مقاهي تونس... رمضان من دون قيود كورونا

24 مارس 2022
لا غنى عن النرجيلة (الشاذلي بن إبراهيم/ Getty)
+ الخط -

خلال شهر رمضان المقبل، لن تغلق مقاهي تونس أبوابها، كما جرى خلال العامين الماضيين، بسبب تفشّي فيروس كورونا الجديد. وبدأ أصحاب المقاهي يستعدون لأهم موسم بالنسبة إليهم، من أجل تأمين خدمة جيدة للزبائن الذين هجروا المقاهي الشعبية بسبب الجائحة، على مدى عامين متتاليين.
وتسعى المقاهي إلى تقديم الخدمة الأفضل للزبائن واستقطابهم من جديد، بعدما اعتاد الناس على نمط حياة مختلف خلال كورونا. وتبدأ التحضيرات في وقت مبكر من شهر شعبان، بطلاء المقاهي وصيانة الكراسي والطاولات، وتجديد الأواني المعدّة لتقديم المشروبات بمختلف أنواعها والحلويات، بالإضافة إلى شراء كميات جديدة من ورق اللعب الأكثر شعبية في ليالي رمضان.
يقول مهدي المناعي، وهو صاحب مقهى شعبي في أحد أحياء مدينة أريانة في ضواحي العاصمة تونس، إن شهر رمضان يُعد الأهم بالنسبة لأصحاب المقاهي والزبائن، مشيراً إلى أن الاستعدادات هذا العام سيكون لها طعم خاص، بعد عامين من الإغلاق وحظر التجول ليلاً وتقييد العمل من جراء كورونا. ويقول لـ "العربي الجديد" إن المقاهي تستعد هذا العام لولادة جديدة خلال شهر رمضان، موضحاً أن أعمال الصيانة التي يقومون بها في محلاتهم تجعلها أكثر جاذبية للزبائن.

بيئة
التحديثات الحية

ويوضح المناعي أن أصحاب المقاهي ينفقون مبالغ مالية كبيرة استعداداً لشهر رمضان، حيث يتم طلاء المحلات وصيانة الكراسي والطاولات، بإصلاح القديم منها وشراء أو تأجير طاولات أخرى، بهدف زيادة طاقة استيعاب المقاهي. وقد يتطلب الأمر شراء جهاز تلفاز جديد من أجل توفير شاشات جيدة لمتابعة المسلسلات الرمضانية أو مباريات الدوري الأوروبي التي تحظى بنسب مشاهدة عالية من قبل جماهير الكرة التونسية.
وتتعلّق الترتيبات الأهم بالنسبة للمقاهي بـ "بيت الشيشة" وشراء نراجيل جديدة، وتأمين كميات كافية من الفحم وغير ذلك، لتلبية رغبات الزبائن، خصوصاً أن النرجيلة في رمضان تتحوّل إلى "هواية" حتى لغير المدخنين. يضيف أن طلبيات شراء "المعسّل" تتم في وقت مبكر، كما يحرص أصحاب المقاهي على شراء أجود الأصناف، بالإضافة إلى اقتناء أصناف جيدة من ورق اللعب. ويأمل أن يمحو رمضان هذا العام ما راكمه أصحاب المقاهي من خسائر على مدى عامين متتالين، نتيجة الإغلاق بسبب كورونا، ومنع النرجيلة وورق اللعب، وخفض طاقة استيعاب المحلات إلى أقل من 50 في المائة.

في أحد مقاهي تونس (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
في أحد مقاهي تونس (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

ويقول إن "الفيروس أصبح من الماضي، ولا بد أن يعود النشاط إلى المقاهي بشكل عادي"، مرجّحاً ألا تصدر السلطات الصحية أية قرارات تقيّد عملهم مستقبلاً.
وعلى مدى عامين متتاليين، عاش التونسيون في ظل القيود والإغلاق ومنع التجوّل الليلي في شهر رمضان، ما أدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة، الأمر الذي استدعى تدخلاً حكومياً لمساعدة العاملين في القطاع الخدماتي، الذين حصلوا على منح مالية لمجابهة البطالة القسرية. وتساهم صيانة المقاهي قبل رمضان في خلق حركة تجارية، وتؤمّن عائداً مالياً جيداً لأصحاب الصناعات التقليدية الذين يوفرون الأواني النحاسية والأثاث والنرجيلة، وقد عانى هؤلاء أيضاً خلال فترة تفشي كورونا.
وتعمل المقاهي في رمضان لأكثر من 10 ساعات متواصلة يومياً، وتفتح أبوابها قبل ساعة أو ساعتين من موعد الإفطار، من أجل القيام بأعمال التنظيف وترتيب الكراسي والطاولات وإعداد الشاي وتشغيل آلات القهوة. ويُعرف التونسيون عموماً بإقبالهم الشديد على المقاهي مباشرة بعد الإفطار لتناول المشروبات الساخنة وتدخين النرجيلة ولعب الورق، ويبقون حتى ساعات متأخرة من الليل. وتقدم بعض المقاهي وجبات السحور.
وتضرر قطاع المقاهي والمطاعم في تونس بشكل كبير، من جراء الإجراءات المتخذة لمواجهة كورونا، التي بدأت بفرض الإغلاق، ثم تحديد ساعات العمل وبطاقة استيعاب لا تتجاوز 30 في المائة. واضطر نحو 2000 مقهى إلى إغلاق أبوابها بعد إعلان إفلاسها وتسريح العمال.

وتشغل المقاهي التونسية نحو 20 ألف تونسي، وهو رقم يزيد وينخفض بحسب نشاط القطاع. ويُعد شهر رمضان من أكثر الأشهر التشغيلية في هذه المحلات. ومع فرض حظر التجول الليلي على مدى عامين، وجد أصحاب المقاهي والمطاعم أنفسهم مجبرين على إغلاق محلاتهم، ليعيشوا ظروفاً اقتصادية صعبة وخوفاً من المستقبل. في هذا الإطار، يعتبر كثيرون أن شهر رمضان المقبل هو بمثابة ولادة جديدة للقطاع الذي يصنف من بين أكثر القطاعات تضرراً من الجائحة.

المساهمون