استمع إلى الملخص
- **استهداف ممنهج للمدارس:** أكدت "أونروا" أن 70% من مدارسها في غزة تعرضت للقصف، رغم إرسال إحداثياتها لسلطات الاحتلال. استهدف جيش الاحتلال 15 مدرسة خلال الشهر الأخير، منها 11 تابعة لـ"أونروا".
- **معاناة النازحين وتفاقم الأوضاع الإنسانية:** اضطر النازحون لمغادرة المدارس المستهدفة والبحث عن مأوى جديد، مما أدى إلى إصابات خطيرة وفقدان أفراد من العائلات، ويعيشون في ظروف قاسية بدون حماية دولية.
قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي 6 مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" خلال الأيام العشرة الماضية، كان أخرها مدرسة "صلاح الدين" في حي الرمال بوسط مدينة غزة، ظهر الأربعاء، وقبلها مدرسة "الرازي" التي كانت تأوي آلاف النازحين في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة، ظهر الثلاثاء، ومدرسة العودة ببلدة عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس، في التاسع من يوليو/تموز، وكلها مدارس تتشارك الوكالة الأممية إحداثياتها مع جيش الاحتلال.
وصباح الأربعاء، ارتفع عدد شهداء مجزرة مدرسة الرازي إلى 23 شهيداً و75 جريحاً، في حين تقدر "أونروا" عدد الشهداء الذين قتلهم قصف الاحتلال داخل مدارسها بـ540 شهيداً، وجميعهم كانوا نازحين يحتمون بالمرافق التي ترفع علم الأمم المتحدة، وبعضهم نزح إليها منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كما رصدت الوكالة أكثر من 1650 مصاباً خلال تلك الاستهدافات، والمئات منهم أصبحوا من ذوي الإعاقة.
70% من مدارس "أونروا" في قطاع غزة جرى استهدافها منذ بدء العدوان
بعد استهداف مدرسة الرازي، أكدت وكالة "أونروا" في بيان، أن نحو 70% من مدارسها في قطاع غزة جرى استهدافها منذ بدء العدوان، وذكر البيان أن أكثر من 95% من هذه المدارس كانت تستخدم كملاجئ حين استهدفها القصف الإسرائيلي، وأنه بعد استهداف ثلاث مدارس خلال الشهر الماضي، جرى إرسال بيانات وإحداثيات كل المدارس إلى سلطات الاحتلال، مع المطالبة بحمايتها باعتبارها مرافق أممية، لكن 5 مدارس تابعة للوكالة تم استهدافها بعد ذلك.
خلال الشهر الأخير وحده، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي 15 مدرسة كانت تؤوي نازحين في أنحاء قطاع غزة، من بينها 11 مدرسة تتبع وكالة "أونروا"، والتي أكدت أن هذه تعد أطول سلسلة استهدافات لمؤسسات أممية في أي مكان بالعالم منذ نشأة منظمة الأمم المتحدة في عام 1945، ما أفقد تلك المؤسسات صفة الحماية الدولية.
وفي عدد من الوقائع، قام الاحتلال بتعمد قصف ساحات المدارس من دون سابق إنذار، كما حصل في مدرسة ذكور النصيرات الإعدادية في السادس من يونيو/حزيران الماضي، وهي سياسة إسرائيلية يعتبرها كثيرون محاولة لإجبار النازحين على إخلاء مراكز النزوح حتى يتثنى للطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع مراقبة تحركات عناصر المقاومة، خصوصا في المناطق المزدحمة مثل منطقة المواصي ومخيمات اللاجئين.
وغادر عدد من النازحين مدرسة الرازي باتجاه مخيم دير البلح، وافترشت النساء منهم ساحة مدرسة بنات دير البلح الإعدادية، رغم أنها مكتظة بالنازحين، بينما نصب الرجال خياماً بالقرب من أحد الشوارع الرئيسية. من بين هؤلاء مالك دياب الذي استشهد عدد من أفراد عائلته في المجزرة الأخيرة، والذي يؤكد أنه اصطحب زوجته وأطفاله الثلاثة إلى المدرسة، بينما لم يجد بديلاً عن الخيمة كون منازل أقاربه في مدينة دير البلح وفي مخيم النصيرات ممتلئة بالنازحين.
