يونيسف تحذّر: لا مكان آمناً لـ600 ألف طفل في غزة وسط اجتياح رفح

06 مايو 2024
فلسطينيون صغار وسط الدمار في رفح / الخامس من مايو 2024 (عبد الرحيم الخطيب/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- يونيسف تحذر من وضع مأساوي يهدد حياة حوالي 600 ألف طفل في رفح، جنوب قطاع غزة، بسبب الحرب، المرض، وسوء التغذية، مطالبة بحماية البنى التحتية الحيوية.
- الوضع في قطاع غزة يزداد سوءًا مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية لاجتياح رفح، مما يعرض الأطفال لخطر متزايد في ظل كثافة سكانية مضاعفة.
- يونيسف تنبه إلى خطر "كارثة جديدة" على الأطفال في حال حدوث اجتياح، مشددة على ضرورة الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين وتدعو لالتزام القانوني لتجنب كارثة أكبر.

وسط التهديدات الإسرائيلية التي تؤشّر إلى احتمال اجتياح رفح في الساعات المقبلة، وتحت عنوان "لا مكان آمناً لـ600 ألف طفل في رفح"، تحذّر منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أنّ مئات آلاف الأطفال الفلسطينيين في رفح، الواقعة في أقصى جنوبي قطاع غزة، مصابون من جرّاء الحرب أو مرضى أو يعانون من سوء التغذية أو صدمة أو إعاقة، وتطالب بعدم ترحيل هؤلاء الأطفال قسراً إلى مناطق أخرى، وكذلك بحماية البنى التحتية الحيوية التي يعتمدون عليها.

وأكثر فأكثر تتدهور أوضاع الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، بعد سبعة أشهر من الحرب الإسرائيلية المتواصلة عليه منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 التي وصفتها منظمة يونيسف في أكثر من مرّة بأنّها "حرب على الأطفال". وتوضح المنظمة، في تحذيرها الذي أصدرته اليوم الاثنين، في ظلّ الكلام المتزايد عن اجتياح رفح في القريب، أنّ الحصار العسكري الإسرائيلي، والتوغل البري في رفح، سوف يؤديان إلى مخاطر كارثية تطاول 600 ألف طفل يحتمون فيها بالوقت الراهن، مع استمرار تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع. يُذكر أنّ هؤلاء الأطفال نزحوا إلى رفح، عند الحدود مع مصر، وقد هجّرت قوات الاحتلال عائلاتهم من الشمال والوسط، وكذلك من الجنوب.

وتفيد التقديرات التي تستعرضها منظمة يونيسف بأنّ نحو 1.2 مليون شخص يحتمون في رفح التي كانت في السابق موطناً لنحو 250 ألف نسمة فقط، وذلك بعد إصدار الاحتلال أوامر الإخلاء إلى الجنوب في بداية حربه على قطاع غزة. وتضيف أنّ نتيجة ذلك، فإنّ كثافة السكان في رفح التي تُسجّل 20 ألف شخص لكلّ كيلومتر مربّع واحد تساوي نحو ضعف الكثافة السكانية في مدينة نيويورك (11 ألفاً و300 شخص لكلّ كيلومتر مربّع واحد)، نحو نصفهم من الأطفال. وقد نزح فلسطينيون كثر مرّات عدّة قبل بلوغهم رفح في أقصى الجنوب، وهم اليوم يعيشون في خيام أو مساكن عشوائية أو غير مستقرّة.

الصورة
أطفال فلسطينيون نازحون في رفح جنوبي غزة - 1 إبريل 2024 (عبد الرحيم الخطيب/ الأناضول)
مهجّرون صغار في رفح جنوبي قطاع غزة، الأول من إبريل 2024 (عبد الرحيم الخطيب/ الأناضول)

اجتياح رفح يهدّد الأطفال بكارثة جديدة

وفي إطار تحذيرها، تنبّه منظمة يونيسف إلى "كارثة جديدة سوف تحلّ بالأطفال" في حال اجتياح رفح من قبل القوات الإسرائيلية. فالعمليات العسكرية التي تهدّد إسرائيل بشنّها سوف تخلّف خسائر كبيرة بين المدنيين، إلى جانب التدمير الكامل للخدمات الأساسية القليلة المتبقية والبنى التحتية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة، وذلك بسبب تركّز الأطفال العالي في رفح، وشدّة العنف المحتمل، في حين أنّ ممرّات الإخلاء قد تكون ملغومة أو مليئة بالذخائر غير المنفجرة، يُضاف إلى كلّ ذلك محدودية مراكز الإيواء والخدمات في المناطق التي سوف يُرحَّل الفلسطينيون إليها.

