1096 باكستانيّة قُتلن بذريعة "الدفاع عن الشرف" العام الماضي

09 مايو 2016
"أوقفوا العنف بحقنا" (Getty)
+ الخط -

تواجه المرأة الباكستانيّة صعوبات ومشاكل كثيرة في حياتها اليومية، في ظل الأعراف والتقاليد التي تسود المجتمع الباكستاني المحافظ من جهة، وتهميش الحكومات المتعاقبة والأحزاب السياسية والدينية للمرأة من جهة أخرى. هذا الواقع يجبر نساء في هذه البلاد على التخلي عن آمالهن وطموحاتهن المستقبليّة.

وفي ظلّ العادات والتقاليد التي يتمسّك بها المجتمع الباكستاني، بالإضافة إلى قلّة حملات التوعية، تخسر مئات النساء حياتهن سنوياً على الرغم من محاولات منظّمات المجتمع المدني المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة وحمايتها من العنف والانتهاكات، الحد من ظواهر العنف. وتبقى قصص كثيرة مجهولة، في ظل سعي كثير من العائلات إلى التستر على كل ما يُرتكب، ومجاراة التقاليد، خوفاً من الفضيحة.

يفيد تقرير أصدرته مؤسّسة حقوق المرأة بأن نحو 1096 امرأة باكستانية قُتلن بذريعة "الدفاع عن الشرف" خلال العام الماضي. كذلك، أقدمت 800 منهن على الانتحار بعد تعرضهن للعنف الأسري أو الاغتصاب. ويظهر التقرير أن عدداً كبيراً من النساء اللواتي قتلن للسبب نفسه في المناطق الريفية والبعيدة، لا تسجل قضاياهن بسبب غياب أي نشاط لمؤسسات المجتمع المدني في هذه المناطق، ما يعني أن الأرقام التي تعلنها المؤسسات الحقوقية أقل بكثير من الواقع.

ثمّة قصص كثيرة تقع في المناطق النائية، ولا يمكن للمؤسسات الحقوقية أن تصل إليها أو حتى جمع التفاصيل حولها بسبب تكتم العائلات وأهالي القرى. وفي عدد من المناطق، وخصوصاً في شمال غرب باكستان، يعدّ تسجيل القضية لدى الشرطة وأجهزة الأمن بمثابة عار. على سبيل المثال، يحكي أحد سكان منطقة بلوساي في إقليم خيبربختونخوا (شمال غرب باكستان)، ويدعى وزير خان، أن جاره قتل شقيقته بدافع الشرف، وادّعت الأسرة أن الفتاة توفيت بنوبة قلبية خوفاً من الفضيحة. لكن الحقيقة أن الأخ قتل شقيقته لأنها كانت تتحدث مع شخص غريب عبر الهاتف، علماً أن الأقارب تدخلوا وطلبوا منه التروي والتحقق ممّا سمعه قبل الإقدام على قتلها، إلا أنه أصر على قتلها، فخنقها هي التي لم تتجاوز العشرين عاماً من عمرها. في الوقت الحالي، يبحث وأسرته عن الرجل الذي كانت تتحدث إليه. بطبيعة الحال، لم تسجل العائلة هذه القضية لدى الشرطة، وحاولت إخفائها عن عامة الناس تماهياً مع التقاليد والعادات السائدة.




من جهته، أقدم محمد أصف، الذي يعيش في مدينة ساهيوال في إقليم البنجاب وسط باكستان، على قتل شقيقتيه بحجة الدفاع عن شرف العائلة، وتمكّن من الفرار. وكان قد قتل والدته للسبب نفسه، علماً أن الوالدة وابنتيها كنّ يرفضن منعه لهن من الذهاب إلى السوق. ويقول سكان قرية نور شاه، في مدينة ساهيوال، حيث ارتكبت الجريمة، إن أصف، وهو شاب ثلاثيني، قتل شقيقتيه رمياً بالرصاص، ولاذ بالفرار قبل وصول الشرطة. ويشيرون إلى حدوث مشاكل بين الشاب وشقيقيته من حين إلى آخر قبل إقدامه على قتلهما. يضيف هؤلاء أن الشاب كان يعارض خروج شقيقتيه من المنزل، وكثيراً ما كان يتشاجر معهما بسبب إصرارهما.

بخلاف القضية الأولى، سجلت الثانية لدى الشرطة التي لم تتمكن من اعتقال الجاني حتى الآن، وهو ما يحصل في معظم الأحيان. في المقابل، يؤكّد مسؤول أمني في المنطقة، ويدعى الله ديتا بهتي، أن الشرطة تلاحق الرجل، وستتمكن من اعتقاله قريباً.

هكذا تقع أحداث العنف ضد النساء، وتسجل بعضها لدى الشرطة وأجهزة أمن الدولة، فيما تُنسى أخرى بشكل تام. ويظنّ بعض مرتكبي جرائم قتل النساء أنهم أبطال لأنهم قتلوا ذويهم دفاعاً عن شرف العائلة.

أما الحكومة الباكستانية، فتعد بين الحين والآخر بالعمل الجاد لتحسين وضع المرأة الباكستانية، لكنها لم تنجح في سن قوانين تضمن حقوق المرأة حتى الآن، ما يشير إلى أنها تواجه عقبات كثيرة في هذا الإطار. وكانت حكومة إقليم البنجاب، أكبر الأقاليم الباكستانية، قد سعت في الآونة الأخيرة إلى سن قانون حماية المرأة من العنف الأسري والنفسي والجنسي. لكن في مقابل هذا القانون، انتفضت جميع الأحزاب الدينية، واعتبرت أنه يعارض الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية، وقد وعدت الحكومة بإجراء تعديلات عليه.

ومع سن قوانين جديدة، يحتاج المجتمع الباكستاني إلى تغيير الكثير من العادات والتقاليد المتعلقة بالنساء، والتي يستغلها بعض الرجال لممارسة العنف ضد النساء، كالقتل دفاعاً عن الشرف. كذلك، فإن نشر الوعي حول أهميّة تعليم النساء سيساهم إلى حد كبير في التقليل من العنف الذي يرتكب بحقهن.

المساهمون