مستويات أزمة الجوع في السودان... وهذا ما تعنيه المجاعة في دارفور

01 اغسطس 2024
في مخيم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور، السودان، فبراير 2024 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تأثير الحرب على الأمن الغذائي**: الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 إبريل/نيسان 2023، تسببت في أزمة جوع متفاقمة، حيث يواجه نحو نصف سكان السودان جوعاً في مستوى الأزمة، مع مجاعة مؤكدة في مخيم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور.

- **معايير تصنيف المجاعة**: تُقيَّم المجاعة بناءً على التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الذي يتطلب نقص حاد في الغذاء وسوء تغذية حاد للأطفال، وقد يؤدي إلى اتخاذ إجراءات دولية رغم معارضة الجيش السوداني.

- **الأزمة الإنسانية**: الحرب أدت إلى نزوح داخلي لأكثر من 10.7 ملايين شخص وفرار 2.3 مليون آخرين، مع انهيار النظام الصحي وتعطيل الزراعة والاقتصاد، مما يزيد من صعوبة الحصول على الغذاء والموارد الأساسية.

خلصت لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعومة من الأمم المتحدة، اليوم الخميس، إلى أنّ الحرب في السودان تسبّبت في مجاعة بمخيم للنازحين في ولاية شمال دارفور غربي البلاد، وأنّ ظروفاً مماثلة ربّما تعاني منها أماكن أخرى من المنطقة. وتأتي هذه النتائج في غمرة أزمة جوع متفاقمة في أنحاء مختلفة من السودان بسبب الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 إبريل/نيسان 2023.

ما هي المجاعة؟ ومن يؤكدها؟

تُقيَّم المجاعة بناءً على التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مبادرة تضمّ أكثر من 12 وكالة تابعة للأمم المتحدة وهيئات إقليمية وجماعات إغاثة. والتصنيف هو النظام العالمي الرئيسي لقياس مدى شدّة الأزمات الغذائية. وأقصى تحذيراته هو المرحلة الخامسة التي تتألّف من مستويَين: الكارثة والمجاعة.

والشروط اللازمة لإعلان حالة المجاعة في منطقة هي أن يعاني 20% على الأقلّ من السكان من نقص حاد في الغذاء، وأن يعاني 30% من الأطفال من سوء التغذية الحاد، وأن يؤدّي الجوع أو سوء التغذية والمرض إلى وفاة شخصَين من بين كلّ 10 آلاف يومياً. وإذا توصّلت مبادرة التصنيف أو أحد شركائها إلى أنّ منطقة واحدة على الأقلّ تعاني من مجاعة، تُنشَّط لجنة مراجعة المجاعة التي يقودها ما يصل إلى ستة خبراء.

ومنذ بدء العمل بنظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أُعلنت المجاعة في أجزاء من الصومال في عام 2011 وفي مناطق من جنوب السودان في عام 2017.

ماذا يعني تصنيف المجاعة؟

لا يؤدّي تصنيف المجاعة إلى أيّ استجابة رسمية، لكنّه يستطيع لفت الانتباه العالمي وتركيزه. ويقول خبراء ومسؤولون في الأمم المتحدة إنّ تصنيف المجاعة في حالة السودان قد يؤدّي إلى اتّخاذ إجراءات، من بينها قرار من مجلس الأمن يمنح الوكالات القدرة على تقديم الإغاثة عبر الحدود، من قبيل قرار صدر بشأن سورية في عام 2014.

لكنّ القرار قد يتعرّض لحقّ النقض (الفيتو)، وقد يبدي الجيش معارضته لتصنيف البلاد "في حالة مجاعة" خوفاً من فقدان السلطة التي تمكّنه من السيطرة على حدوده. وقال مسؤولان من الأمم المتحدة في السودان لوكالة رويترز إنّه ما دامت الحكومة المدعومة من الجيش تشغل مقعداً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فسوف يتعيّن على وكالات الأمم المتحدة طلب موافقتها احتراماً لمبدأ سيادة الدولة.

وقد تتعقّد جهود إرسال المساعدات بسبب سيطرة قوات الدعم السريع على إقليم دارفور في غرب السودان. ويرى خبراء أنّ أيّ مهمة إغاثة سوف تحتاج إلى قوة دولية لفتح ممرّ إنساني.

