مُصابو الحروب في يوم الجريح الفلسطيني.. معاناة مضاعفة

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
13 مارس 2022
فلسطين
+ الخط -

ترتسم ملامح الألم وقلة الحيلة، على وجوه أفراد أسرة البحري، من بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، والتي تعرّضت للإصابة الجماعية خلال الحرب الإسرائيلية في العام 2014، فيما يحلّ عليهم يوم الجريح الفلسطيني الذي يصادف الـ13 من مارس/ آذار من كل عام، وهم في أسوأ الأحوال.

ويزيد من معاناة الأسرة الفلسطينية التي ما زالت تكتوي بآلام جراحها، عدم اعتماد أي من أفرادها ضمن كشوفات الجرحى الذين تصرف لهم معاشات حكومية لإعانتهم على ظروف الحياة القاسية رغم مرور ثمانية أعوام على انتهاء الحرب التي أصيبوا فيها، فيما لم تشفع المُطالبات المتواصلة، أو المُشاركة الدائمة في الوقفات الاحتجاجية لهم لاعتمادهم.

الصورة
جرحى فلسطين (عبد الحكيم أبو رياش)
عدم اعتماد أي من أفرادها ضمن كشوفات الجرحى (عبد الحكيم أبو رياش)

ويتقاسم المُعاناة ذاتها آلاف الجرحى الفلسطينيين من قطاع غزة، الذين أصيبوا في الحروب والأحداث المُتتالية منذ عام 2008 حتى عام 2021، وقد اجتمعت عليهم الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وآلام الجراح، فيما يعزو أصحاب القرار قضيتهم إلى الأزمة المالية تارة، والانقسام الفلسطيني الداخلي تارة أخرى.

الصورة
جرحى الفلسطينيين (عبد الحكيم أبو رياش)
لم يحصلوا على أي مستحقات مالية(عبد الحكيم أبو رياش)

ويقول الجريح محمد البحري الذي يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد، إنه أصيب برفقة والدته وعدد من أفراد أسرته لحظة هروبهم من بيتهم في حرب عام 2014، إلى منطقة أكثر أمنا، إلا أن الصواريخ الإسرائيلية لاحقتهم، وأصابتهم إصابات مختلفة، مضيفا: "أصبت في يدي اليمنى وقدمي اليمنى وأذني، وتم تحويلي إلى جمهورية مصر، برفقة شقيقي محمود الذي أصيب في عينه وفمه، لتلقي العلاج".

ولا يحصل البحري أو أي من أفراد أسرته على أي دخل يعينهم على توفير مستلزمات بيتهم، وفق وصفه لـ "العربي الجديد" فيما لم يتم اعتمادهم ضمن كشوفات الجرحى، كـ"حق طبيعي كفله لنا القانون الفلسطيني كي نعيش بكرامة، دون أن نضطر لمد يدنا لأي شخص".

بدورهم تعرض جميع أفراد عائلة الشنباري من مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة لإصابات مختلفة خلال حرب 2014، وفق توضيح الفلسطيني مروان الشنباري، إذ كان برفقة عائلته في مدرسة إيواء تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وتم إخبارهم بأن المكان غير آمن، وسيتم نقلهم إلى مكان آخر، إلا أنهم فوجئوا بالقذائف الإسرائيلية التي استهدفت المدرسة التابعة لمنظمة دولية، وقد استشهد شقيقه وشقيقته وأصيب هو وباقي أفراد أسرته بإصابات مختلفة.

ولم يحصل الشنباري وهو رب أسرة مكونة من خمسة أفراد على أي مستحقات مالية منذ إصابته حتى اللحظة، فيما يؤكد والده أحمد الشنباري لـ "العربي الجديد" أن أسرته لا تحصل على أي دخل شهري، فيما لا يزالون يعتصمون بشكل أسبوعي، كل يوم ثلاثاء أمام مقر مؤسسة الشهداء والجرحى التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية غربي مدينة غزة، للمُطالبة باعتمادهم ضمن كشوفات الجرحى، "بدون أي فائدة".

الصورة
جرحى فلسطين (عبد الحكيم أبو رياش)
مشاكل كثيرة يكابدها الجرحى (عبد الحكيم أبو رياش)

ولا تقتصر معاناة الجرحى على عدم الاعتماد فقط، حيث يوضح الجريح الفلسطيني محمد الكحلوت الذي أصيب بطلقات نارية من دبابة إسرائيلية، خلال اجتياح مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة عام 2003، أدت إلى إصابته بشلل نصفي، أنه تم اعتماده جريحا فلسطينيا، وقد تم وقف مخصصاته بشكل كامل عام 2019، إلى أن قامت حكومة غزة بصرف "سُلفة" بنسبة 60%، على أمل إلغاء قرار وقف المخصصات المالية الخاصة به وبأقرانه.

