دراسة في "ذا لانسيت": يمكن تجنّب الخرف عبر الوقاية من 14 عامل خطر

01 اغسطس 2024
صورة تعبيرية عن الخرف يظهر فيها كبير في السنّ، 5 يناير 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **أهمية الوقاية في مكافحة الخرف**: الوقاية تلعب دوراً مهماً في تقليل حالات الخرف بين كبار السن، حيث يمكن تجنب ملايين الإصابات من خلال التركيز على عوامل مؤثرة مثل التدخين والتلوث.

- **عوامل الخطر المرتبطة بالخرف**: الدراسة حددت 14 عامل خطر، منها انخفاض مستوى التعليم، فقدان السمع، الاكتئاب، إصابات الرأس، الخمول البدني، داء السكري، التدخين، ارتفاع ضغط الدم، البدانة، استهلاك الكحول المفرط، العزلة الاجتماعية، وتلوث الهواء.

- **التحديات والآمال المستقبلية**: على الرغم من الموافقة على علاجين جديدين لمرض ألزهايمر، إلا أن تأثيرهما محدود. الباحثون يفضلون التركيز على الوقاية، مع وجود تحديات في تحديد العلاقة المباشرة بين عوامل الخطر والخرف.

بيّنت دراسة حديثة أنّ ثمّة دوراً مهمّاً تؤدّيه الوقاية في ما يخصّ أمراض الخرف لدى كبار السنّ، وقد أشارت إلى إمكانية تجنّب ملايين الإصابات من خلال التركيز على عوامل مؤثّرة من قبيل التدخين أو التلوّث، مع العلم أنّ الوقاية لا فائدة منها في عدد كبير من الحالات. وتوصّلت الدراسة التي نُشرت نتائجها في مجلة "ذا لانست" الطبية أمس الأربعاء، إلى أنّ "الوقاية ضدّ الخرف لها إمكانات كبيرة".

ويعاني عشرات الملايين من البشر في مختلف أنحاء العالم من الخرف، وبحسب التوقّعات التي أُشير إليها في الدراسة المنشورة في "ذا لانست"، فإنّ 153 مليون شخص سيتعايشون مع الخرف بحلول عام 2050. يُذكر أنّ مرض ألزهايمر يُعَدّ أشهر أنواع أمراض الخرف وأكثرها انتشاراً، وهو يتسبّب عموماً بتدهور دائم في ذاكرة المرضى، وكذلك في قدرتهم على التحدّث.

وترمي الدراسة، التي تجمع أحدث المعارف بشأن هذا الموضوع، إلى أن تكون مرجعاً. وهي تأتي في أعقاب تقرير سابق نُشر في عام 2020، سبق أن شدّد على أهمية الوقاية. وأشار الباحثون، آنذاك، إلى أنّ 40% من حالات الخرف كانت مرتبطة بـ12 عامل خطر ذات طبيعة مختلفة جداً. وعوامل الخطر الاثنا عشر هي انخفاض مستوى التعليم، وفقدان السمع، والاكتئاب، وإصابات (صدمات) في الرأس، والخمول البدني، وداء السكري، والتدخين، وارتفاع ضغط الدم، والبدانة، واستهلاك الكحول المفرط، والعزلة الاجتماعية، وتلوّث الهواء.

وفي ضوء أحدث الأبحاث، أُضيف عاملا خطر جديدان هما فقدان البصر وارتفاع نسبة الكوليسترول. وأكّد معدّو الدراسة "إمكانية تجنّب نحو نصف حالات الخرف من خلال التنبّه إلى 14 عامل خطر". ويأتي هذا التركيز على الوقاية فيما لا يزال الخرف يفتقر إلى علاج دوائي فعّال، على الرغم من عقود من الأبحاث في هذا الخصوص.

ومنذ عام 2023 الماضي، وافقت الإدارات الصحية المعنية في الولايات المتحدة الأميركية على علاجَين لمرض ألزهايمر، هما "ليكانيماب" من مختبرات "بايوجن" و"دونانيماب" من شركة "إيلاي ليلي". ويكافح هذان العقاران تكوّن لويحات الأميلويد في الدماغ، التي تُعَدّ إحدى الآليات الرئيسية للمرض. لكنّ تأثيرهما يبقى متواضعاً مقارنة بالآثار الجانبية الخطرة وتكلفتهما العالية. وبخلاف السلطات الصحية الأميركية، رفض الاتحاد الأوروبي السماح بطرح عقار "ليكانيماب" في الأسواق، في الأسبوع الماضي، في حين أنّ الإجراءات المتعلقة بـ"دونانيماب" ما زالت معلّقة.

وفيما يأمل عدد من الباحثين أن يمهّد عقارا "ليكانيماب" و"دونانيماب" الطريق أمام علاجات أكثر فعالية، يفضّل آخرون التركيز على الوقاية بدلاً من الأمل بالعلاجات. ويشير الطبيب مسعود حسين، المتخصص في الأمراض العصبية، في حديث إلى "المركز الإعلامي للعلوم" في بريطانيا، إلى أنّ مكافحة عوامل الخطر "قد تكون مربحة أكثر بكثير من ابتكار علاجات موضعية تَبيّن الآن أنّها مخيّبة للآمال".

يُذكر أنّ الأطباء المتخصصين في الأمراض العصبية، الذين لا يتناولون كثيراً مسألة الوقاية، تلقّوا الدراسة المنشورة في مجلة "ذا لانست" بإيجابية. ودعا عدد منهم إلى الأخذ بالاعتبار إمكانية العمل على نصف حالات الخرف من خلال اتّخاذ تدابير مبكرة.

ويثير عدد من النقاط المنهجية الحذر. ففي البداية، يقرّ معدّو الدراسة أنفسهم بعدم إمكانية الجزم بأنّ عوامل الخطر المشار إليها والبالغ عددها 14 عاملاً تتسبّب في طريقة مباشرة بالخرف، ويتساءلون: "أليس الخرف مثلاً سبباً للاكتئاب؟". كذلك، من الصعب فصل عوامل معيّنة عن أخرى، حتى لو حاول المعدّون دمج هذه الفكرة في حساباتهم. على سبيل المثال، ثمّة ارتباط بَيْنيّ يجمع الاكتئاب والعزلة، أو تعاطي التبغ وارتفاع ضغط الدم. وتشير الدراسة إلى الدمج بين التوصيات الفردية من قبيل وضع خوذة رأس على الدراجة، وتلك الجماعية من قبيل إتاحة أوسع للتعليم.

ويقول طبيب الأعصاب تشارلز مارشال لوكالة فرانس برس: "لدينا في الأساس برامج للصحة العامة ترمي إلى الحدّ من التدخين وارتفاع ضغط الدم"، متسائلاً: "فما الإضافي الذي يمكننا تقديمه في هذا الشأن؟". كذلك يحذّر باحثون، من دون أن يدحضوا نتائج الدراسة المنشورة في "ذي لانست"، من القراءة الخاطئة للنتائج التي قد تجعل مرضى يشعرون بالذنب، إذ تجعلهم يظنّون أنّهم مسؤولون عن إصابتهم بالخرف. من جهتها، تقول الطبيبة تارا سباير جونز، المتخصصة في الأمراض العصبية، لوكالة فرانس برس: "من الواضح عدم القدرة على تجنّب حالات خرف كثيرة"، مشيرة إلى أسباب وراثية لأنواع عديدة من هذا المرض.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون