"سندويشات الموت"... خطر يهدد المغاربة

07 يوليو 2024
سلامة المنتجات الغذائية مهددة بحوادث في المغرب (أندرو وودلي/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهد المغرب حوادث تسمّم غذائي مميتة، أبرزها وفاة 6 أشخاص في مراكش، مما أثار تساؤلات حول فعالية الرقابة الحكومية.
- يسجل المغرب بين 1000 و1600 حالة تسمّم سنوياً، مع نسبة كبيرة تتطلب الاستشفاء، والأطعمة الجاهزة غالباً ما تُخزن في ظروف غير صحية.
- رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك أشار إلى ضعف الرقابة الصحية وكثرة محلات المأكولات السريعة، مطالباً بتفعيل المراقبة ووجود مؤسسة وطنية للدفاع عن المستهلك.

شهد المغرب أخيراً وفاة أشخاص أو إصابتهم تناولوا أطعمة وجبات سريعة في مطاعم أو محلات. وطرح ذلك أسئلة حول تفعيل السلطات المراقبة الصارمة لهذه الأماكن وتطبيق القوانين الخاصة بأعمالها لضمان إبعاد حوادث التسمّم عن حياة الناس.

عادت حوادث التسمّم الغذائي لتثير الجدال في المغرب، بعدما أودى تناول وجبة سريعة "سندويش" في محل للمأكولات السريعة يقع في حي المحاميد الشعبي بمدينة مراكش (وسط)، بحياة 6 أشخاص من بينهم طفلة في الخامسة من العمر في نهاية إبريل/ نيسان الماضي. 
وأدان القضاء، في حكم أصدره في الأول من يوليو/ تموز الجاري، صاحب المحل واثنين من مساعديه بالسجن 4 سنوات مع دفع غرامة مالية مقدارها 1000 درهم (100 دولار) بتهمة "التسبب في واقعة قتل من غير قصد بسبب الإهمال وعدم مراعاة الأنظمة والقوانين، وإزالة أشياء من مكان وقوع الجريمة قبل إجراء التحقيق الأولي بقصد عرقلة سير العدالة، وتقديم منتج شكل خطراً على صحة الإنسان، وحفظ وتخزين المواد الغذائية المعروضة للبيع في ظروف غير صحية".
وفي 29 مايو/ أيار الماضي، تعرّض نحو 19 تلميذاً وتلميذة يدرسون في مدارس الموحدين بإقليم وزان (شمال) لتسمّم غذائي بعدما تناولوا وجبات سريعة في أحد المحلات المجاورة للمؤسسة التعليمية، قبل أن ينقلوا إلى المستشفى على وجه السرعة.
وفي 25 يونيو/ حزيران الماضي، تعرض أكثر من 30 شخصاً لتسمّم غذائي بعدما تناولوا وجبة سريعة في محل بمدينة تيزنيت (جنوب)، ما دفع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (أكبر تنظيم حقوقي مستقل في البلاد) إلى مطالبة جميع المؤسسات المعنية بالصحة والسلامة بتحمّل مسؤولياتها في مراقبة جودة المنتجات الغذائية وسلامتها وما يُعرض في الأسواق والمحلات. وأكدت ضرورة تقوية المراقبة للحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم وتنفيذ القانون بصرامة.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وفي المتوسط تسجل بين 1000 و1600 حالة تسمّم في المغرب سنوياً، بحسب نشرة علم الأوبئة والصحة العامة الصادرة عن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
وأوردت النشرة الرقم 79 أن "بين 30 و45% من حالات التسمّم تخضع للاستشفاء، وبين 20 و25% من مؤسسات تقديم الطعام التي تراقبها مصالح الصحة قد تتعرض لخطر التسمّم الغذائي".
وأوضحت النشرة أن "الأطعمة المعدة والجاهزة المعروضة للبيع في هذه المؤسسات يجري التعامل معها أو تخزينها في ظروف لا تضمن سلامتها الصحية، وتمثل المخاطر الكيميائية مصدراً رئيساً للأمراض التي تنقلها الأغذية".
يقول الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، لـ"العربي الجديد": "التسمّم الغذائي ظاهرة عالمية، وتظهر التقديرات العالمية لمنظمة الصحة العالمية حول الأمراض المنقولة عبر الأطعمة، أن شخصاً واحداً من بين عشرة أشخاص يصابون بأمراض بسبب تناول أغذية ملوّثة، وأن نحو 420 ألف شخص يموتون جراء ذلك".
يضيف: "على مستوى المغرب يأتي التسمّم الغذائي في المرتبة الثالثة بين التسمّمات التي يجري تسجيلها، وذلك بعد لسعات العقارب والتسمّم بالأدوية".

يدفع المستهلك احياناً ثمن عدم صرامة الرقابة (جيوفاني ميريغيتي/ Getty)
يدفع المستهلك أحياناً ثمن عدم صرامة الرقابة (جيوفاني ميريغيتي/ Getty)

ويورد أن 38% من التسمّمات التي تحدث في المغرب تحصل داخل المنازل، أي من بين كل 5 تسمّمات يحصل اثنان في المنزل، و24% في أماكن عمومية. وعلى صعيد الفئات العمرية يعتبر 40% من المصابين بتسمّم من البالغين، و30% من الأطفال.
ويؤكد حمضي ضرورة مراقبة الدولة سلسلة الإنتاج والتخزين والنقل وفق الشروط القانونية والصحية، وتجنّب المواطنين تناول مأكولات في الشوارع خصوصاً في فصل الصيف.
من جهته، يربط رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك (غير حكومية)، بوعزة الخراطي، تتالي حوادث التسمّم الغذائي في المغرب بكثرة محلات المأكولات السريعة ومطاعمها مقابل ضعف مراقبة المصالح الصحية. ويشدد على وجوب إيجاد حلّ لما يصفه بـ"الوضع المزري"، خاصة أن المغرب على أعتاب تنظيم نهائيات مونديال كرة القدم عام 2030.

ويلفت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى وجود فراغ قانوني كبير جداً، فعملية ترخيص المحلات والمطاعم تنظمها الجماعات المحلية (البلديات) من دون استشارة الجهات المعنية بالمراقبة، وبينها مكتب السلامة الصحية للمنتجات الغذائية. وتسجل استثناءات قليلة على هذا الصعيد، لكن الرخص تسلّم غالباً على سبيل المحاباة".
ويؤكد الخراطي الحاجة إلى تفعيل المراقبة "من الحقل إلى الصحن"، لكنه يستدرك بأن "هذا الأمر يبقى منقوصاً في غياب مؤسسة وطنية تعنى بالدفاع عن المستهلك، لا سيما أن هذا المجال يضم فسيفساء من المتدخلين، ويشهد تضارباً في المصالح الشخصية على حساب العامة، ما يجعل المواطنين الحلقة الأضعف".
ويلفت إلى أن "عدم إلزام السلطات من يرغبون في فتح مطاعم ومحلات للمأكولات بضرورة الحصول على تكوين مناسب وشروط معينة، يجعل القطاع مفتوحاً أمام من هبّ ودبّ، ويدفع المستهلك الثمن وحده".

المساهمون