وعلاوة على أزمة المستحقات، لم يتمكن الكحلوت من الخروج من قطاع غزة لاستكمال رحلة علاجه بسبب المنع الإسرائيلي وفق توضيحه لـ "العربي الجديد"، وعن ذلك يقول: "لم أخرج سوى في اليوم الأول لإصابتي، برفقة جريح آخر وذلك للسيطرة على النزيف، ومن ذلك الوقت لم أتمكن من متابعة رحلة العلاج الخاصة بي".

الصورة
يوم الجريح الفلسطيني (عبد الحكيم أبو رياش)
يحل عليهم يوم الجريح في أسوأ الأحوال (عبد الحكيم أبو رياش)

ويُلزِم القانون الفلسطيني، وفق قانون سنه المجلس التشريعي، وأساسه منظمة التحرير الفلسطينية، باعتماد الجريح والشهيد، دون الرجوع إلى الرئيس أو لأي أحد، على اعتبار أنهم ضحوا بدمائهم من أجل الوطن، وذلك كي يتمكن ذووهم من العيش بكرامة، فيما ينُص القانون الذي سنه المجلس التشريعي عام 1996م، على أن يتم طرح أسماء لديوان الموظفين كل عام، كي تستوعب الوزارات والمؤسسات عددا من الموظفين لحالات معينة من بينها الجرحى.

وفي الإطار ذاته، يوضح المتحدث باسم اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى علاء البراوي، أن نسبة من تم اعتمادهم في الحروب الإسرائيلية الأربع على قطاع غزة، لم تتجاوز 1%، من الإحصائيات العامة لأرقام الجرحى، بمختلف أنواع إصاباتهم.

ففي الحرب الإسرائيلية الأولى على قطاع غزة، عام 2008/2009، والتي استمرت 21 يوما، تمت إصابة نحو 5400 جريح، تم اعتماد 100 حالة بتر فقط، وفق حديث البراوي لـ "العربي الجديد". ويشير إلى أنه في الحرب الإسرائيلية الثانية عام 2012، والتي أصيب فيها 1300جريح لم يتم اعتماد أي حالة، أما في حرب عام 2014 والتي استمرت نحو 51 يوما، تم فيها اعتماد 43 إصابة شلل رباعي، أي بتر أطراف من الرجلين واليدين، من أصل قرابة 11 ألف جريح تم تسجيلهم من قبل وزارة الصحة، فيما لم يتم اعتماد أي جريح من الحرب الإسرائيلية الرابعة والأخيرة عام 2021 والتي استمرت 11 يوما، وأصيب فيها أكثر من 1900 جريح.

أما في ما يتعلق بجرحى مسيرات العودة الذين وصلت أعدادهم إلى 18085 جريحا، لم يتم اعتماد سوى جرحى عام 2018، فيما لم يتم اعتماد جرحى عام 2019 ولم يتم التعامل حتى مع البتر بطرف واحد، فيما لا يزال أكثر من 200 مصاب بالبتر، مرشح ما زال بحاجة إلى موافقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

الصورة
جرحى فلسطين (عبد الحكيم أبو رياش)
معاناة متجددة للجرحى (عبد الحكيم أبو رياش)
ويشير البراوي، إلى أنه وعلى صعيد السلطتين (سلطة رام الله وسلطة غزة)، لا يوجد بت في موضوع الحروب الإسرائيلية الأربعة على قطاع غزة، حيث سعت حكومة غزة التي تديرها حركة حماس، في الآونة الأخيرة إلى أن يتم اعتماد الجرحى بجانب ملف شهداء 2014، ولكن الرقم يفوق قدرة أي حكومة، ما بات يدفعها إلى التفكير في اعتماد حالات البتر بشكل مبدئي، و"هذا ما نحاول التأكيد عليه على اعتبار أنهم غير قادرين على العمل ورعاية بيوتهم".

ذات صلة

الصورة
مخيمات النازحين في رفح بجنوب غزة، في 25 يونيو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

تعيش مخيمات النازحين في غزة على وقع مأساة إنسانية متفاقمة، وسط برك مياه الصرف الصحي وأكوام القمامة المتراكمة وحرارة الصيف القائظ..
الصورة
محمود عباس يكلف محمد مصطفى بتشكيل الحكومة

سياسة

كلف رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مساء اليوم الخميس، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى بتشكيل الحكومة التاسعة عشرة
الصورة
جنى ياسين

مجتمع

تمسك الطفلة الفلسطينية جنى ياسين (13 عاماً) مجموعة من الألوان وترسم صورة فتاة صغيرة دون ساق، بعد بتر ساقها جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلاً جنوب مدينة غزة.
الصورة
الطبيبة الفلسطينية أميرة العسولي (إكس)

مجتمع

خاطرت الطبيبة الفلسطينية أميرة العسولي، في قطاع غزة، بحياتها لإنقاذ جريح رغم رصاص الاحتلال الكثيف أمام مجمع ناصر الطبي المحاصر في خانيونس، جنوبي قطاع غزة.
المساهمون