ما هو التقييم الحالي في السودان؟

تفيد نتائج نشرتها لجنة مراجعة المجاعة، اليوم الخميس، بأنّ مخيم زمزم للنازحين سوف يظلّ يعاني على الأرجح من ظروف المجاعة حتى أكتوبر/ تشرين الأول على الأقلّ. أضافت اللجنة أنّها حصرت استنتاجاتها على مخيم زمزم بسبب قلة البيانات وطبيعة الطلب المكلّفة به.

أضافت اللجنة أنّ "من المحتمل أن تعاني مناطق أخرى من السودان، في إقليم دارفور أو في مواقع أخرى، من المجاعة، وسوف تظلّ معرّضة لخطر المجاعة مع استمرار الصراع ومنع الوصول إلى المساعدات الإنسانية".

وسبق أن خلص التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أنّ نحو نصف سكان السودان البالغ عددهم 50 مليون نسمة يواجهون جوعاً في مستوى الأزمة. وأوضح في يونيو/ حزيران الماضي أنّ نحو 755 ألفاً و262 شخصاً، من بينهم الذين يقطنون في مخيم زمزم، يواجهون مستويات "كارثية" من الجوع وأنّ خطر المجاعة يلوح في 14 موقعاً في البلاد.

ما مدى خطورة الأزمة الإنسانية في السودان؟

تُعَدّ الأزمة الإنسانية في السودان واحدة من أسوأ الأزمات من نوعها في العالم. وقد انتشرت الحرب في المناطق المدنية، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، الأمر الذي أدّى إلى إصابة المدنيين في تبادل لإطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وفي منطقة دارفور غربي السودان، تواجه قوات الدعم السريع وحلفاؤها اتهامات بالتطهير العرقي لكنّها تنفي ذلك.

وتمخّض الصراع في السودان عن أعداد من النازحين داخلياً أكبر من أيّ دولة أخرى. وأفادت المنظمة الدولية للهجرة بأنّ نحو 10.7 ملايين فرّوا من ديارهم، من بينهم 7.9 ملايين فرّوا في أثناء الحرب الحالية. وقد لجأ 2.3 مليون آخرون إلى الدول المجاورة منذ منتصف إبريل/ نيسان من عام 2023، واستقبلت كلّ من تشاد وجنوب السودان ومصر مئات آلاف اللاجئين.

وتحذّر منظمة الصحة العالمية من أنّ النظام الصحي في السودان على حافة الهاوية، إذ لا يعمل إلا ربع المرافق الصحية في المناطق الأكثر تضرراً من الحرب، ويحتاج نحو 15 مليوناً إلى مساعدة صحية عاجلة للبقاء على قيد الحياة.

ما سبب خطورة الوضع الشديدة؟

قبل اندلاع القتال، كان السودان يعاني بالفعل بسبب العقوبات والعزلة في عهد الرئيس السابق عمر البشير. وبعد إطاحته في عام 2019، عانت البلاد من اضطرابات سياسية وركود اقتصادي.

ومنذ اندلاع الحرب، تشكو وكالات الإغاثة من أنّها تواجه مشكلات لوجستية وأمنية وبيروقراطية هائلة. وقد اتّهمت الجيش بمنع المساعدات الإنسانية وقوات الدعم السريع بنهبها في المناطق التي تسيطر عليها، في وقت نفى الجانبان عرقلة العمليات الإنسانية. وحاول متطوّعون محليون سدّ هذه الفجوة، لكنّ جهودهم تقابَل بريبة في الغالب، وقد تعرّضوا للاستهداف أو واجهوا صعوبة في جمع التبرّعات.

وأشاع القتال اضطرابات شديدة في الزراعة التي يعتمد عليها معظم السكان في دخلهم. وإلى حين توفّر الغذاء، يجد السكان صعوبة في شرائه. فقد انهارت المصارف، الأمر الذي جعل كثيرين يعتمدون على المدفوعات عبر الهواتف المحمولة التي تعطّلت بسبب انقطاع التيار الكهربائي، كذلك فإنّ قسمة العملة انخفضت بسبب التضخم.

(رويترز)