عشائر عراقية تصادر منازل أطباء وتدمغها بالدم

28 سبتمبر 2015
سلطة العشائر فوق سلطة القانون (فرانس برس)
+ الخط -
لم يعد تهديد الأطباء وطلبهم بالثأر، أو التعويض العشائري "الفصل" في العراق، هي الحدود التي تقف عندها العشائر في حال وفاة أحد أبنائها جراء خضوعه لعملية جراحية، بل تعداه إلى حجز منزل الطبيب، ودمغه بعبارة "مطلوب دم"، مما دفع عشرات الأطباء إلى مغادرة البلاد مؤخراً.

أحد الأطباء، وقد اكتفى بالإشارة إلى اسمه بـ ( ن.ع ) خشية الملاحقة العشائرية، تحدث لـ"العربي الجديد" قائلاً:" نحن نعاني من التخلف والجهل والتسلط العشائري، أصبحنا نخشى إجراء أبسط عملية جراحية خوفاً من الملاحقة العشائرية في حال وفاة المريض"، مضيفاً أن "المشكلة لا تتوقف عند هذا الحد بل تقوم عشيرة المريض المتوفى بالاستحواذ على منزل الطبيب وتكتب عبارة "مطلوب دم" أو "مطلوب عشائريا"، ولا يستطيع القانون حمايته". ويتابع "الأخطاء الطبية قد تحدث، ولكن كيف لنا أن نقنع شيوخ العشائر الجهلة ومن يساندونهم بهذا الأمر، لذلك لم يبقَ أمامنا سوى الهجرة".


وأغلق مستشفى "الإمام علي" في مدينة الصدر ببغداد أبوابه قبل نحو أسبوعين، إثر الاعتداءات المتكررة على الكوادر الطبية من قبل ذوي المرضى المتوفين، وسط مطالبات مستمرة بتفعيل قانون حماية الأطباء.

اقرأ أيضاً: مرضى يعتدون على أطباء

وبيّن معاون مدير إعلام وزارة الصحة رفاق الأعرجي في تصريح صحافي سابق أنّ" َثمانية أشخاص اعتدوا بالضرب على طبيب خفر في شعبة الإنعاش بمستشفى  (الإمام علي) أثناء تحريره شهادة وفاة لمريضة بعد إصابتها بـ حروق خطيرة، مما دفعه للاحتماء بقسم الطوارئ وقامت إدارة المستشفى بحمايته".

وتابع الأعرجي: " رفعت إدارة المستشفى دعوى قضائية ضد المعتدين، وأوقفت القوات الأمنية أحدهم فيما أضرب أطباء المستشفى عن العمل"، مؤكداً أنَّ" وزارة الصحة تمضي قدماً بتفعيل قانون حماية الأطباء، الذي تصل عقوبته إلى السجن خمس سنوات وغرامة قدرها 10 ملايين دينار عراقي، لكل من يعتدي على طبيب أو يطالبه بفصل عشائري".

من جهته، أوضح المحلل الاجتماعي، خميس الحسيني، أنَّ " غياب الوازع الديني والأخلاقي والقانوني جعل السيطرة بالكامل للعرف العشائري والجهل والتخلف، إلى الحد الذي يطالب فيه ذوو المريض المتوفى بعلاجه بعد إعلان وفاته، وأي طبيب يرفض يتعرض للضرب والملاحقة العشائرية وطلب الثأر أو التعويض (الفصل)".

اقرأ أيضاً: سلطة العشائر أقوى في العراق

في المقابل، يتهم مواطنون وزارة الصحة والكوادر الطبية بالتقصير في معالجة المرضى في عدد من المستشفيات العراقية، متهمين الأطباء بالاهتمام بعياداتهم الخارجية، وإهمال عملهم في المستشفيات الحكومية.

ويقول المواطن، مظفر علي(41 عاماً):"هذه الفوضى يتحملها المواطنون والأطباء، المتخصصون تحديداً، فالكثير من المواطنين يبالغون في لوم الأطباء على وفاة مريضهم إثر عملية جراحية، وبالمقابل فإنَّ الكثير من الأطباء، المتخصصين تحديداً، لا يعيرون المريض الاهتمام المطلوب في المستشفيات الحكومية المجانية".

وشهد العراق هجرة واسعة للأطباء بعد 2003 إثر اغتيال عدد كبير منهم، وهاجر أكثر من 10 آلاف طبيب، بحسب إحصائية لوزارة الصحة، فيما قدر المختصون حاجة البلاد الفعلية إلى أكثر من 100 ألف طبيب.

اقرأ أيضاً: العشائر العراقية تتقاتل بالمدفعية وأجهزة الأمن تتفرج

المساهمون