يقول دياب لـ"العربي الجديد": "أصيب ابني الأصغر يزن (4 سنوات) في المجزرة، ولولا ستر الله لكانت إصابته قاتلة، عندها قررنا المغادرة، وبدأت البحث عن مكان للنزوح، ولما لم نجد مكاناً، قررنا الذهاب إلى مدرسة بنات دير البلح. أدرك أن المدرسة معرضة للقصف مثل مدرسة الرازي، لكن ليس لدينا حلول، وكل مكان في قطاع غزة معرض للقصف. أصبحت المدارس مكاناً لانتظار الموت، وندعو الله ألا يتم قصفها لأن جميع من فيها من النساء والمسنين والأطفال. تحدثنا مع موظفي أونروا، فأخبرونا أن علينا توفير الحماية لأنفسنا، وأنهم لا يملكون فعل شيء لحمايتنا".
وكانت مدرسة أبو عريبان على موعد مع مجزرة يوم الأحد 14 يوليو، وبلغ عدد الشهداء فيها 22 شهيداً، إضافة إلى 102 من الجرحى، ما دفع النازحين إلى مغادرتها، ولا يزال أكثرهم يبحثون عن مأوى جديد في مناطق الخيام، أو على شاطئ البحر.
أصيب أربعة من أبناء محمد العبيد (60 سنة) في المجزرة، وخضع ابنه الأصغر محمد لعملية جراحية في مستشفى شهداء الأقصى لبتر ساقه، وعندما استيقظ لم يكن يدرى ما حصل له، وأصيب بصدمة حين أدرك بتر ساقه، وهو يخضع حالياً للعلاج، وتتطلب حالته نقله للعلاج في الخارج للتعامل مع الالتهابات التي أصيب بها في منطقة الحوض وتفسخ العضلات.
يقول العبيد لـ"العربي الجديد": "أغلب النازحين في المدرسة جاءوا من شمال القطاع، وأنا نازح من قرية أم النصر في أقصى الشمال. أطلق الاحتلال عبر طائراته الحربية صاروخين باتجاه الصفوف المكتظّة، ما أدى إلى تناثر أشلاء الشهداء في محيط المدرسة، وقد عثرنا بعد يوم على المجزرة على ساق ابني المبتورة، والتي تعرفنا عليها من الحذاء المهترئ الذي كان يرتديه، وقمنا بدفنها من دون علمه".
يضيف: "هذه المجزرة تسببت بأعداد كبيرة من حالات البتر والحروق، فانفجار الصاروخ خلف حريقاً، ونقلنا العدد الأكبر من الشهداء والمصابين إلى مستشفى العودة في مخيم النصيرات، وهناك عجزت الطواقم الطبية عن التعامل مع عدد من المصابين، بمن فيهم ابني، والذي كان على حافة الموت لأن إحدى الشظايا دخلت صدره، وكانت قريبة من القلب فنقلناه سريعاً إلى مستشفى شهداء الأقصى. أقيم حالياً في المستشفى، وأنام في خيمة كي أبقى قريباً من ابني المصاب، وأتطلع لتحسنه لنغادر المستشفى، حتى لو إلى خيمة على شاطئ البحر. لا مكان آمن، ولا الأمم المتحدة ولا المجتمع الدولي يقومون بحمايتنا، وأصبحنا نشعر أن وجودنا في المدارس خطر على حياتنا، وربما أخطر من البقاء في منازلنا الحدودية".
ويتابع الاحتلال قصف المناطق التي يصنفها بـ"الحمراء" باعتبار أنها مناطق قتال رغم وجود العديد من النازحين، خصوصاً في مدارس تلك المناطق، إذ قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مدرسة عبد الفتاح حمود في حي التفاح بمدينة غزة في 25 يونيو/حزيران الماضي، ما أسفر عن استشهاد 13 وإصابة أكثر من 50، كما قصف الاحتلال مدرسة "موسى بن نصير" الحكومية في مدينة غزة في الرابع من يوليو، مما تسبب في استشهاد 5 واصابة 15 أخرين.
أصيب خمسة من أفراد عائلة كرم اللولو خلال نزوحهم بعد قصف مدرسة "موسى بن نصير"، وهو يؤكد أن غالبية مدارس مدينة غزة تعرضت لتصدعات متباينة، وبعضها تضرر بقوة، وأصبحت العائلات تخشى البقاء فيها. يقول لـ"العربي الجديد": "أصبحنا نخاف من الالتجاء إلى المدارس، حتى أن الأطفال يبكون ويطلبون الابتعاد عنها. نتنقل حالياً بين حي الرمال وحي النصر، ونعيش في منازل مدمرة جزئياً، ولا نستطيع النزوح جنوباً لأننا نخشى الاعتقال على الحاجز الإسرائيلي".