منظمة الصحة العالمية قلقة إزاء ظهور الكوليرا في لبنان

18 أكتوبر 2024
في مدرسة تحوّلت إلى مركز إيواء في بيروت، 10 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن أول حالة كوليرا في عكار، شمالي لبنان، وسط نزوح مليون شخص بسبب العدوان الإسرائيلي. الحالة تخص امرأة مسنة، والوزارة في حالة تأهب قصوى لمواجهة أي انتشار محتمل.

- منظمة الصحة العالمية قلقة من تفشي الكوليرا في لبنان، خاصة في مراكز الإيواء المكتظة. تعمل المنظمة على توفير مياه نظيفة وتحسين الصرف الصحي وإدخال إمدادات طبية لمنع انتشار المرض.

- الكوليرا مرض خطير ينتقل عبر المياه والأغذية الملوثة، ويسبب إسهالًا وتجفافًا شديدًا. رغم خطورته، يمكن علاجه بسرعة، لكن تدهور النظافة يزيد من خطر تفشيه.

بعد رصد إصابة أولى بمرض الكوليرا في لبنان أخيراً، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها، ولا سيّما أنّ ذلك يأتي وسط أزمة النزوح الكبرى في البلاد على خلفية العدوان الإسرائيلي المتصاعد عليها. وأشارت الوكالة التابعة للأمم المتحدة إلى أنّها تعمل بصورة عاجلة لمنع الكوليرا من التفشّي الواسع، ولا سيّما في مراكز الإيواء.

وكانت وزارة الصحة العامة اللبنانية قد أعلنت، أوّل من أمس الأربعاء، اكتشاف حالة كوليرا مؤكدة أولى، وسط القصف العنيف على البلاد ونزوح نحو مليون و340 ألف شخص هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية، علماً أنّ القوات المعادية راحت تصدر أوامر إخلاء شبيهة بتلك التي فرضتها على الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وفي مؤتمر صحافي عقده وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، اليوم الجمعة، نفى شائعات متداولة حول تفشّي الكوليرا في البلاد، وأكد أنّ لا إصابات جديدة، وأنّ الأمر ما زال محصوراً بالحالة التي رُصدت أخيراً والتي أُعلن عنها. وشدّد الأبيض على أنّ "وزارة الصحة العامة في أعلى جهوزية لمواجهة مرض الكوليرا في حال انتشاره". وأوضح الأبيض أنّ المرأة المصابة بمرض الكوليرا متقدّمة في السنّ، من دون تحديد عمرها أو اسمها، وهي من بلدة السمونية في قضاء عكار شمالي لبنان.

أضاف الأبيض أنّ لا علاقة للإصابة بأيّ مركز إيواء للنازحين، إذ إنّ المرأة المعنيّة أُصيبت في بيتها وجرى عزلها. لكنّه أعرب، في الوقت نفسه، عن قلقه إزاء الوضع في مراكز الإيواء وإمكانية انتشار المرض فيها نظراً لاكتظاظها بالنازحين. وشرح أنّ في حال وصول المرض إلى مراكز الإيواء، من الممكن تسجيل أعداد كبيرة من الإصابات، خصوصاً أنّ النازحين الوافدين بمعظمهم من مناطق جنوب لبنان التي لم تُنفَّذ فيها حملات تطعيم ضدّ المرض سابقاً، إذ لم يُسجَّل فيها.

اكتُشفت الإصابة الأولى بمرض الكوليرا في قضاء عكار، شمالي لبنان، بحسب ما أوضحت وزارة الصحة العامة اللبنانية، التي أفادت بأنّها تلقّت بلاغاً بشأن اشتباه في حالة كوليرا في تاريخ 14 أكتوبر الجاري، أي قبل يومَين من عزل الجرثومة المسبّبة للمرض في مختبر مرجعي، بعدما راح برنامج الترصّد الوبائي التابع للوزارة يتقصّى الموضوع. وفي حين أشارت وزارة الصحة العامة إلى أنّ الحالة المكتشفة تعود لأنثى من الجنسية اللبنانية من بلدة السمونية، لم تفصح عن هويّة المصابة.

وتجري وزارة الصحة العامة، في الوقت الراهن، فحوصات لمخالطي المصابة لأشخاص آخرين، بالإضافة إلى أخرى لعيّنات مياه، بالتعاون مع منظمات شريكة. يأتي ذلك في حين تحاول منظمة الصحة العالمية توفير مزيد من مياه الشرب النظيفة وتحسين طرق التخلّص من مياه الصرف الصحي. إلى جانب ذلك، أدخلت إمدادات طبية إلى لبنان لعلاج المصابين بمرض الكوليرا.

يُذكر أنّ مرض الكوليرا ينتقل عن طريق شرب مياه ملوّثة بجرثومة (بكتيريا) ضمّة الكوليرا أو تناول أغذية ملوّثة بها. وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإنّ الكوليرا مرض شديد الخطورة يمكن أن يتسبّب في إسهال مائي حاد وخيم مع تجفاف شديد. والأعراض التي تشمل أيضاً القيء وآلاماً حادة في المعدة تظهر بعد ما بين 12 ساعة وخمسة أيام من تناول طعام أو مياه ملوّثَين. وإذ تبيّن المنظمة أنّ المرض يصيب الأطفال كما البالغين وأنّ من الممكن أن يؤدّي إلى الوفاة في غضون ساعات، تشدّد على أنّه "سهل العلاج".

خطر تفشّي الكوليرا مرتفع جداً

حذّرت منظمة الصحة العالمية، بعد إعلان وزارة الصحة العامة اللبنانية تأكيد الإصابة الأولى، من أنّ خطر تفشّي الكوليرا في لبنان "مرتفع جداً"، خصوصاً بين مئات الآلاف الذين أُجبروا على النزوح مذ صعّدت إسرائيل اعتداءاتها على جنوبي لبنان والبقاع (شرق)، وضاحية بيروت الجنوبية، بالإضافة إلى مناطق أخرى في أنحاء مختلفة من البلاد، من بينها العاصمة بيروت.

وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان عبد الناصر أبو بكر، أمام الصحافيين في مؤتمر صحافي عقده عبر تقنية الفيديو، أوّل من امس الأربعاء، إنّه "في حال وصلت فاشية الكوليرا (...) إلى النازحين الجدد، قد يكون انتشارها سريعاً". أضاف أنّ منظمته حذّرت قبل أشهر من أنّ المرض قد يعاود الظهور في ظلّ "تدهور حالة المياه والنظافة" بين النازحين ومجتمعاتهم المضيفة.

تجدر الإشارة إلى أنّ نحو 200 ألف نازح في لبنان لجأوا إلى مراكز إيواء طارئة اكتظّت بهم، بالإضافة إلى آخرين لم يجدوا أمامهم إلا الشوارع، وهؤلاء لا يحصلون على مياه نظيفة. أمّا باقي النازحين الذين تخطّى عددهم المليون فيعيشون في بيوت مستأجرة أو عند أقارب ومعارف.

مرض الكوليرا الذي اجتُثّ من لبنان في عام 1993، عاد ليظهر بعد نحو 30 عاماً، تحديداً في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، قبل أن تعلن وزارة الصحة العامة في يونيو/ حزيران 2023 أنّ "لبنان صار خالياً من الكوليرا"، بعدما كانت قد أعلنت حالة طوارئ في البلاد على خلفية ذلك التفشّي.

المساهمون