ناجون من فيضانات ليبيا: شهود الكارثة بذاكرة يملؤها الفقد

20 سبتمبر 2023
الهلال الأحمر الليبي أفاد بأن ما لا يقل عن 11300 شخص قتلوا في الفيضانات (أسوشييتد برس)
+ الخط -

لم يكن العاشر من سبتمبر/أيلول يوماً عادياً، إذ شهد تغيير مصائر آلاف المواطنين والمقيمين في ليبيا، واختفت معالم وأبنية إثر الفيضانات المدمرة التي شهدتها مناطق شمال شرق البلاد.

عبد الحميد الحصدي (23 عاماً)، خريج كلية الحقوق، نجا من الفيضانات بذاكرة تحمل فقدان 90 شخصا من عائلته وأقاربه، شاهد معظمهم بينما كانت تجرف المياة الغزيره البشر والحجر في مدينة درنة، قائلاً "أسرعت ووالدتي وشقيقي الأكبر للطابق العلوي بينما كانت الأمطار تتساقط بغزارة وسرعان ما جرفت المباني المجاورة".

يقول الحصدي في اتصال هاتفي: "كنا شهوداً على حجم الكارثة.. ورأينا جثث جيراننا"، ورغم مرور 10 أيام على الأحداث غير أن الحصدي لا يزال كغيره ينتظر أي أخبار عن أقاربه حيث لا يزال 190 منهم في عداد المفقودين.

الصورة
ناجون من فيضان ليبيا في درنة (أسوشييتد برس)
عبد السلام عنويسي وعدد قليل من العائلات الأخرى تمكنوا من النجاة من فيضان ليبيا (أسوشييتد برس)

يحمل الحصدي السلطات المحلية مسؤولية توجيه تحذيرات متضاربة للسكان، ما فاقم من الكارثة. فقد طالبوا السكان بإخلاء المناطق الواقعة على طول الساحل، وفي الوقت نفسه فرضوا حظر تجول ومنعوا الناس من مغادرة منازلهم، معلقا "كان فرض حظر التجول خطأ كبيراً".

البحث عن بقايا العائلة 

يقضي العديد من سكان درنة، بمن فيهم النساء والأطفال، جل وقتهم في نقاط تجمع، فهم في حاجة ماسة إلى معرفة هويات الموجودين داخل أكياس الجثث التي تحملها سيارات الإسعاف، وداخل مدرسة في الجزء الغربي من المدينة، نشرت السلطات صورا للجثث التي تم انتشالها.

أنس عويس (24 عاماً)، من سكان المدينة، فقد شقيقين ولا يزال يبحث عن والده وأربعة من أبناء عمومته. توجه إلى مدرسة أم القرى في حي شيحة لتفقد الصور المعروضة. يقول، بعدما أمضى ساعتين في الانتظار: "إنها فوضى... نريد أن نعرف أين دفنوهم إذا كانوا قد ماتوا".

الصورة
درنة  (أسوشييتد برس)
أدت الفيضانات إلى نزوح ما لا يقل عن 40 ألف شخص في شرق ليبيا (أسوشييتد برس)

نجت النباتات المنزلية الموجودة على سطح منزل عبد السلام عنويسي من المياه التي وصلت إلى مسكنه في الطابق الرابع. وتمكن عنويسي وعدد قليل من العائلات الأخرى من النجاة من الفيضان بالبقاء على السطح، بعدما ظنوا أنهم لن يعيشوا ليروا ضوء النهار. والآن، وهو يتفقد حطام منزله الذي دمرته المياه، ليس لديه أي فكرة عما سيحدث بعد ذلك، يقول مستسلما "قدر الله وما شاء فعل".

40 ألف نازح

وتسببت الأمطار الغزيرة الناجمة عن العاصفة ​​دانيال في انهيار السدين المقامين على الوادي الضيق الذي يقسم مدينة درنة، ما أدى إلى تدفق موجات من المياه يبلغ ارتفاعها عدة أمتار.

ويقول مسؤولون إن الفيضانات محت نحو ربع المدينة. وقتل الآلاف رغم أن المسؤولين الحكوميين ووكالات الإغاثة قدموا أعدادا متفاوتة للقتلى.

الصورة
درنة (أسوشييتد برس)
الفيضانات محت نحو ربع مدينة درنة (أسوشييتد برس)

كما أدت الفيضانات إلى نزوح ما لا يقل عن 40 ألف شخص في شرق ليبيا، منهم 30 ألفا في درنة، وفق وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة. وانتقل العديد منهم إلى مدن أخرى في أنحاء ليبيا، حيث استضافتهم مجتمعات محلية أو لجأوا إلى مباني المدارس. فهناك مخاطر من البقاء، منها احتمال الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن ما إجماليه 3958 حالة وفاة تم تسجيلها في المستشفيات، لكن حصيلة سابقة للوفيات أعلنها رئيس الهلال الأحمر الليبي أفادت بأن ما لا يقل عن 11300 شخص لقوا حتفهم. وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من جانبه أن ما لا يقل عن 9000 شخص ما زالوا في عداد المفقودين.

وأشار بشير عمر، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى أن القتلى بالآلاف، لكنه لم يذكر حصيلة محددة لعدد الجثث التي تم انتشالها، نظرا لوجود العديد من المجموعات المشاركة في جهود الانتشال.

(أسوشييتد برس)

المساهمون