا شطائر محشوة بالفلفل الأحمر الحار.

وفي وقت سابق من أمس الثلاثاء، توقعت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، اضطرار 250 ألف فلسطيني إلى النزوح مجدداً من مدينة خانيونس، رغم عدم وجود مكان آمن في قطاع غزة. وقالت "أونروا" في منشور على منصة "إكس": "بعد أسابيع فقط من إجبار الناس على العودة إلى مدينة خانيونس المدمرة (جنوب القطاع)، أصدرت السلطات الإسرائيلية أوامر إخلاء جديدة للمنطقة"، مضيفة: "مرة أخرى تواجه الأسر النزوح القسري، وتشير تقديراتنا إلى أن 250 ألف شخص سيضطرون إلى الفرار، رغم أنه لا يوجد مكان آمن في غزة".

ويعيش نحو مليوني نازح فلسطيني في قطاع غزة أوضاعاً مأساوية في ظل نقص كبير بالموارد الأساسية، مثل المياه والغذاء والرعاية الطبية، ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول يشن الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة بدعم أميركي مطلق، خلفت أكثر من 125 ألف شهيد وجريح فلسطيني، ما أدخل تل أبيب في عزلة دولية وتسبب بملاحقتها قضائياً أمام محكمة العدل الدولية.

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون