مصر: أعداد ذوي الإعاقة تفتقر للدقة... وهم خارج الأولويات

03 ديسمبر 2017
مصاعبهم كثيرة والاهتمام قليل جداً (Getty)
+ الخط -
ملامحه وتصرفاته تكشف عن معاناته من إعاقة ذهنية بنسبة لا تمنعه من التحرك منفرداً والعمل ومخالطة الآخرين.

أحمد عبده، شاب مصري على مشارف الثلاثين من عمره، من قرية صغيرة بمحافظة المنوفية بدلتا مصر، يسافر إلى القاهرة يومياً للعمل في مصنع للملابس الجاهزة بمدينة السادس من أكتوبر. يتحدث بمرح عن تفاصيل حياته اليومية، على الرغم مما يعانيه من مضايقات وتهكم على نطقه الكلام وبعض التصرفات الصبيانية التي يفعلها بعفوية.

يقول مازحاً: "الحمد لله أخدت استمارة 6 من الجيش علشان عندي إعاقة ذهنية". وتحكي والدته، وهي سيدة ريفية في الخمسينيات من عمرها: "يوم جنازة والده، وفي الطريق من المسجد للمقابر، مرت الجنازة على قهوة، وكان يومها ماتش المنتخب المصري، وعندما سمع عبده صوت الاحتفال بإحراز الفريق المصري هدف، ترك الجنازة وذهب للقهوة لمتابعة المباراة".

هذا الجانب البسيط والمرح في حياة عبده لا يخلو بالطبع من صعوبات يواجهها يومياً، كأن يخدعه غرباء ويسرقوا أمواله أو هاتفه المحمول وغيره، أو أن يلاقي مشاكل في العدّ والحساب إذا ما ذهب لشراء أية أغراض، أو أن يتحمل عقبات مشاكل لم يقترفها.

في مصر، هناك مطالب دائمة من قِبل منظمات المجتمع المدني مثل "روتاري" وغيرها، بضرورة زيادة الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، ويُلحّون على البرلمان المصري لسنّ تشريعات تدعمهم.

ولا يوجد في مصر حصر دقيق لأعداد ذوي الاحتياجات الخاصة، فحسب التقديرات الحكومية يتخطى عددهم 453 ألفاً، في حين تقدرهم وزارة التضامن الاجتماعي بنحو 750 ألف صاحب إعاقة، وترى منظمة الصحة العالمية أن عددهم بين 10 إلى 12 مليوناً.

وتشير بعض التقارير غير الرسمية، الصادرة عن مبادرات مجتمعية، إلى الارتفاع الملحوظ في الأعباء الاقتصادية الناتجة عن إقصاء المعاقين في مصر، وهو ما يحمّل المجتمع أعباء متعددة.

وتقدم تلك المبادرات حلولاً عدة لمواجهة إقصائهم من المجتمع، كأن تضع الحكومة فوراً أولويات تضمن من خلالها المصابين بالإعاقة لتحقيق رخائهم الاقتصادي. ويجب أن يتم استخدام طرق مختلفة لدمج ذوي الإعاقة في المجتمع، كي يتمكنوا من استكشاف وتحقيق قدراتهم والإسهام اقتصادياً في المجتمع.





وتشير تلك المبادرات إلى أن إعاقات السمع تحصل على الحد الأدنى من اهتمام البرامج الحكومية، على الرغم من نموها بنسبة تصل إلى 16 في المائة في مصر، وكذلك على الرغم من نجاح برامج العلاج والتأهيل. وتوجد دلائل عدة تشير إلى أن النجاح في القضاء على فقدان السمع سيحسن من الأعباء الاقتصادية الناتجة عن إقصاء ذوي الإعاقة.

ووفقاً لدراسة بناءً على طلب من البنك الدولي، فإن معدل الهدر في قيمة إجمالي الناتج المحلي نتيجة الإعاقات في الدول ذات الدخل المنخفض يتراوح ما بين 135 مليار دولار و192 مليار دولار سنوياً.

وعن أبرز المشكلات التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، فصّلها ذوو الإعاقة أنفسهم خلال الوقفة الاحتجاجية العاشرة والأخيرة التي نظمها العشرات منهم العام الماضي، أمام مجلس النواب، للمطالبة بحقهم في التوظيف، وتفعيل نسبة 5 في المائة من الوظائف للعمل في قطاع الأعمال العام والشركات القابضة.

و"يواجه المعاق في حياته اليومية كثيراً من المشاكل، والدولة لا تراعي حقوقه، وفي كثير من الأماكن العامة في مصر وفي محطات القطار وفي السكن"، بحسب ذوي الإعاقة الذين أكدوا أن "المجتمع لا يقدر المعاق ولا يحترمه ويتجاهله، ما يؤدي إلى إحساس المعاق بالإحباط، إلى جانب المضايقات التي يتعرض لها وتذكيره بإعاقته، كما أن هناك بعض الفئات من الناس التي ترفض مساعدته أو التعامل معه".

وعن المشكلات التعليمية، قالوا إنها تبرز في صعوبة التحاق صاحب الإعاقة بالبرامج التعليمية، وعدم جاهزية المدارس الحكومية لاستقبال تلك الفئة وحتى بعض المدارس الخاصة.

وأشاروا إلى أن صاحب الإعاقة يفتقد الطب التأهيلي والعلاج الطبيعي وتوفير الفنيين والمختصين والأجهزة الطبية الجيدة التي تخفف من شدة وحجم الإعاقة، فضلاً عن غياب التقاليد المجتمعية الخاصة بتربية الطفل المصاب بإعاقة، وانعدام تجارب الأهل على الصعيد الشخصي والعائلي، وعدم توفر دراسات عن حاجات الطفل من ذوي الإعاقة في مراحل النمو المختلفة، ما يجعل هذه المهمة أكثر صعوبة.

ولم يغفلوا صعوبة الحصول على وظيفة، وأوضحوا أن كثيراً من مؤسسات العمل ترفض توظيف المعوقين حتى من تلقّى منهم التدريب والتعليم والتأهيل. ولفتوا إلى عدم مساواتهم في الرواتب مع الأسوياء، ما يحول دون قدرتهم على توفير أساسيات الحياة، كما أن المؤسسات لا تطبق نسبة الـ5 في المائة التي ينص عليها القانون المصري.

إضافة إلى أنه ليس لديهم برنامج تأمين صحي شامل لكل احتياجاتهم من علاج جسدي ونفسي، وهناك نقص في المستشفيات المتخصصة في علاج بعض الحالات، ويواجهون صعوبة في المصالح الحكومية عند تخليص بعض الأوراق، إلى جانب مشاكل بين المعاقين وحركات المعاقين والمجالس المتخصصة التابعة للدولة، وكثير منهم يرون أن المجالس لا تمثلهم.


دلالات
المساهمون