اثنان من كلّ خمسة إيرانيّين يتناولون الأدوية

15 يوليو 2016
يشترين الأدوية (عطا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -
صدرت أخيراً تقارير رسميّة، نقلتها مواقع إيرانيّة، تشير إلى ارتفاع معدّلات استهلاك الأدوية في إيران. وبحسب نقابة الصيادلة، فإن معدّلات الاستهلاك المرتفعة تجعل إيران في المرتبة الثانية بعد الصين في آسيا، ومن بين أول عشرين دولة في العالم. ويعني هذا أن المواطن الإيراني يستهلك ثلاثة أضعاف معدل الاستهلاك الطبيعي في العالم سنوياً، الأمر الذي أقلق المتخصّصين، ولا سيما أن أكبر معدّلات الاستهلاك تشمل تناول المسكّنات والمضادات الحيوية، عدا الفيتامينات.

يؤكّد عضو الهيئة الرئاسية في نقابة الصيادلة، حميد خيري، على صحّة هذه الأرقام، لافتاً إلى أن هناك أنواعاً من الأدوية لا يستطيع المواطنون الحصول عليها، إلّا من خلال وصفة طبية، مما يجعلهم يلجأون إلى السوق السوداء، لتنشط عملية تهريب الأدوية إلى الداخل، على الرغم من أن المنتج المحلي وحتى الأجنبي المستورد رسمياً متوفّر في السوق. ويضيف أن 80 في المائة من الأدوية، التي تهرّب، مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات، مما ينعكس بشكل مباشر على صحة وسلامة المواطن، على الرغم من أن التهريب إلى داخل إيران أقل وأضعف بالمقارنة مع بقية دول الجوار.

ويرى أن المسؤوليّة تقع على عاتق وسائل الإعلام والمعنيّين، ويجب توعية المواطنين حول هذه الأخطار والمضار، مضيفاً أن هناك مشاكل عدة تتعلق بكيفية استهلاك المواطن الإيراني الدواء، الأمر الذي يجب معالجته بشكل حقيقي.

وكانت دراسات، نشرتها مواقع إيرانية في وقت سابق، قد أشارت إلى أن 40 في المائة من الإيرانيين (أي اثنين من كل خمسة مواطنين) يستهلكون الدواء من دون استشارة طبيب.
ونشر موقع "غذا ودارو" الإيراني دراسة جاء فيها أن من بين 10 إلى 15 في المائة من الأدوية الموجودة في الصيدليات الإيرانية لا تحتاج إلى وصفة طبية، ويمكن بيعها من دون استشارة طبيب. وأشارت الدراسة إلى أن كل طبيب في إيران يصف ما بين ثلاثة وستة أنواع من الأدوية المختلفة لكل مريض، بينما لا يجب أن يصف أكثر من نوعين من الأدوية بحسب المعايير العالمية. وأضافت أن 50 في المائة من الإيرانيين يلغون مواعيدهم مع الأطباء، ويفضّلون الاستماع إلى نصائح من حولهم. وبحسب وزارة الصحة الإيرانية، فإن 10 في المائة من الذين يتوجهون إلى الطوارئ في المستشفيات يعانون من عوارض جانبية، بسبب تناولهم أدوية معينة، فيما يعاني 5 في المائة من الحالات من حساسية بسبب الدواء.



وفي وقت أعلنت فيه منظمة الصحة العالمية في عام 2014 أن المضادات الحيوية تشكّل تهديداً على صحة وسلامة ومناعة الإنسان، يعدّ استخدامها في إيران رائجاً، حتى أن الأطباء يصفونها بشكل دائم، ويزيد معدل استخدام هذه الأدوية بنسبة 16 في المائة عن المعدل العالمي.

في هذا الإطار، يقول النائب في البرلمان الإيراني، وعضو لجنة الصحة، سيامك مرة صدق، إن اللوم يقع على المواطنين والأطباء على حد سواء، لافتاً إلى أن عدداً لا بأس به من الأطباء يصفون أدوية لا يحتاجها المريض، على رأسها المضادات الحيوية. ويشير إلى أهمية فرض رقابة أشد على الأطباء، والتوعية بهدف ردع المواطنين. من جهة أخرى، يرى أن الاستهلاك الكبير للأدوية يرتبط بعامل آخر، وهو تغطيتها من خلال التأمين الصحي، مما يجعل ثمنها بخساً، ويمكن لأي مواطن شراؤها. ويلفت صدق إلى أن استعمال الفيتامينات بشكل مفرط يضر بالصحة، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لا يوجد في الوقت الراهن أي خطط برلمانية أو حكومية تتعلّق بالرقابة أو التوعية في هذا الصدد.

وفي وقت يلوم فيه كثيرون الأطباء، تقول الطبيبة نسرين شكرجي إن أنواعاً عدة من الأدوية متوفرة في الصيدليات، ولا يحتاج المواطن إلى وصفة طبية لشرائها، منها مسكّنات ومضادات حيوية، ويستخدمها كثيرون من دون أن يكونوا مصابين بأي مرض. وتضيف، لـ "العربي الجديد"، أن الناس تحوّلوا إلى أطباء، ويعتبرون أنهم قادرون على معرفة وتشخيص أمراضهم وتناول الأدوية التي تفيدهم، وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة.

تتابع شكرجي أن استخدام الأدوية يؤثّر على جهاز المناعة والجهاز الهضمي، ويسبب الحساسيّة لدى البعض، ويؤثّر سلباً على سلامة الأفراد، ويعرّضهم للخطر. كل هذا يستدعي اتباع خطط حقيقية، والتركيز على التوعية بالدرجة الأولى، على حد قولها. وترى شكرجي أن إصرار الحكومة على ضرورة أن يراجع الفرد الطبيب قبل تناول الدواء من شأنه أن يحدّ من المشكلة، مضيفة أن "سبب مراجعة كثيرين للطبيب هو رغبتهم بشراء الدواء بسعر أقل، كونه يكتب وصفته على دفتر التأمين".

المساهمون