قالت سبع منظمات وحملات حقوقية مصرية ودولية إنّ السلطات في مصر لا تجيد سوى فن "البروباغندا" في التعامل مع ملف المحتجزين لديها، مضيفة أنه بدلاً من التعامل بواقعية مع ذلك الملف الحقوقي الحساس، تُصر السلطات المصرية على دفن رأسها في الرمال مؤكدة (السلطات) مرارًا أن الأمور كلها تجري على ما يرام، وهو عكس ما ترصده الكثير من التقارير الحقوقية والأممية عن واقع مراكز الاحتجاز والسجون في مصر.
جاء ذلك في أعقاب قيام وزارة الداخلية المصرية بتنظيم جولة تفقدية داخل سجن وادي النطرون الجديد، التابع لقطاع الحماية المجتمعية (مصلحة السجون سابقًا) بالوزارة، بحضور عدد من البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وممثلي المجالس الحقوقية ولجان حقوق الإنسان بمجلسي النواب والشيوخ، وعدد من الإعلاميين ومراسلي الوكالات الأجنبية، والذي تم تشييده في مدة لا تتجاوز 10 أشهر.
وأوضحت المنظمات والحملات أنه في الوقت الذي تتفاخر فيه وزارة الداخلية المصرية بذلك السجن الجديد، وأنه يحتوي على حمامات سباحة وملاعب رياضية مجهزة وقاعات لممارسة المحتجزين هواياتهم المفضلة ومدارس ومستشفى مركزي مجهز بأحدث المعدات والأجهزة الطبية، فإن الأرقام التي رصدتها تقارير حقوقية عدة، حول الأوضاع المعيشية داخل مقار الاحتجاز والسجون في مصر والإهمال الصحي للمحتجزين فيها، خير دليل على أن كل ما يحدث ما هو إلا نوع من أنواع الدعاية المضللة لتحسين صورة النظام المصري.
#مصر: سجن وادي النطرون الجديد محاولة للتجميل وليس لعلاج الانتهاكات
— المادة 55 Article (@Article55egypt) November 1, 2021
قالت المنظمات والحملات الموقعة أدناه إن السلطات في مصر لا تجيد سوى فن “البروباجندا” في التعامل مع ملف المحتجزين لديها@HUMENA_Regional @Haquhum @ZenzanaVoice @AFCPR_Nedal @cfjusticeorg https://t.co/xU7eVPz4Oa pic.twitter.com/Bp8VgzO8Ce
وذكرت المنظمات والحملات أنه منذ بداية عام 2021 وحتى شهر يونيو/حزيران الماضي، تم رصد أكثر من 400 حالة سوء أوضاع احتجاز، و28 حالة وفاة داخل مراكز الاحتجاز، وأكثر من 120 حالة تعذيب، ما يدلل أكثر على أن الأمر لا يعدو كونه محاولة للتجميل لا لعلاج الانتهاكات المستشرية داخل مقار الاحتجاز والسجون في مصر.
كما أشارت المنظمات والحملات إلى أنه من ضمن الخدمات التي تتفاخر الداخلية المصرية بتقديمها في السجن الجديد؛ خدمة تجديد الحبس الاحتياطي للنزلاء وعروض النيابة إلكترونيا، والتي تتعارض مع مبادئ المحاكمة العادلة التي تعد ركيزة من الركائز الأساسية لحقوق الإنسان في النظام العالمي، وتضرب استقلالية القضاء المصري في مقتل.
وأضافت المنظمات والحملات أنه من خلال ذلك النظام، سيجرى عقد جلسات المحاكمة وتجديد الحبس داخل مقر السجن بشكل غير مباشر، وحينها سيكون المتهم خاضعًا للسلطة التنفيذية، ما يفتح الباب لتعرضه إلى مزيد من الانتهاكات، كما أنه سيكون بعيدًا عن أعين أي رقابة قضائية، فالقاضي لن يرى إلا ما تريد السلطة التنفيذية أن تريه إياه من خلال الكاميرا فقط، كذلك سيفتقد النزيل حقه في الدفاع.
ووفقا للمصدر نفسه، فإنّ افتتاح ذلك السجن الجديد في وادي النطرون تزامن مع إلغاء قانون الطوارئ، وهي خطوات تحاول من خلالها السلطات في مصر تخفيف الضغط الدولي عليها في ملف حقوق الإنسان، الذي يمثل عامل تهديد للعديد من الشراكات الاستراتيجية والاقتصادية مع العديد من العواصم العالمية والغربية.
وشددت الحملات والمنظمات على أن السلطات المصرية نسيت أو تناست أن حال مقار الاحتجاز والسجون بمصر لن ينصلح بافتتاح سجن جديد، حتى وإن كان مجهزًا بكل تلك التجهيزات فعليًا، بل سينصلح بأن يكون هناك وضع حد لظواهر الاحتجاز التعسفي، والاحتجاز المطول - الذي يصل إلى سنوات - قبل المحاكمة، والاعتقال المتجدد.
وكذا وضع حد لظاهرة التعذيب داخل مقار الاحتجاز والسجون، والتوقف عن محاولات إخفاء هذه الظاهرة الممنهجة، وفتح تحقيقات شفافة ونزيهة وفعالة لمحاسبة المسؤولين عنها، وضمان وصول الضحايا إلى سبل الإنصاف الكافية، وكذا ضمان تعويضهم بالتعويض المناسب.
وجددت الحملات والمنظمات تأكيدها أن مصر لا تحتاج لبناء المزيد من السجون ومقار الاحتجاز فيها، ولكنها تحتاج لفتح صفحة جديدة بين النظام والمواطن، قائمة على بناء وتعزيز قدرات المواطن لا بناء دور عقابية جديدة.
كما دعت وزارة الداخلية المصرية إلى الكفّ عن سياسة التجاهل والتلميع، واعتماد سياسة جديدة قائمة على الشفافية والوفاء بالوعود ف ما يخص الجانب الحقوقي للمحتجزين لديها، وتوفير ظروف معيشية وصحية جيدة لكافة المحتجزين، بلا تفرقة بينهم تبعًا لانتماءات سياسية أو حزبية ضيقة، والتعامل معهم جميعًا من الناحية الحقوقية والإنسانية والقانونية فقط.
المنظمات الموقعة هي حملة المادة 55 - كوميتي فور جستس، والمؤسسة العربية للحقوق المدينة والسياسية – نضال، وحملة حقهم، وهيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، ومنصة صوت الزنزانة، والمركز المصري للحق في التعليم، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي.