"شغل شباب" في يوم السلام

16 سبتمبر 2017
لا للحرب (إندرانيل مخرجي/ فرانس برس)
+ الخط -

في التاسع من ديسمبر/ كانون الأوّل عام 2015، اعتمد مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2250 حول "الشباب والسلم والأمن"، والذي يعدّ الأول من نوعه، ويهدف إلى تعزيز مشاركة الشباب في هذين المجالين، وحثّ الدول الأعضاء على النظر في السبل الكفيلة بزيادة التمثيل الشامل للشباب في عمليات صنع القرارات على جميع المستويات، لمنع نشوب النزاعات وحلّها.

وبعد أيام، في الواحد والعشرين من الجاري، يصادف اليوم الدولي للسلام. فكان اللقاء التشاوري يوم أمس، في إطار مشروع اليونسكو شبكات الشباب المتوسطي الممول من الاتحاد الأوروبي، وبالشراكة مع مركز الالتزام المدني وخدمة المجتمع في الجامعة الأميركية في بيروت، حول "دور الشباب في السلام والتنمية المستدامة في لبنان". الشباب يعني "التغيير" ومبادرات المناصرة والفرص وبناء مجتمعات سلمية، كلماتٌ تكرّرت خلال اللقاء، والذي حضره عدد من منظمات المجتمع المدني، إضافة إلى شباب، تحدّثوا عن أنفسهم.

لماذا الشباب؟ تلفت منسقة مشروع شبكات الشباب المتوسطي في اليونسكو - بيروت، منى الزغبي، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أهمية الشباب في تعزيز السلام، لأنهم المستقبل، ولأنهم يملكون الطاقة والشغف والرؤية لمستقبل أفضل. وتوضح أنّ الشباب قادرون على تنفيذ نشاطات على الأرض، كما أنّهم أكثر قابلية للعمل وليس الاكتفاء بالكلام. تضيف: "يمكن للشباب الوصول إلى الآخرين. كما أنه لدى الإعلان عن مشروع شبابي غالباً ما ينظر إليه بإيجابية وأنه قابل للتحقيق، حتى وإن لم يكن هناك إيمان بقدرات الشباب، ما يُساهم في تحقيق السلام".

وتشدّد الزغبي على أهمية أن يكون الشباب روّاداً في وضع المشاريع وتنفيذها. خلال اللقاء، كان هناك ثلاث جلسات نقاش، حول دور الشباب في تعزيز التنوع الثقافي والتراث، ومشاركة الشباب الفعالة في وسائل الإعلام، ودور الشباب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. هذه العناوين، بحسب الزغبي، تعكس مجتمعاً يعمل أبناؤه بعضهم مع بعض، كما أن الحوار بين الثقافات يساهم في الحماية من التطرّف. وتبقى التنمية المستدامة الحجر الأساس.

كذلك، تلفت الزغبي إلى ضرورة التركيز على مفهوم التطوّع، والذي يعكس عطاء نابعاً من الذات. بالنسبة إليها، السلام كلمة مجردة. من جهة أُخرى، فإن التركيز على الأعمال الصغيرة يلهم الآخرين ويحفزهم على العمل ويؤدي إلى التراكم، والشباب قادرون على فعل ذلك.




هذا ما فعلته عزة السالمي، المشاركة في مشروع أطلقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حول مساهمة الشباب في عملية السلام وحل النزاعات في المنطقة العربية. هي القادمة من سلطنة عُمان، وشباب آخرون من مختلف الدول العربية، سيُطلقون حملة "شغل شباب" في اليوم الدولي للسلام. من خلال هذه الحملة، سيستقبلون قصصاً عن أية مساهمة إيجابية من قبل الشباب في تعزيز السلام. "الصوت المسموع"، هذا ما ركزت عليه. تقول لـ "العربي الجديد" إن هذه الحملة تعطي فرصة للشباب للتعبير عن أنفسهم من دون خوف، وقد يُساهم شاب أو شابة في تحفيز الآخرين، بعد شعورهم أن في إمكانهم إضافة ولو بصمة صغيرة على المجتمع. وترى أن الشباب عامل أساسي، بل صوت لنشر السلام، لكن المشكلة أنهم في دول عربية عدة لا يستطيعون التعبير.

الشباب في حاجة إلى صوت، إلى منصة، وفي حاجة أكثر إلى من يسمع هذا الصوت ويعترف بقدراته. ردّد كثيرون هذه الفكرة. لديهم أصوات يعبّرون من خلالها وما من يسمعهم.

بلال القاسم (18 عاماً)، وهو لاجئ سوري يعيش في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، يساهم أيضاً في بناء وتعزيز السلام، من خلال الدبكة. هو ومجموعة من الشباب، أسّسوا فرقة لاجئ التي تعلّم مختلف أنواع الفنون. القاسم يعلّم الدبكة. يقول لـ "العربي الجديد" إن تعلّم الهواية وممارستها يساهمان في تعزيز ثقة الشباب في أنفسهم. وبدلاً من اللجوء إلى أمور غير صحية لملء أوقات الفراغ، يستثمرون طاقتهم في أمور مفيدة، تكسبهم مهارات حياتية، وهذا يساهم في تحقيق السلام في النتيجة.

خلال اللقاء، عرضت بعض الجمعيات تجارب إيجابية مع الأطفال والشباب، تساهم في بناء السلام، منها تقليل التوتر بين التلاميذ اللبنانيين والسوريين في زغرتا، من خلال إشراكهم في ألعاب بعضهم مع بعض.

مرة أخيرة، هل يمكن للشباب تحقيق السلام؟ الجواب بالنسبة للمتخصصة في برامج العلوم الاجتماعية والإنسانية في اليونسكو في بيروت، سيكو سوجيتا، بديهي، هو نعم. السؤال بالنسبة إليها هو: "ماذا يحصل لو لم نشركهم؟".

المساهمون