يحتفظ الفلسطينيون الذين نزحوا بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بمفاتيح منازلهم المهدمة أو المنهارة ويعتبرونها رمزاً لخسارتهم، في تقليد يضرب بجذوره في التاريخ ويعود للتهجير الجماعي للفلسطينيين في نكبة 1948.
ومعظم سكان غزة لاجئون أو من نسل لاجئين فروا أو طُردوا من منازلهم في أثناء نكبة 1948.
وتنتقل مفاتيح المنازل التي فقدت في 1948 من جيل إلى جيل في بعض الأسر اللاجئة، في تمسك بحقهم في العودة، الذي يمثل إحدى أهم القضايا الشائكة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
والآن، تكتسب مفاتيح المنازل التي تعرضت للقصف في الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي معنىً رمزياً.
وفي هذا الإطار، قال حاتم الفراني، الذي لجأ إلى خيمة في رفح بجنوب غزة مع عائلته: "التاريخ يعيد نفسه. جدي حمل المفتاح وبده يرجع تاني، أنا اليوم حملت المفتاح (على أمل) إني أرجع لشقتي أنها تكون تمام لكن يعوض الله علينا".
وفي أثناء الهدنة التي استمرت أسبوعاً في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تلقى الفراني صوراً لمنزل أسرته، وهو شقة في مبنى سكني كان يقطن فيه مع والديه وأشقائه في مخيم جباليا في شمال غزة. وأظهرت الصور أن المبنى تعرض للتدمير. وتابع الفراني: "اليوم أنا عمري 44 سنة... بدي أبدأ حياتي من جديد وأبني بيتاً جديداً".
سوّت الحرب الكثير من أنحاء القطاع بالأرض، وسبّبت تشريد الغالبية العظمى من سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، فضلاً عن انتشار الجوع والأمراض على نطاق واسع.
أسر في غزة تتمسك بالعودة رغم تدمير منازلها
يواجه حسين أبو عمشة الوضع نفسه. ويقيم هو وعائلته في خيمة في رفح. وفي أثناء الهدنة تلقى تسجيلاً مصوراً يظهر فيه منزله في بيت حانون في شمال شرق غزة وقد تعرض للقصف.
ووقف مُمسكاً في يده مفتاحاً معلقاً في حلقة مفاتيح مصنوعة من عملة كُتب عليها "فلسطين" يقول إنها ترجع إلى فترة الانتداب البريطاني قبل النكبة وإعلان قيام دولة إسرائيل.
وأوضح أن "المفتاح يعني لنا كلنا الوطن والواحد بدون وطن ما بيعيش ولا له مأوى تاني خلفه، وبنتمنى لو نعود تاني ولو خيمة فوق البيت مكان وطننا هناك".
ويسترجع محمد المجدلاوي، الذي نزح من منزله في مخيم الشاطئ في شمال غزة، ذكريات جده وهو يريه مفتاحاً قديماً ويقصّ ذكرياته عام 1948. والآن وجد نفسه يخوض تجربة مماثلة.
ومضى قائلاً: "إيش عملت لإسرائيل لما أنت دمرت بيتي؟ لما ولاد العالم كلها تعيش في رفاه يعني وولادنا يعيشوا بذل ويقعدوا ويموتوا ويمرضوا بهالسقعة؟".
وفي الضفة الغربية، حيث تنتشر مخيمات لاجئين فلسطينيين تعود إلى عام 1948، يمكن مشاهدة مفاتيح عملاقة في أماكن متفرقة، وهي جزء من التجسيد الأيقوني للنزوح الذي يفهم جميع الفلسطينيين وداعموه قضيتهم معناه.
وفي هذا السياق، قال محمد سعيد، مدير المكتب الإعلامي للجنة تدير مخيم قلنديا للاجئين بين القدس ورام الله، إن "المفتاح يرمز إلى حق العودة، يرمز إلى تمسك اللاجئين بحق العودة إلى بيوتهم التي هجروا منها في سنة 1948. المفتاح الحقيقة له دلالات كثيرة، القضية ليست قضية مفتاح، المفتاح مادة معدنية تصنعها في أي مكان، لكن بمجرد أن تتمسك بهذا المفتاح يعني أن لديك حلماً تسعى لتحقيقه".
(رويترز، العربي الجديد)