يشتكي نازحون في مخيمات بشمال إدلب شمال غربي سورية، من سوء أحوالهم داخل بيوت يقيمون فيها مشيّدة باستخدام مواد الطوب. ويتحدث أحدهم وقد رفض كشف اسمه لأسباب أمنية لـ"العربي الجديد" عن "أن عدة بيوت أخليت في مخيم أبو طلحة قرب سلقين شمال غربي إدلب، بعدما أنهار سقف منزل لم يحتمل وزن خزان مياه وضع عليه".
يضيف: "من حسن الحظ أن الأضرار اقتصرت على الماديات بعدما حصل الانهيار في القسم الخاص بالمطبخ في الساعات الأولى من الصباح حين لم يتواجد أي شخص فيه. ولو سقط السقف خلال فترة الظهيرة لكانت ستحصل كارثة، باعتبار أن العائلات تنشغل في تلك الفترة بتجهيز وجبات الغداء". ويعلّق أيضاً بالقول: "هربنا من قصف النظام السوري كي نعيش في منطقة آمنة، ولا نريد أن نواجه مجدداً تجربة انهيار مبانٍ فوق سكانها".
ترميم قبل الإقامة
ويخبر شخص آخر من سكان المخيمات، والذي رفض أيضاً ذكر اسمه خشية أن يُطرد من مكان إقامته، "العربي الجديد"، أن "شركة مقاولات خاصة شيّدت البيوت في منطقة أبو طلحة بأموال تبرع بها مغتربون وأخرى من دولة الكويت، لكن عمليات البناء خالفت كل المواصفات المعتمدة". إلى ذلك ليس الوضع أفضل بالنسبة إلى المقيمين في الشقق السكنية بمخيم الكمونة شمالي إدلب الذي شيدته منظمتا "أفاد" و"إي هاها" التركيتان، في ظل المعاناة من سوء التنفيذ، وضيق الغرف. ويقول محمد الصبحي لـ"العربي الجديد": "أجرى سكان على نفقتهم الخاصة أعمال صيانة وترميم للبيوت قبل الإقامة فيها، لأنها كانت غير صالحة للسكن بسبب تضمنها كميات إسمنت قليلة جداً، وبغرف ضيقة جداً، ما دفع أشخاصاً كثيرين إلى فك الجدار الفاصل بين غرفتين ودمجهما معاً ليصبحا غرفة واحدة".
وفي السياق، يتخوف فريق "منسقو استجابة سورية" من حدوث انهيارات في كتل سكنية نتيجة سوء تنفيذ مشاريع البناء. ويقول المدير في الفريق المهندس محمد حلاج لـ"العربي الجديد": "تضررت سبعة مخيمات للنازحين نتيجة الأحوال الجوية السيئة، وتحوّلت الطرقات الداخلية إلى مستنقعات أدخلت المياه إلى عدد من الخيم، كما تضررت كتل إسمنتية نتيجة سوء تنفيذ أعمال البناء، ومخاوف السكان تزداد من الهطول الكثيف للأمطار خلال فصل الشتاء، ومن احتمال انهيار بعض الكتل غير المشيّدة بمواصفات مناسبة حتى على صعيد اختيار الأراضي".
كل أنواع المشاكل
وفيما تتفاقم معاناة النازحين في مخيمات شمال غربي سورية نتيجة الكثافة السكانية وسوء الطبيعة الجغرافية التي شيّدت المخيمات عليها، يقول محمد السعيد الذي يقيم في مخيمات أطمة لـ"العربي الجديد": "ساهمت طبيعة الأماكن التي أنشئت عليها المخيمات بشكل كبير في تردي الخدمات، إذ يصعب إنشاء مجار للصرف الصحي في المناطق الجبلية والأودية، ما دفع الأهالي إلى حفر بعضها على حسابهم أو عبر مشاريع خاصة نفذتها منظمات، ثم واجهوا لاحقاً صعوبات في تأمين تكاليف تنظيف هذه المجاري في شكل مستمر، وواقع تحوّلها إلى مستنقعات صغيرة تتجمع فيها الحشرات التي تنقل الأمراض إلى السكان، وبينها اللشمانيا، وتجعلهم يتنشقون روائح كريهة بشكل مستمر".
وأوجد الازدحام السكاني وضيق الطرقات أزمات إضافية إذ بات قطع مسافة عشرة كيلومترات في مناطق المخيمات يحتاج إلى ساعة في أوقات الذروة، بحسب ما يروي محمد بدوي لـ"العربي الجديد"، مضيفاً أن "ضيق الطرقات والأزمات المرورية بين المخيمات يعرقلان عمليات الانتقال إلى المدارس والمستشفيات وأماكن أخرى لجلب احتياجات يومية أساسية لا يمكن التخلي عنها".
ويوثق فريق "منسقو استجابة سورية" وجود أكثر من 1.8 مليون نازح يتوزعون على 1633 مخيماً في مناطق المخيمات شمال غربي سورية، بينها 514 مصنّفة بأنها عشوائية وتفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، في حين يؤكد الحلاج ضعف الاستجابة للاحتياجات الأساسية للسكان، ويقدر نسبة العجز في قطاع الأمن الغذائي وسبل العيش بـ56.1 في المائة، وفي قطاع الصحة بـ 83.6 في المائة.
وفي بيان نشره في 4 يناير/ كانون الثاني الجاري، طالب فريق "منسقو استجابة سورية" الجهات المحلية الفاعلة والمجتمع الدولي بتحسين جودة التعليم في المخيمات عبر زيادة عدد المدارس لضمان الوصول إلى جميع الأطفال، ومنع حالات التسرب الدراسي، وكذلك بتخفيض عدد المقيمين في المخيمات عبر تأمين نوع من الاستقرار في المدن والقرى التي شهدت حركات نزوح جماعي تمهيداً للعودة إليها.