وتفيد المديرة التنفيذية لمنظمة يونيسف، كاثرين راسل، بأنّ "أكثر من 200 يوم (هي بالفعل 213 يوماً) من الحرب تسبّبت في خسائر يصعب تصوّرها في حياة الأطفال"، لافتةً إلى أنّ "رفح تحوّلت الآن إلى مدينة أطفال، وليس لأطفالها أيّ مكان آمن يلجأون إليه في نطاق قطاع غزة". وتؤكد راسل، في سياق التحذير الذي أطلقته اليوم وكالتها الأممية، أنّ "في حال شنّ عمليات عسكرية واسعة، فلن يتعرّض الأطفال لخطر العنف فحسب، إنّما كذلك للفوضى والذعر، وهم منهكون جسدياً ونفسياً في الأساس".

الصورة
أطفال فلسطينيون في رفح جنوبي غزة - 4 مايو 2024 (عبد الرحيم الخطيب/ الأناضول)
مهام هؤلاء الأطفال أكبر منهم في رفح، الرابع من مايو 2024 (عبد الرحيم الخطيب/ الأناضول)

اجتياح رفح يفاقم مأساة الأطفال المهجّرين إليها

ويُعَدّ الأطفال، مقارنةً بالبالغين، معرّضين خصوصاً للآثار المدمّرة للحرب على قطاع غزة، فهم عرضة للقتل والإصابة أكثر من غيرهم ويعانون بحدّة أكبر عندما تنقطع الرعاية الصحية أو التعليم عنهم، أو عندما لا يتوفّر ما يكفي من الغذاء والماء. وتشير منظمة يونيسف إلى ما أصدرته وزارة الصحة الفلسطينية عن الضحايا الأطفال في الحرب القائمة، وقد قدّرت عددهم بأكثر من 14 ألف طفل. يُذكر أنّ حصيلة الضحايا الرسمية الأخيرة، الصادرة اليوم الاثنين، تبيّن سقوط 34 ألفاً و735 شهيداً و78 ألفاً و108 جرحى، إلى جانب أكثر من 10 آلاف مفقود منذ السابع من أكتوبر الماضي، العدد الأكبر منهم أطفال ونساء.   

وتفصّل منظمة يونيسف ما يعاني منه مئات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين في رفح، سواء الحالات الصحية أو الإعاقات أو غير ذلك من أنواع الضعف التي تجعل الصغار أكثر عرضة لخطر العمليات العسكرية التي تهدّد مدينة رفح وقاطنيها والتي تلوح في الأفق. وتشرح أنّ نحو 65 ألف طفل يعانون من إعاقة مسبقة (قبل السابع من أكتوبر)، بما في ذلك صعوبات في الرؤية والسمع والمشي والفهم والتعلّم. كذلك فإنّ نحو 78 ألف طفل هم رضّع دون عامَين من العمر، يعاني نحو ثمانية آلاف منهم من سوء التغذية الحاد. أمّا الأطفال دون الخامسة، فيعاني نحو 175 ألفاً منهم (ما يعني تسعة أعشارهم) من مرض معدٍ واحد على أقلّ تقدير. إلى جانب ذلك، تؤكد منظمة يونيسف أنّ الأطفال جميعاً في حاجة ماسة إلى خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي. وتبيّن أنّ نقاط ضعف عديدة تأتي متقاطعة، وعلى سبيل المثال يمكن لطفل أن يكون مصاباً بالحرب ومريضاً في آنٍ واحدٍ.

وفي التحذير الذي أصدرته منظمة يونيسف اليوم، وسط تصاعد تهديدات اجتياح رفح التي تتعرّض لقصف أشدّ حدّة، تكرّر دعوة اللجنة الدائمة المشتركة بين وكالات الأمم المتحدة لإسرائيل من أجل "الوفاء بالتزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان، من خلال توفير الغذاء والإمدادات الطبية وتسهيل العمليات الإغاثية". كذلك تدعو "قادة العالم لمنع وقوع كارثة أشدّ سوءاً".

المساهمون